فيما اللبنانيون منهمكون بمشاكلهم الداخلية وبفتح ملفات طابعها خلافي تعكس التباعد في وجهات النظر، تستمر اسرائيل في اتخاذ اجراءات احتياطية في مواجهة "حزب الله" وقد اعلن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو أمس بدء تشغيل نظام جديد لاعتراض الصواريخ اسمه "مقلاع داود"، رأى انه "قد يثني من يريدون مهاجمة اسرائيل عن القيام بذلك". وتقول اسرائيل إن "حزب الله" يملك أكثر من مئة الف صاروخ متوسط وقصير المدى، اضافة الى مئات الصواريخ البعيدة المدى القادرة على بلوغ القسم الاكبر من الاراضي الاسرائيلية.
اما في الداخل، فقد برز العرض العسكري لـ"حزب الله" ضد مروجي المخدرات ومتعاطيها في الضاحية الجنوبية كرسالة الى المؤسسات الامنية والسياسية أكثر منه خطوة فاعلة في اتجاه الهدف المعلن. واذ تناقضت المعلومات عنه من الحزب والبلديات والاهالي، شكك الناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي في تحقيقه الهدف المنشود اذ أفاد هؤلاء أ، الحراك تجنب الشوارع البؤر. وقد غابت التعليقات الرسمية على العرض منذ مساء الجمعة، بينما صدر موقف لافت عن وزير الداخلية نهاد المشنوق أمس قال فيه: "استعراض حزب السلاح مدان ومرفوض جملة وتفصيلاً وهو صفعة في وجه العهد وتحد لمنطق الدولة. لن نرد على هذا الاستعراض العسكري الا بمزيد من المواجهة مع هذا المنطق لصالح الدولة فقط". واضاف: "اننا سنتخذ الإجراءات التي يفرضها القانون منعاً لكل أفكار الامن الذاتي التي يرفضها اللبنانيون".
واذا كانت الامور عالقة في ملف قانون الانتخاب في انتظار "اسبوع الالام" الذي لا تبدو تباشير القيامة بادية في نهايته، فان التوتر السياسي على أشده، أقله في المواقف المعلنة، مستبقاً جلسة مناقشة الحكومة الخميس والجمعة المقبلين أمام مجلس النواب. وقد بدأ التوتر يتفجر في ملفات عدة طفا على سطحها ملف الكهرباء الذي شهد تطورات شد حبال. فقد انتهى الاسبوع الماضي على خلاف على البيان الذي أصدرته الامانة العامة لمجلس الوزراء عن مقررات جلسة مجلس الوزراء الخاصة بخطة الكهرباء والذي قالت فيه إنه تم الاتفاق على خطة الوزارة. ذلك ان قناة "NBN" اعتبرت "أنّ قرار مجلس الوزراء الذي نشر في الجريدة الرسمية حول خطّة الكهرباء مزوّر ومخالف لما تمّ الإتفاق عليه داخل الجلسة التي ناقشت الخطة". وهذا الأمر أكده أيضا وزير المال علي حسن خليل الذي قال إن "قرار مجلس الوزراء مختلف عما صدر عن الأمانة العامة حول خطة الكهرباء وسنقوم بالإجراءات القانونية اللازمة للتصحيح". وحذّر مستشار رئيس مجلس النواب علي حمدان من "ان الضبابية التي رافقت تفاصيل الخطة أثارت الكثير من علامات الاستفهام حولها"، وتحدث عن "تحوير في المهمة التي كلف القيام بها وزير الطاقة، إذ أن جوهر الموضوع هو العودة الى الحكومة في كل ما يتعلق ببنود الكهرباء والخطوات المقبلة التي ستتخذ".
لكن الأمانة العامة لمجلس الوزراء نفت ما ذكر واكدت أن القرار المتعلق بخطة الكهرباء "صدر وفقا لما قرره مجلس الوزراء"، وبغض النظر عما اذا كان القرار مزوراً أم لا، يجدر التذكير بما قاله وزير الاعلام ملحم الرياشي إثر الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من أن "الخطة أقرت في المبدأ وسيتم عرض تفاصيلها وما سيتم استدراجه من عروض للبواخر وللخطة الفوتوفولتية وما الى ذلك على مجلس الوزراء تباعا". كما أكد أنه "تم تكليف وزير الطاقة اتخاذ الاجراءات اللازمة واستدراج العروض واعداد المناقصات اللازمة وعرض كل مراحلها تباعا على مجلس الوزراء وفقا للقوانين والانظمة المرعية الاجراء".
وفيما تشير مصادر متابعة الى أن الرئيس ميشال عون رفع الجلسة بسبب سفره الى الاردن على أن يستكمل البحث في بنودها تفصيلاً في جلسات لاحقة لمجلس الوزراء، استندت الى كلام الوزير رياشي لتدحض ما صدر عن الامانة العامة لمجلس الوزراء من أنه تم الاتفاق على خطة الكهرباء، مشيرة في الوقت عينه الى أن ثمة فارقاً كبيراً بين عبارتي "موافقة مبدئية" و"اقرار خطة الكهرباء". وأشارت الى أن ثمة بنداً في الخطة يلحظ أن يوافق مجلس الوزراء عليها قبل 31 آذار الماضي إذ ورد فيها الاتي: "إقرار الخطة الإنقاذية بكل بنودها وخصوصاً التعديلات التي تقدمت بها شركة Karpowership على العقد الحالي قبل نهاية شهر آذار 2017، والسماح للشركة المذكورة بتنفيذ الأشغال والأعمال المطلوبة، على أن تستكمل الإجراءات اللازمة للاستحصال على التراخيص والمراسيم المتوجبة بشكل لاحق، وعلى سبيل التسوية، بغية إنجاز الأعمال البحرية والكهربائية المطلوبة وإتمامها في الموعد المحدد". وهذا يعني، استناداً الى المصادر نفسها، أن الاتفاق مع الشركات والبواخر قد أنجز قبل اقرار الخطة في مجلس الوزراء بما يرسم علامات استفهام حول المستفيدين منها و"الصفقات" التي تضمنتها، خصوصا أنها استندت الى عرض قدمته الشركة التركية "كارباورشيب" التي يستأجر منها لبنان حالياً باخرتي كهرباء ("فاطمة غول" و"أورهان بيه").
الى ذلك، لاحظت المصادر ان الخطة ستزيد الاعباء المالية على المواطنين بدليل ما لحظته من زيادة للتعرفة بدءاً من 2017/7/1 بنسبة 42,6% كمعدل وسطي على أساس سعر برميل النفط 60 دولاراً، وهذا الامر في رأيها يدعو الى الاستغراب خصوصاً أن تنفيذ الخطة يتطلب نحو 10 سنين لتأمين الكهرباء 24/24، بما يعني أن اللبنانيين لن يكونوا قادرين على الاستغناء عن مولدات الكهرباء أقله قبل خمس سنوات. ودعت الى التوقف عن تحميل المواطن تكاليف فشل المسؤولين في انقاذ القطاع والتركيز على كشف مزاريب الهدر والفساد فيه والذي كلف الخزينة أكثر من 16 مليار دولار منذ 2008.
من جهة أخرى، أبلغت مصادر مطلعة في مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان "النهار" ان كل ما روج له غير دقيق، فطلبات استدراج العروض للبواخر تنشر حالياً في الصحف، ليتم تقديم الطلبات والتعاقد مع شركة جديدة قبل حزيران المقبل لزيادة التغذية بمعدل 3 الى 4 ساعات يومياً مع الصيف، ويصار تالياً الى بدء رفع التعرفة لتسديد المتوجبات.