تكتيكات عسكرية واستراتيجية جديدة ترافق القرار السياسي في عهد ترامب، والإدارة الأميركية تقر بيع اف - 16 للبحرين.
 

ترصد المراجع الدبلوماسية الدولية الأعراض العسكرية الأميركية التي تعكس سياسة البيت الأبيض الجديدة حيال منطقة الشرق الأوسط.

وتراقب هذه المراجع تصاعد الانخراط العسكري الأميركي المباشر في ميادين العراق وسوريا واليمن وأفغانستان، وترى أنه على الرغم من أن العنوان الرئيسي للتحولات العسكرية الأميركية الجديدة تأتي تجاوبا مع وعود الرئيس دونالد ترامب لمكافحة الجماعات الجهادية، إلا أن هؤلاء المراقبين يستنتجون بسهولة خططا أميركية عسكرية لتقويض النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

ولفتت أوساط أميركية مراقبة إلى عزم إدارة ترامب على الإفراج عن صفقة بيع طائرات عسكرية إلى البحرين. واعتبرت أن الأمر يمثل علامة من علامات التموضع الأميركي الجديد في المنطقة.

وقال مصدر في الكونغرس الأميركي، الأربعاء، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب أبلغت الكونغرس باعتزامها المضي في صفقة قيمتها نحو 5 مليارات دولار لبيع البحرين 19 مقاتلة من طراز إف- 16 من إنتاج شركة لوكهيد مارتن والمعدات المتصلة بها، وهي صفقة تقرر تعليقها العام الماضي بسبب مخاوف بشأن حقوق الإنسان.

وتشمل الصفقة التي تبلغ قيمتها 4.867 مليار دولار 23 محركا وأجهزة رادار وأنظمة إلكترونية أخرى وأسلحة جو- جو وجو-أرض ومعدات متصلة بها.

وتمثل الإشارة الأميركية باتجاه البحرين موقفا داعما للمنامة ضد التدخلات الإيرانية في شؤون البحرين. كما تمثل دلالة على تطور الموقف الأميركي في هذا الاتجاه منذ الزيارة الأخيرة التي قام بها ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن.

ويقول مسؤولون أميركيون إن البنتاغون يعتمد على تكتيكات عسكرية جديدة تعتبر تحولا في عملية اتخاذ القرار العسكري مقارنة بما كان معمولا به في عهد أوباما.

وتنقل صحيفة نيويورك تايمز عن قائد القيادة المركزية الوسطى الجنرال جوزيف فوتيل أن مقاربة جديدة توفّر للقيادات العسكرية الأميركية الميدانية رشاقة في الاستعانة بسرعة وفعالية بسلاح الجو دون المرور بتسلسل تراتبي طويل.

وقال فوتيل “أدركنا أن طبيعة الصراع في تغير، وعلينا التأكد من أن القرار يأتي من المستوى الحقيقي المتوفر في ميدان القتال”.

وترصد مراجع عسكرية دولية مستقلة عودة أميركية إلى شرق إيران من خلال تنامي الانخراط العسكري الأميركي في أفغانستان وتعتبره امتدادا للإرث الذي تركته إدارة أوباما في هذا الشأن، حيث يصل الوجود العسكري الأميركي هناك إلى أكثر من 8400 جندي أميركي وحوالي 6 آلاف آخرين ينتمون إلى حلف الأطلسي.

وترصد المراجع أيضا انخراط القوات الأميركية في منطقة النفوذ الإيراني في سوريا من خلال تكثيف تواجدها شمالا وقيامها مؤخرا بعملية إنزال لقوات تابعة لقوات سوريا الديمقراطية في إطار معركة الطبقة، وكذلك قيامها بالتدخل حول مدينة منبج لمنع أي احتكاك بين القوات التي يقودها الأكراد والقوات التركية أو الحليفة لها.

وتتوقع هذه المراجع انخراطا أكبر للقوات الجوية والبرية الأميركية في المعركة المقبلة لتحرير الرقة من داعش، بما يجعل التواجد الأميركي مهددا للنفوذ الإيراني هناك.

ويلاحظ المراقبون تصاعد الحضور العسكري الأميركي في معارك الموصل في العراق. كما يلاحظون طغيان القرار الأميركي على التبدلات التي لحقت بالتكتيكات العسكرية المعتمدة.

وينبه هؤلاء إلى أن الاستراتيجية الأميركية تتجاوز التفصيل العسكري الحالي وتتسق مع سعي واشنطن لسحب النفوذ الإيراني من العراق من خلال التواصل مع كافة مستويات العملية السياسية هناك بما في ذلك اللقاء الذي جمع الرئيس ترامب برئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي.

ويرصد المراقبون للشؤون اليمنية أن الطيران الأميركي شن في الشهر الأخير غارات بمستوى يفوق ذلك الذي تم خلال السنوات الماضية، لافتين إلى أن واشنطن حسمت أمرها في مقاربة الصراع اليمني في مواجهة القاعدة والتدخلات الإيرانية.

وقال قائد القيادة المركزية الأميركية في إفادة أمام مجلس الشيوخ مساء الأربعاء، إن جماعة “أنصارالله” (الحوثيين) نشرت في الساحل الغربي لليمن، وبدعم من إيران صواريخ ومنظومة رادارات وألغاما وقوارب متفجرات تم استقدامها عبر مضيق هرمز.

واعتبر المراقبون أن التركيز على قدرات الحوثيين لا تعدو أن تكون مقدمة ضرورية للإقدام على تطويق الدور الإيراني الداعم لهم.

وينقل عن مصادر دبلوماسية عربية حضرت القمة العربية في البحر الميت أن واشنطن تعيد تصويب خرائطها في المنطقة ورسم تحالفاتها على نحو يضعف النفوذ الإيراني خارجيا قبل التفرغ بعد ذلك لـ”الحالة” الإيرانية بعد الاتفاق النووي.

ويرى مراقبون إيرانيون مستقلون أن واشنطن ليست بصدد إلغاء اتفاق أصبحت له مفاعيل دولية، لكنها تود أن تكون لهذا الاتفاق مفاعيل رادعة تمنع طهران من تهديد الأمنين الإقليمي والدولي.

ويحذر روبرت مالي، أحد المسؤولين في إدارة أوباما ويشغل حاليا منصب نائب رئيس السياسات في مجموعة النزاعات الدولية، من أن تنامي الجهد العسكري منذ تنصيب ترامب رئيسا لا يتواكب مع خطط تستشرف ما بعد الانتصار على داعش.

ويقول في هذا الصدد إنه “من خلال التجربة نعرف أن أي نصر تحققه القوات الأميركية سيتبخر عند انسحاب هذه القوات”.

وتدعو مراجع دولية إلى مراقبة الدبلوماسية الأميركية التي تسعى إلى بناء تفاهمات كبرى في المنطقة من خلال اتصالات ترامب مع بعض زعماء المنطقة ولقاءاته بالعاهل الأردني، وولي ولي العهد السعودي، أو التي ستجمعه بالرئيسين المصري والفلسطيني، أو بزيارة وزير الخارجية ريكس تيلرسون إلى أنقرة ثم موسكو.