تتزاحم عناوين الملفات المتحركة التي تفتح يوماً بعد يوم في حين يبقى ملف قانون الانتخاب "الثابت" الوحيد الذي يعصى على أي تحريك فعلي. ويبدو واضحا ان القصور الرسمي والحكومي والسياسي عن اجتراح حل وشيك لمأزق قانون الانتخاب يملي في المقابل ملء الوقت الضائع والمهل النافدة أمام استدراك الازمة الكبيرة التي تلوح معالمها في الافق الداهم بوتيرة متلاحقة من وضع ملفات أمنية واقتصادية وخدماتية على النار عقب اقرار مجلس الوزراء مشروع الموازنة واحالته على مجلس النواب والاقرار المبدئي "بالاحرف الاولى " لخطة الكهرباء التي تثير الكثير من الشكوك في متانتها وجدواها لبدء المعالجة الجذرية لأزمة الكهرباء على رغم الجهد الواسع الذي بذله وزير الطاقة والمياه سيزار أبو خليل امس لاقناع الرأي العام الداخلي بصوابيتها. أما مأزق قانون الانتخاب فيدور في حلقة مفرغة على رغم كل الايحاءات بامكان التوصل الى اختراق قبل منتصف نيسان. ولم يكن ادل على هذا الانسداد من تغريدة رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط مساء امس قائلاً: "لا يمكن القبول بمشروع انتخابي يقسم اللبنانيين ويلغي الشراكة والتنوع".
الحريري وخطة النازحين
في غضون ذلك، وان كان الاجتماع الامني الموسع الذي عقد امس في قصر بعبدا للمرة الاولى بعد اكتمال عقد التعيينات الامنية والعسكرية الواسعة قد شد الأنظار الى استحقاقات تترتب على لبنان على صعيد التعامل مع شروط دولية لتحصين صورة لبنان امنيا فان ذلك لم يحجب بروز استحقاق آخر لا يقل عنه اهمية وثقلاً على المستويين الداخلي والخارجي وهو ملف النازحين واللاجئين السوريين قبل انعقاد مؤتمر بروكسيل الاربعاء المقبل الخاص بأزمة اللاجئين. ويستعد رئيس الوزراء سعد الحريري الذي سيمثل لبنان في المؤتمر لانجاز الورقة اللبنانية التي تتضمن سياسة الحكومة حيال ملف النازحين السوريين والتي ينتظر ان تتضمن معطيات جديدة وفق خطة أعدها مجلس والانماء والاعمار في شأن حاجات لبنان والتزامات المجتمع الدولي حيالها وخصوصاً على صعيد البنى التحتية. ورأس الحريري في هذا السياق اجتماعاً أمس للبحث في هذا الملف حضره الوزراء والمستشارون والاداريون المعنيون وانجزت خلاله الورقة اللبنانية الى المؤتمر. ومعلوم ان الحريري سيبدأ الاثنين المقبل جولة اوروبية تبدأ بباريس حيث سيكون له لقاء وداعي مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قبيل الانتخابات الرئاسية الفرنسية وسيقلده هولاند وساماً رفيعاً جديداً. ثم ينتقل الثلثاء الى المانيا للقاء المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل ويتوجه على الاثر الى بروكسيل.
واعتبر الحريري أمس ان ازمة اللاجئين السوريين وصلت إلى "نقطة الانهيار" في لبنان، محذرا من ان "التوتر" بين اللبنانيين والسوريين يمكن أن يتحول إلى "اضطرابات مدنية". وخلال لقاء مع وسائل الإعلام الأجنبية في بيروت، كشف أنه سيقدم الى المجتمع الدولي الاسبوع المقبل خلال قمة حول سوريا في بروكسيل خطة تتضمن استثمارات. وقال إن لبنان الذي يستقبل أكثر من مليون لاجئ سوري مسجل اصبح "مخيما كبيرا للاجئين".
وأضاف: "لقد بلغت هذه القضية الذروة (...) نريد ان يصغي المجتمع الدولي الينا ويدرك أن لبنان يواجه أزمة ". واكد أن الوضع أكثر خطورة من أي وقت مضى، وخصوصاً على الصعيد الاجتماعي. واوضح في هذا الصدد انه "في معظم البلدات التي تستضيف اللاجئين، هناك توتر كبير بين اللبنانيين والسوريين ". ثم قال: "استقبل رؤساء بلديات (...) طلبوا مني التوصل الى وسيلة تسمح بترحيلهم الى سوريا. هذا شيء لن نفعله مطلقاً كحكومة لأننا نعرف المخاطر التي سيتعرض لها اللاجئون، لكن هذا يعكس مدى توتر الناس ".
وأعلن انه سيقدم إلى قمة بروكسيل "برنامجا على مدى خمس الى سبع سنوات (...) يلتزم خلالها المجتمع الدولي دفع مبلغ من 10 آلاف الى 12 الف دولار عن كل لاجئ من خلال الاستثمار في البنى التحتية" في لبنان.
وكمثال للضغوط، اكد الحريري ان تلامذة المدارس اللبنانية ارتفع عددهم من 200 الف الى 450 الفاً خلال ست سنوات. وقال "يجب على المجتمع الدولي أن يفعل شيئا، وإلا فان لبنان سيجد نفسه محشورا في نهاية المطاف. وقد تدفع هذه الازمة المستمرة اللاجئين الى عدم البقاء في لبنان". وشدد على أننا "لا نريد اتخاذ قرارات كما فعلت بلدان أخرى (...) فتحت أبوابها وتركت (السوريين) يذهبون الى أوروبا"، في إشارة إلى تركيا التي يقطنها قرابة ثلاثة ملايين لاجئ سوري.
وختم: "لا نريد ان نصل الى هذا" الامر.
الاجتماع الامني
اما الاجتماع الامني الموسع الذي انعقد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور الرئيس الحريري في بعبدا، فلم يكن مجرد لقاء أول للقيادات الامنية الجديدة التي عيّنت اخيراً، بل عَلَمت "النهار" ان تجاوزات واشكالات لها علاقة بالامرة والمرجعية والتنسيق حصلت في مطار بيروت بين الاجهزة الامنية المعنية بأمن المطار، وتحديداً بين قوى الامن الداخلي وجهاز امن المطار، مما استدعى الإسراع في العمل على معالجة هذه العلاقة في التعاون والتنسيق. لذلك، تركّز البحث خلال الاجتمإع على ضرورة التنسيق بين الاجهزة وخصوصاً في ضبط كل المعابر وفي تكثيف الاجراءات قبيل عيد الفصح، وتسهيل حركة الوافدين في هذه العطلة.
وقالت المصادر على ان التنسيق والتعاون بين الأجهزة حازا الاولوية في هذا الاجتمإع، الذي كان لافتاً فيه أيضاً مشاركة مسؤوليْ الجمارك، مع العلم ان وزير المال غاب عنه. وكشف وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد الاجتماع ان ثمة ضغوطا دولية كبيرة في مسألة أمن المسافرين والطائرات وخصوصاً من جانب الاتحاد الاوروبي وهناك مطالبات بمزيد من التفتيش والتدقيق والعمل على تحقيق الامن على مستوى عال.