لم تكن الأرقام التي أوردتها مؤخرا جمعية الصناعيين اللبنانيين بالتعاون مع وزارة المال مفاجئة لأصحاب المؤسسات الصناعية والخبراء الاقتصاديين، بسبب الصعوبات الكبيرة التي يعانيها القطاع أسوة بغيره من القطاعات الاقتصادية.
فالمؤشرات الصناعية أظهرت هبوط حجم الأعمال في القطاع الصناعي بين عامي 2012 و2015 بقيمة 1.8 مليار دولار، وتراجع من 10.5 مليارات عام 2012 إلى 8.8 مليارات عام 2015. ويعيد أصحاب الشأن هذه الأرقام المقلقة إلى جملة عوامل تبدأ بانخفاض الصادرات اللبنانية إلى الخارج، لاسيما بعد إقفال المعابر البرية الوحيدة التي تربط لبنان بالعالم الخارجي عبر سوريا. ويقول رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل إن انتقال العديد من الصناعات السورية إلى لبنان بعد الحرب وإغراق الأسواق بالسلع الأجنبية، أدى الى تضرر الصناعة اللبنانية بشكل كبير.
تكاليف الإنتاج
ولفت الجميل إلى زيادة أسعار النفط تسببت في ارتفاع تكاليف الإنتاج، وطرحما سماها رؤية اقتصادية اجتماعية تشمل عدة نقاط لتحفيز كل القطاعات وخلق حركة اقتصادية. وأوضح أن هذه الرؤية تقوم على الاستفادة من الطاقات اللبنانية، والبدء بالإصلاح الإداري والحد من الهدر، وتوسيع الحصانة الاجتماعية للعاملين في القطاعين العام والخاص، ومعالجة وضع اللاجئين والعمالة السورية في لبنان، إضافة إلى إطلاق الشراكة بين القطاعين العام والخاص وانطلاق العمل في مشاريع النفط والغاز.
وشدد الجميل على أهمية العمل على زيادة نسبة الصناعات اللبنانية في الاستهلاك المحلي مما يوفر استيراد ما بين ثلاثة وأربعة مليارات دولار سنويا، مطالبا بضرورة معالجة ارتفاع كلفة الإنتاج والشحن الخارجي، إضافة إلى تشجيع اللبنانيين في الخارج على استهلاك المنتوجات المحلية.
ودعا الحكومة إلى الطلب من المنظمات الإنسانية الدولية اعتماد المنتوجات اللبنانية في مساعداتها للنازحين السوريين في لبنان. كما أظهرت المؤشرات الصناعية إقفال نحو 388 مؤسّسة بين عامي 2012 و2015 من أصل 2365 مؤسسة كانت توظف نحو 78 ألف عامل.
تأثير الضرائب
من جهته، يقول رئيس غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل لبنان محمد شقير إن من أسباب تراجع القطاع الصناعي انتقال مصانع ورجال أعمال كليا أو جزئيا إلى خارج لبنان.
ويرى شقير أن ارتفاع أسعار اليورو تسبب في غلاء أسعار المواد الأولية المخصصة للصناعة، محذرا من أي زيادة في الضرائب على المؤسسات. واعتبر أن إقرار زيادة على رواتب العاملين في القطاع العام ستلحقه زيادة في القطاع الخاص، مما يجعلنا نترحم على ما تبقى من صناعات وطنية لكونه سيؤدي إلى ارتفاع إضافي في كلفة الإنتاج.
وإضافة إلى الأسباب الآنفة الذكر، أوضح الخبير الاقتصادي جوزف فرح أن الصادرات اللبنانية باتجاه أوروبا تبلغ نحو 300 مليون دولار سنويا، بينما تسجل وارادت لبنان من أوروبا أكثر من 6 مليارات دولار.
ولفت فرح إلى أن دولا مثل تركيا والصين تمارس في لبنان سياسة إغراقية، وأبدى اعتقاده بأن الحكومة تتجه إلى دعم القطاع الصناعي وستتخذ خطوات عملية بعد الانتهاء من إقرار الموازنة وخطة الكهرباء.