لا يكاد يمرّ أسبوع إلّا وتُذكر معلومات عن زيارات وفود دوليّة الى لبنان للإطلاع على أوضاعه ميدانياً، فلمَاذا كلّ هذا الإهتمام الدولي بلبنان، وما أسبابُ الحركة الديبلوماسية حوله وفي اتجاهه على نحو لافت؟ مصدر مشارك في الإتصالات الجارية يكشف لـ»الجمهورية» كواليس ما يحدث.لا يختلف اثنان على أنّ للدول الكبرى مصالحَ حيوية ذات أبعاد استراتيجية في لبنان، لكنّ هذا البلد ذات القدرات المتواضعة استطاع إبهارَ الدول الأكثر تطوراً، خصوصاً لجهة محاربته الإرهاب، فما هي العوامل التي فتّحت العيون الدولية عليه؟

كان لافتاً منذ فترة، الزيارات المتكرّرة لمسؤولين في أجهزة استخبارات غربية، خصوصاً الأميركية والأوروبية، إلى لبنان دورياً.

أحد أهم الأسباب التي تقف وراء اهتمام الغرب بالوضع المحلي، هو حرص أميركا على التأكد من أنّ مصالحها في لبنان بعيدة من الخطر، خصوصاً بعد الحديث عن الضغوط التي ستمارسها على إيران، وخوفها من أن يصبح لبنان ساحة حرب عن طريق «حزب الله»، ما يُعرّض مصالحها الديبلوماسية والاقتصادية والاستثمارات الأمنية والعسكرية التي وضعتها، من السلاح الذي قدمته الى برامج التدريب أكان للجيش أو للقوى الأمنية المختلفة للخطر.

أما السبب الثاني، فمتعلّق بمحاربة الإرهاب خصوصاً أنّ لبنان حضر اجتماعين للتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، كان آخرهما الاجتماع الذي عُقد الأسبوع الماضي في وزارة الخارجية، وتركيز أميركا على تشكيل لبنان محطة يُحتمل أن يهرب المسلّحون من سوريا إليها بحسب التحليلات، وهو ما عبّر عنه مسؤول إستخباري أميركي كبير عندما قال إنّ أمير «داعش» أبو بكر البغدادي طلب من عناصره الهاربين من الرقة والموصل، الانتقال الى لبنان واحتلاله ليفتحوا منفذاً على البحر.

لكنّ كلّ ذلك يبقى في إطار التحليل، إذ إنّ الوصول الى لبنان ليس سهلاً خصوصاً أنّ المناطق الفاصلة بينه وبين «داعش» ينتشر فيها جيش سوري، إضافة الى المساحة الكبيرة التي تفرض على الهاربين سلكها، فضلاً عن أنّ الإمكانات الإستخبارية اللبنانية والجهوزية العسكرية اللبنانية باتت على درجة عالية وهي النقطة الثالثة التي يهتم بها الأميركيون، حيث إنه يهمهم أن يشهدوا على كيفية استخدام الأسلحة التي يقدمونها الى لبنان، ومن هنا كانت زيارة رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس روبرت كوركر الى عرسال، وهو ما يحصل للمرة الأولى حيث يكون مسؤول أميركي كبير على الجبهة مع «داعش».

وما يزيد اهتمام الأوروبيين خصوصاً، بالوضع في لبنان، هو المخيمات الفلسطينية وتحديداً «عين الحلوة» كونه في منطقة تشكّل المنفذ اللوجستي لقوات الطوارئ الدولية المنتشرة في جنوب الليطاني، والتي تستخدم مطار بيروت لتبديل وحداتها، حيث تعتبر طريق صيدا المحاذية للمخيم حيوية لها، لكنها تعرضها للخطر.

أما الموضوع الآخر الذي يفتّح عيون الغرب على لبنان فهو التحقيقات مع الإرهابيين الذين يقعون في أيدي الأجهزة الأمنية اللبنانية، حيث يرى الغرب فيهم خيطاً لاكتشاف عمليات أخرى تُحضَّر، كما يهتمون لتوقيف أفراد نفّذوا عمليات ضد أجهزة أوروبية أو أميركية، وهنا يكمن سبب تركيزهم الدائم على معرفة هويات الموقوفين.

إذاً بقدراتٍ أقل من اللازم، استطاع لبنان من خلال جيشه الوقوف في وجه الإرهاب، من خلال رصده ومتابعته المستمرة لتحركاته، وتخطيطه الدقيق لصد هجماته، حيث نجح في أكثر من عملية في الحصول على تنويه أهم البلدان التي أرسلت وفوداً للإطلاع على كيفية إحباط الجيش للمخططات الإرهابية، لا سيما هجوم القاع في حزيران الماضي وعملية «الكوستا» منذ نحو شهرين.