على قدر نخوة نشامى المملكة الهاشمية وحُسن تنظيمها وضيافتها، وبخلاف قمم سابقة غرقت في الخلافات والنزاعات، واجهت قمّة عمّان برعاية الملك عبدالله الثاني بموقف عربي موحّد «مثلّث الخطر» المتمثّل «بإسرائيل والإرهاب وتدخلات إيران» كما سمّاه الأمين العام للبرلمان العربي مشعل بن فهد السلمي، لتتحوّل إلى قمّة «لمّ الشمل والمصالحات» كما وصفها وزير الخارجية الأردنية أيمن الصفدي لـ«المستقبل»، سيما وأنها شكّلت حاضنة لسلسلة لقاءات وتفاهمات أبرزها بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وكلّ من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، وسط تشديد الصفدي على أن إنجازات القمّة تحتاج إلى متابعة للتأسيس عليها وتحقيق نجاحات متراكمة «لا يمكن التوصّل إليها بين ليلة وضحاها».

أمّا لبنان الذي حضر بوفده الموحّد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومعه رئيس الحكومة سعد الحريري، فنال نصيبه من حصيلة التفاهمات العربية مع إقرار القادة العرب بند التضامن مع لبنان من دون أي تحفُّظ. فيما حرص الرئيس عون على التوجُّه إليهم في أول مشاركة له في قمة عربية بعبارة «أصبحت واحداً منكم»، خلال إلقائه كلمة لبنان، والتي خاطب فيها «وجدان» العرب ليحثّ على وقف الاقتتال والحروب والمجازر والدمار في المنطقة، مبدياً استعداد لبنان للمساعدة في إعادة «مدّ الجسور».

وفي معرض تناوله «الأحداث المؤلمة في سوريا» أثار عون عبء النزوح الذي يثقل كاهل اللبنانيين، خصوصاً أنهم باتوا يستضيفون «من سوريين وفلسطينيين ما يوازي نصف عددهم»، مشدداً على 

أن «تخفيف بؤس النازحين وتجنيب لبنان التداعيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية لن يكون إلاّ من خلال عودتهم الآمنة إلى ديارهم».

إعلان عمّان

وفي ختام القمة دعا القادة في «اعلان عمّان» الى وقف التدخلات الخارجية في شؤون دولهم.

وقال القادة في الاعلان: «نرفض كل التدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية».

ودان «اعلان عمان» المحاولات «الرامية الى زعزعة الامن وبث النعرات الطائفية والمذهبية او تأجيج الصراعات وما يمثله ذلك من ممارسات تنتهك مبادئ حسن الجوار والقواعد الدولية ومبادئ القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة».

وفي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية قال الزعماء العرب إنهم على استعداد لتحقيق «مصالحة تاريخية» مع إسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلتها عام 1967. وجاء في البيان «نؤكد استمرارنا في العمل على إعادة إطلاق مفاوضات سلام فلسطينية - إسرائيلية جادة وفاعلة تنهي الانسداد السياسي وتسير وفق جدول زمني محدد لإنهاء الصراع على أساس حل الدولتين الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

وفي الشأن السوري، شدد القادة في البيان على ضرورة «تكثيف العمل على ايجاد حل سلمي ينهي الازمة السورية وبما يحقق طموحات الشعب السوري ويحفظ وحدة سوريا ويحمي سيادتها واستقلالها وينهي وجود الجماعات الارهابية فيها».

كلمات 

أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في كلمته في الجلسة الافتتاحية، أنه لا سلام ولا استقرار في المنطقة دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية. وقال: «تستمر إسرائيل في توسيع الاستيطان، وفي العمل على تقويض فرص تحقيق السلام، فلا سلام ولا استقرار في المنطقة دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، القضية المركزية في الشرق الأوسط، من خلال حل الدولتين».

وتابع قائلاً: «نحن على تماس يومي ومباشر مع معاناة الشعب الفلسطيني، وأهلنا في القدس بشكل خاص. كما أن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، مسؤولية تاريخية يتشرف الأردن بحملها نيابة عن الأمتين العربية والإسلامية.. سنواصل دورنا في التصدي لأي محاولة لتغيير الوضع القائم، وفي الوقوف بوجه محاولات التقسيم، الزماني أو المكاني، للمسجد الأقصى». 

وأعرب عن أمله «أن تقود المباحثات الأخيرة في جنيف وأستانة إلى انفراج يطلق عملية سياسية، تشمل جميع مكونات الشعب السوري، وتحافظ على وحدة الأراضي السورية، وسلامة مواطنيها، وعودة اللاجئين». 

العاهل السعودي

ودعا العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى حل سياسي للأزمتين السورية واليمنية، وشدد على السعي لإيجاد حل للقضية الفلسطينية «على أساس قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية».

وأكد أن «من أخطر ما تواجهه أمتنا العربية التطرف والإرهاب، الأمر الذي يؤكد ضرورة تضافر الجهود لمحاربتهما بكافة الوسائل». وقال: «يجب ألا تشغلنا الأحداث الجسيمة التي تمر بها منطقتنا عن تأكيدنا للعالم على مركزية القضية الفلسطينية لأمتنا». 

