أثارت صورة المرأة الأربعينية، التي كانت تقود دراجة نارية بحجابها و"لباسها الشرعي"، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي. وبين التعليقات الإيجابية، واللجوء إلى الفتاوى الدينية للنظر إلى ما تقوم به، لم تكن لينا الأتات، أو أم حيدر، وهي من شمسطار، تعرف شيئاً عما يقال عنها.
أم حيدر، التي لا تفارق الضحكة وجهها، هي والدة طفلين من ذوي الاحتياجات الخاصة، "ما في أحلى منن وحياتي ما بتسوا شي بلاهن". وحين أخبرتها "المدن"، أن صورتها تغزو مواقع التواصل الاجتماعي، استهجنت وقالت: "منذ وعيت كنت أقود الموتو. لا أذكر عمري حينها، لكنني الآن في 46 من العمر، ومازلت أقوده. وهذا ليس عيباً. قبل حجابي وبعده، لم يتغير شيء عندي".
في أيام العزوبية، كانت لينا بائعة سمك تذهب يومياً، عند منتصف الليل، إلى سوق الكرتينيا على الدراجة النارية لتحصل على زادها وتقوم ببيعه في الأوزاعي. وكانت مِثل أشقائها الشباب تُعيل العائلة. وهي تروي عن "التلطيشات"، التي كانت ترافقها في رحلتها اليومية من الكرنتينا إلى الأوزاعي، و"حتى من عناصر القوى الأمنية".
تزوجت لينا بعد قصة حب من قيصر العلي، ورزقا بحوراء وحيدر. حينها، قررت ارتداء الحجاب. لكنها لم تتوقف عن قيادة الدراجة النارية، بل زادت حاجتها إليها أكثر مع الوقت، لاسيما أن الطفلين يعانيان من الإعاقة. "أستعملها لانجاز كل حاجاتي. أوفرّ كلفة النقل، وأتجنب ازدحام السير".
تعيش أم حيدر وزوجها، الذي يعمل في التطريز من المنزل، حياة بسيطة، رغم الهموم التي ترافقها. وقد نذرا نفسيهما للبقاء بالقرب من ولديهما. فحوراء (7 سنوات) تعاني من متلازمة الدوان، وحيدر (5 سنوات) يعاني من شلل دماغي. وهما لم يبخلا عليهما بالحب ولا العلاج، ولا حتى بمتابعة تحصيلهما العلمي. تقول أم حيدر، لـ"المدن"، "من حقهما أن يعيشا مثل كل الأولاد، وواجبنا أن نؤمن لهما حياة كريمة".
وإذا كان "المجتمع لا يحدد لنا كيف نعيش، ولا يوجد شيء اسمه عيب"، على ما تقول أم حيدر، فإنها أيضاً ترى "الحياة حلوة. لكن هناك أناساً كثراً لا يستوعبونها بشكل صحيح. فالمصائب لا تعني أن هذه الحياة لا يمكن أن تعاش. كل إنسان يرى الموضوع من زاوية خاصة، وأنا إيماني بالله يعطني كل هذه القوة. ويكفيني أن أرى الفرحة على وجه ولدي لأكون سعيدة".
صفاء عياد