فيما تضيق خيارات الوصول إلى قانون انتخابي جديد، تتسع الهوّة بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله. ما كان خفياً، أصبح ظاهراً إلى العلن. في المعنى الضمني كان حزب الله المعارض الأول لكل الإقتراحات الانتخابية للوزير جبران باسيل، لكن الصيغة الأولى رفضت من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي قبل أن يرفضها الثنائي الشيعي، فيما الصيغتان الأخريان رفضهما حزب الله وحركة أمل علانية، وتم إبلاغ باسيل بالموضوع. حاول باسيل تلطيف الأجواء والإيحاء بأن حزب الله أبدى موافقة على إقتراحه لدى إطلاعه عليه، لكنه طالب بتعديلات بسيطة.
في المقابل، تنفي مصادر متابعة هذا الكلام جملة وتفصيلاً، وتؤكد أن باسيل أُبلغ بهذا الأمر بشكل مباشر، وبأن وفد الحزب أكد إنفتاحه على مناقشة كل الصيغ، بشرط أن تنطلق من وحدة المعايير. أما التعديلات التي اقتُرحت على صيغة باسيل، فكانت تصب في خانة إسقاطه نهائياً وإحداث تغيير جوهري وجذري فيه.
لا تخفي المصادر أن الأسلوب الذي يتبعه باسيل أصبح معروفاً، يريد استدراج الجميع إلى ملعبه. لذلك، يضغط في شتى السبل في سبيل ذلك، عبر إشاعة أجواء بأن إقتراحه مقبول، ولكن حين يأتي وقت الحقيقة، يتبين أن الصيغة مرفوضة من الجميع.
عملياً، وفق المصادر، مكمن الإشكال الحقيقي في مسألة إنتاج قانون جديد للانتخابات لدى التيار الوطني الحر، لأن باسيل يرفض كل الصيغ، ولا يريد إلا موافقة الآخرين على الصيغ التي تلائمه. عليه، يتسع الإنقسام حالياً، بين مطالب حزب الله باعتماد النسبية الكاملة، وبين إقتراحات باسيل وأفكاره التي يصفها البعض بأنها طائفية ومذهبية وتقسيمية.
هذا الخلاف القائم، تحرص مختلف الدوائر على عدم إشاعته، أو على الأقل تحرص على الفصل بين باسيل ورئيس الجمهورية ميشال عون. يسري الأمر على تيار المستقبل وعلى حزب الله أيضاً، إذ يعتبران أن توجهات عون تختلف عن توجهات باسيل، ويجب الفصل في المقاربة بين الرجلين. ولكن الأجواء تشير إلى أن المواجهة المباشرة مع باسيل لاتزال مؤجلة إكراماً لعون. وهذا ما كرره الرئيس سعد الحريري أكثر من مرّة أمام عدد من القيادات التي التقاها في الفترة الماضية.
وفي وقت ينتظر حزب الله موقفاً نهائياً من التيار الوطني الحر، بعد تمسّكه بالنسبية الكاملة، تلفت المصادر إلى أن الحزب يراهن على موقف رئيس الجمهورية الذي لن يرضى التمديد لعهده. بالتالي، سيعيد الأمور إلى نصابها لأجل التوافق على قانون نسبي. ويبدي الحزب إنفتاحه على النقاش في آلية توزيع الدوائر، ولا يمانع الدوائر المتوسطة. في المقابل، علمت "المدن" أن تيار المستقبل أجرى دراسة تفصيلية للنسبية على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة، وكانت النتائج مرضية للتيار الأزرق. بالتالي، أصبح يقتنع شيئاً فشيئاً بالنسبية، على أن يجري مزيداً من الدراسات حول الدوائر الأخرى التي قد يتم تقسيم لبنان على أساسها.
ووسط المراوحة الانتخابة التي لم تصل إلى أي نتيجة، بدأ الوقت يدهم الجميع، لإنجاز التوافق على القانون الجديد. وفيما من المتوقع أن يهرب الجميع في اتجاه الحكومة عبر طرح كل صيغ القوانين على طاولتها لأجل إقرار القانون، ولو اقتصى الأمر التصويت، فإن مصادر بارزة تستبعد ذلك، لأن عوامل التعطيل في الحكومة هي أكثر منها خارجها. بالتالي، ففي ظل عدم التوافق، لا يزال الخيار المتقدم الوحيد هو التمديد، بمعزل عن مدّته والعنوان الذي سيطلق عليه.