وأضاف: «ما زال الشعب السوري الشقيق يتعرض للقتل والتشريد، مما يتطلب إيجاد حل سياسي ينهي هذه المأساة، ويحافظ على وحدة سوريا، ومؤسساتها وفقاً لإعلان جنيف 1 وقرار مجلس الأمن رقم 2254». وشدد على «أهمية المحافظة على وحدة البلاد وتحقيق أمنها واستقرارها».

وأشار إلى «أهمية الحل السياسي للأزمة اليمنية وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ونتائج الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن رقم 2216». ودعا إلى «تسهيل وصول المساعدات الإنسانية لمختلف المناطق اليمنية». واعتبر أن «التدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية تمثل انتهاكاً واضحاً لقواعد القانون الدولي، وسيادة الدول، ومبادئ حسن الجوار».

الرئيس المصري

أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن القمة تُعقد وسط تحديات جسيمة تواجه المنطقة بأسرها، تستهدف وحدة وتماسك الدول العربية وسلامة أراضيها.

وقال ان هذه الأخطار وفي مقدمتها الإرهاب أضعفت الجسد العربي حتى بات يعاني من تمزقات عدة، وأصبح لزامًا علينا أن نتصدى للتحديات التي نواجهها برؤية واضحة. ورأى أن الحل السياسي للأزمة السورية، هو السبيل الوحيد القادر على تحقيق الطموحات المشروعة للشعب السوري، واستعادة وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية، والحفاظ على مؤسساتها الوطنية والقضاء على خطر الإرهاب والمنظمات المتطرفة، وتوفير الظروف المواتية لإعادة إعمارها وبنائها من جديد.

أمير قطر

وقال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني «اننا مطالبون بالعمل الجاد المشترك للضغط على المجتمع الدولي، وفي مجلس الأمن لرفض إقامة نظام فصل عنصري في القرن الحادي والعشرين، والتعامل بحزم مع إسرائيل وإجبارها على التوقف عن بناء المستوطنات، وإنفاذ قرارات الشرعية الدولية، ووقف الانتهاكات المستمرة ضد الشعب الفلسطيني، ورفع الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة الذي يمنع سكانه من ممارسة حياتهم الطبيعية».

وأعرب عن ترحيب دولة قطر باتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، مؤكدًا أهمية العمل على جعله حقيقيًا، لا انتقائيًا يسمح بحصول عمليات تهجير.

الرئيس اليمني

أكد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ان إيران هي«الراعي الرسمي للإرهاب في المنطقة العربية بشقيه القاعدة، وحزب الله والحوثيين». وقال ان الحوثيين والرئيس السابق علي صالح«دمروا النسيج الاجتماعي في اليمن وقاموا بنهب ثرواته بمساندة من ايران». وشكر التحالف العربي بقيادة السعودية على تدخله العسكري في اليمن وإغاثة الشعب، وقال إن«أكثر من 80% من الأراضي اليمنية أصبحت تحت سيطرة الحكومة الشرعية». 

رئيس الوزراء العراقي

اعتبر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن«الشعوب العربية تتطلع إلى هذه القمة، وعلينا جميعًا أن نتحمل المسؤولية لاتخاذ القرارات اللازمة لإنهاء معاناة شعوبنا التي تعيش في ظل النزاعات والحروب والنزوح والفقر والجوع»، مؤكدا«أن الإرهاب لا يستثني أي دولة ما يستدعي بذل كل الجهود من أجل الحفاظ على وحدة دولنا وشعوبنا من التفكك والضياع ومنع التدخل الخارجي في شؤوننا الداخلية».

الأمين العام للامم المتحدة

قال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للقمة:«إننا نلتقي اليوم في خضم نزاعات وحروب شكلت المزيد من الضغوط على المنطقة والعالم بسبب وجود الإرهاب الذي تشكله القاعدة وداعش الإرهابيتين». وأكد أن المسلمين هم أول ضحايا الإرهاب وأن حماية المضطهدين أمر متجذر في الإسلام وأن المسلمين هم مثال على التسامح.

وقال:«آن الأوان لوضع حد للصراع في سوريا والتوصل لوقف إطلاق النار في هذا البلد». وقال إن النزاعات التي تشهدها المنطقة العربية أبعدتنا عن التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، مبينًا في هذا الإطار أن أحلام الشعب الفلسطيني قد تقيدت جيلًا بعد جيل بفعل الاحتلال، وحيا باسم الأمم المتحدة مبادرة السلام العربية.

بوتين

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في برقية إلى القمة اعتزام بلاده تطوير التعاون مع جامعة الدول العربية لتأمين الحلول الديبلوماسية السريعة للأزمات الإقليمية. وقال:«روسيا تعتزم تطوير تعاون الشراكة مع جامعة الدول العربية، بهدف توفير أسرع الحلول السياسية الديبلوماسية للأزمات الإقليمية، وكذلك إعادة إعمار المناطق المتضررة بعد انتهاء الأزمات».

وأشار الرئيس الروسي إلى أن بلاده«سوف تستمر في إيلاء اهتمام خاص لتعزيز وقف الأعمال القتالية في سوريا، والكفاح ضد المنظمات الإرهابية العاملة هناك». أضاف:«ننطلق من أن أهم شروط الاستقرار طويل الأمد في المنطقة، يتوقف على حل القضية الفلسطينية التي طال أمدها». ورأى أن«مبادرة جامعة الدول العربية للسلام ما زالت ذات أهمية، كونها توفر خلفية جيدة لتقدم العملية التفاوضية الفلسطينية الإسرائيلية».