ووزير الخارجية جبران باسيل لم يأتِ على ذكر هذه الزيارة مع ايّ من المسؤولين الاميركيين الذين التقاهم خلال زيارته الاخيرة لواشنطن مشاركاً في اجتماعات وزراء خارجية دول التحالف الدولي ضد «داعش».
وكذلك لم يتسنَّ لباسيل أيضاً الاجتماع بنظيره الاميركي ريكس تيلرسون شأنه شأن نظرائه العرب والأجانب الآخرين، إذ تبيّنَ أنه لم يكن لتيلرسون ايّ برنامج لقاءات مع أيّ من نظرائه على هامش اجتماعاتهم في العاصمة الأميركية.
إذ خشيَ الاميركيون من انّ ترتيب ايّ لقاء لوزير خارجيتهم مع ايّ من نظرائه ان يفتح عليه الباب لطلبات كثيرة للقاءات مع وزراء آخرين، فيما برنامج مواعيده ضاغط لا يسمح له بمثل هذه اللقاءات حالياً، فضلاً عن انّ الادارة ليست جاهزة للبحث في ايّ ملفّ مع أيّ من هؤلاء الوزراء قبل اكتمال ترتيب الملفات لديها، سواء الموروثة من ادارة الرئيس باراك اوباما أو الجديدة.
ولكن ما لفتَ باسيل والوفد الذي رافقه الى واشنطن كان ما سمعَه من المسؤولين الاميركيين الذين التقاهم عندما استوضَحهم الموقفَ من الاوضاع في المنطقة ومستقبلها، حيث أكدوا له انّ توجيهات الادارة الاميركية الجديدة هي ان «لا تتحدّثوا عن الرئيس بشّار الأسد أو عن النظام السوري لا سلباً ولا إيجاباً، وتحدّثوا فقط في محاربة داعش».
وفهمَ باسيل من هذه المحادثات انّ الادارة الاميركية متّجهة الى زيادة تدخّلِها في سوريا، وهو ما يظهر يومياً مع هذه المرحلة، وذلك في موازاة وجودها وتدخّلها العسكري والسياسي القائم في العراق.
ويكشف بعض الذين رافقوا باسيل انّه ركّز في محادثاته في واشنطن على ملفّين ذهبَ في الاساس من اجلهما: الاوّل يتعلق بالاستمرار في دعم الجيش والقوى الامنية اللبنانية، فأبلغَ المسؤولون الاميركيون إليه انّ الادارة الاميركية الجديدة قرّرت الاستمرار في تقديم المساعدات الخارجية، وطمأنوه الى انّ هذه الادارة مستمرّة في دعم الجيش والقوى الامنية اللبنانية لتعزيز الاستقرار في لبنان ومكافحة الإرهاب، ما أثارَ ارتياح باسيل واطمئنانَه.
أمّا الملف الثاني فكان ملفّ النازحين السوريين، فأكّد باسيل للمسؤولين الذين التقاهم انّ معظم هؤلاء النازحين ليسوا «نازحين سياسيين» وفي الإمكان إعادة هؤلاء الى بلادهم، خصوصاً بعدما صار ما يسمّى «سوريا المفيدة» تحت سلطة النظام. أمّا النازحون السياسيون، وهم أقلّية، فليبقوا حيث هم الى ان يتوافر الحل السياسي للأزمة السورية.
وأكد باسيل أنّ النازحين غير السياسيين يبلغ عددهم نحو مليون ونصف مليون شخص ويمكن إعادتهم الى قراهم وبلداتهم ومدنِهم الآمنة ولا حاجة للولايات المتحدة ولا للمجتمع الدولي لإحداث وكالة غوث أخرى الى جانب وكالة «الاونروا» التي باتت لا تَحظى بالتمويل الاميركي والدولي المقرّر لها.
ولفت باسيل الى أنّه اذا كانت العائلة النازحة تكلّف المؤسسات الدولية الآن 20 ألف دولار سنوياً، فيمكن إعادتها الى منطقتها ومساعدتها بأقلّ من هذا المبلغ. وقد لقيَ موقف باسيل في هذا الصَدد تفهّماً أميركياً لم يقترن بأيّ مواقف عملية.
ولم يعلن المسؤولون الاميركيون في وزارتي الخارجية والدفاع ايّ موقف محدّد امام باسيل حول مستقبل الوضع اللبناني، وكذلك حول حزب الله الذي تصنّفه واشنطن «منظمة إرهابية»، وصبّت غالبية المواقف الاميركية في إطار تأكيد استمرار تقديم المساعدة للجيش والقوى الامنية للحفاظ على الاستقرار ومكافحة الإرهاب.
لكن باسيل والوفد المرافق سمعوا من بعض اعضاء الكونغرس الأميركي أسئلة عن «الحزب» مؤكّدين أنه «يسيطر» على لبنان. فردّ باسيل موضحاً أنّ حزب الله هو فريق سياسي لبناني وحجمُه يكاد يوازي حجم طائفة، وله دوره ومؤيّدوه ووجوده السياسي داخل السلطة وخارجها.