تحت عنوان "قرار بتكثيف العمليات الامنية الاستباقية بعيداً عن الاستعراضات" كتبت صحيفة "الديار": لا يخرج الإجتماع الأمني المُوسّع الذي عُقد في قصر بعبدا أمس برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وحُضور رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وعدد من الوزراء المعنيّين وقادة الأجهزة الأمنيّين، عن سياق القرار الذي إتخذ بعيدًا عن الإعلام مع إنطلاق العهد الجديد بضرورة التعامل مع الملفّات الأمنيّة بأسلوب جديد مُختلف عمّا كان يجري في المرحلة السابقة، لجهة التشدّد في موضوع ضبط الوضع الأمني وتعزيز الإستقرار الداخلي، عن طريق الإجراءات والمداهمات الإستباقيّة، وكذلك عن طريق إطلاق العديد من العمليّات الأمنيّة المدروسة بعيدًا عن الإستعراضات الإعلاميّة والتسويق السياسي، لما لهذه الأمور الشكليّات من أضرار على الأهداف المرسومة.


وعلى الرغم من تكتّم المصادر الأمنيّة عمّا إتخذ من قرارات خلال إجتماع أمس في قصر بعبدا، ورفضها الإفصاح عن القرارات التنفيذية والميدانية حفاظًا على فعاليّتها، إلا أنّ تقاطع المعلومات بين ما جرى تسريبه من أكثر من مصدر على صلة بالمُجتمعين، سمح برسم صورة واضحة عن القرارات التي إتخذت. وفي المعلومات أنّ قرارات حاسمة إتخذت على أكثر من صعيد، وأبرزها:

- أوّلاً: ضرورة العمل أكثر فأكثر على ضبط المعابر الحُدوديّة كافة، بدءًا بالحُدود البرّية للبنان مع سوريا، خاصة على مُستوى إستكمال خطّة إغلاق كل معابر التهريب غير الشرعي، حتى الصغيرة والمُصنّفة غير خطيرة منها، مرُورًا بالمعابر البحريّة لجهة تشديد عمل الضابطة الجمركيّة في الموانئ، وُصولاً إلى مطار بيروت الدَولي، لجهة العمل على رفع مُستوى التصنيف الدَولي للأمن فيه. وعُلم أنّ الجيش سيتسلّم قريبًا طائرات ومعدّات حديثة مختلفة سيَستخدمها في ضبط الحدود البرّية، منعًا لتهريب أيّ أشخاص إلى لبنان. كما أنّ دورات تدريبيّة ستُجرى لضباط وعسكريّين في السلك الأمني الرسمي، ومن بينها دورات لقوى الأمن الداخلي، مُخصّصة لتعزيز قُدرات الدولة على ضبط حُدودها البرّية وتحسين تعاملها مع أعمال التهريب بمختلف أنواعها. وفي ما خصّ المعابر البحريّة، فإنّ أسلوبًا جديدًا سيُعتمد في مُراقبة الحاويات المعدنيّة والمعدّات الثقيلة التي تدخل إلى لبنان. وبالنسبة إلى المطار فهو سيُحظى بدوره بمزيد من الإجراءات، إستكمالاً لمجموعة من الإجراءات الأمنيّة التي إستحدثت أخيرًا، بهدف إفشال المُخطّطات الرامية للنيل من مكانة المطار وسمعته، وكذلك بهدف مُكافحة كل أنواع التهريب، ومنع فرار أيّ مطلوب، ومحاولة كشف دُخول أيّ إرهابي مشبوه من قبل أيّ جهاز أمني خارجي.

- ثانيًا: ضرورة تعزيز التدابير الرامية إلى رصد "الخلايا النائمة" المُوزّعة على أكثر من مكان في لبنان، خاصة وأنّ عمليّات الرصد الإستخباري وعمليّات الدهم والإعتقال الإستباقيّة، أثبتت فعاليّتها في إفشال العديد من الهجمات الإرهابيّة التي كان من شأن حُصولها أن يوقع عددًا كبيرًا من الضحايا في صُفوف المدنيّين وأن يُلحق ضررًا كبيرًا بالإستقرار الداخلي، وأن يُشجّع بعض الجهات الخارجيّة على العمل أكثر فأكثر على زيادة العمليّات الإرهابية في لبنان. وجرى خلال إجتماع أمس، الإثناء على الجهود الجبّارة الجارية على غير صعيد من قبل الأجهزة الأمنيّة، والتأكيد على أهمّية الإستمرار بحملات الدهم المُفاجئة لإعتقال كل المطلوبين بمُذكرات توقيف، وكل المشبوهين بالضلوع بجرائم أو أعمال إرهابيّة، مع إعطاء الأوامر بتكثيف وتيرة هذه العمليّات الإستباقيّة.

- ثالثًا: ضرورة تشديد الإجراءات المُتخذة حول المخيّمات الفلسطينيّة وفي محيطها، لمنع وُصول المزيد من المُتشدّدين أو المزيد من الأسلحة والذخائر إلى داخل هذه المخيّمات، بالتزامن مع رفع مُستوى التنسيق الأمني مع القوى الفلسطينيّة التابعة لسُلطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وكذلك مع رفع مُستوى العمل الإستخباري مع قوى فلسطينيّة مُصنّفة مُعتدلة، لحثّ بعض المطلوبين للقضاء والفارين من العدالة على تسليم أنفسهم، وفي حال الرفض، للعمل على توقيفهم بكمائن إستخباريّة أو عن طريق الإستدراج إلى خارج المخيّمات.

- رابعًا: ضرورة عدم الإستهانة بالمطلوبين في أعمال جرميّة غير إرهابيّة، من السرقات المُنظّمة والسطو المُسلّح، مرورًا بالمُتاجرة ببيع المُخدرات والمَمنوعات، وُصولاً إلى التورّط في جرائم قتل وإطلاق نار، لما لهذه الأمور من ضرر كبير على هيبة الدولة، ومن تأثير معنوي على إستقرار المواطنين النفسي. وبعد الثناء على عمليّات الدهم والإعتقال التي تمّت في الأسابيع القليلة الماضية، من دون أن يسبقها تطبيل إعلامي كان يسمح في السابق بفرار المطلوبين للعدالة، جرى الإيعاز للسلطات والأجهزة المعنيّة بضرورة إستكمال هذه الحملات بشكل مُفاجئ بين الحين والآخر، لتأمين أفضل نتائج مُمكنة، خاصة وأنّ العديد من القوى السياسيّة المحلّية والفعاليّات العائليّة والعشائريّة، راغبة بالقضاء على هذه الظواهر الشاذة التي تُشوّه سمعة أبناء بعض المناطق اللبنانيّة، وتُعكّر صفو الإستقرار العام، وتتسبّب بتوتّرات طائفية ومناطقيّة.

- خامسًا: ضرورة تعزيز التنسيق الأمني بين مختلف الأجهزة المعنيّة، وتبادل المعلومات الإستخبارية، وتنسيق المُداهمات والدوريّات والحواجز الثابتة والطيّارة، لزيادة فعاليّة الإجراءات المُتخذة، ودائمًا في إطار الهدف المُشترك المُتمثّل بالحفاظ على الإستقرار الداخلي. وعُلم في هذا السياق، أنّه كان هناك تمَنّ شخصيّ من قبل رئيس الجُمهوريّة بضرورة التخلّص من روح التنافس بين بعض الأجهزة الأمنيّة والإستخباريّة، والعمل كوحدة أمنيّة مُشتركة، ولوّ متعدّدّة الرؤوس والهرميّات العسكريّة، وذلك لما فيه مصلحة أمن البلاد ومناخ الهدوء الذي ينعم به اللبنانيّون نسبة إلى ما يقع حول لبنان من مآسي.