أكدت مصادر مطلعة أنه تم توقيع اتفاق بين جبهة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا قبل إعلان انفصالها التنظيمي عن القاعدة) وميليشيا حزب الله اللبناني، برعاية قطرية، يتم بموجبه إخراج سكان مدينتي الفوعة وكفريا إلى مناطق سيطرة النظام السوري في مقابل إخراج ما تبقى من مقاتلي المعارضة من الزبداني ومضايا وبلودان في ريف دمشق إلى شمال سوريا.
ويعدّ الاتفاق سابقة خطيرة، ستكرس الفرز الطائفي والمناطقي في سوريا، ويقول محللون إنه خطوة نحو تنفيذ مشروع التقسيم.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتولى فيها قطر مهمة الوساطة بين ميليشيا حزب الله وجبهة النصرة حيث سبق وأن حصل ذلك في العام 2014، حين أفرجت الجبهة عن 12 راهبة أرثوذكسية من مدينة معلولا مقابل إطلاق سراح 153 معتقلة لدى النظام السوري.
ولفتت المصادر إلى أن الاتفاق تم عبر غطاء جيش الفتح (لم يعد له وجود على أرض الواقع بعد هزيمة حلب) لمحاولة إضفاء نوع من الشرعية عليه، وأن الطرف الرئيسي المفاوض كان جبهة تحرير الشام عبر شخص يدعى حسام الشافعي ويستخدم اسم زيد العطار، الموجود حاليا في الدوحة.
ومن بنود الاتفاق إخراج نحو 1500 معتقل من سجون النظام السوري، نصفهم من النساء، والتوافق على هدنة طويلة الأمد، في المناطق المشمولة بالاتفاق، إضافة إلى ريف إدلب.
ويبدأ تنفيذ بنود الاتفاق، في الرابع من أبريل، فيما تستكمل المرحلة الثانية بعد يومين، أي في السادس من الشهر المقبل.
وذكرت المصادر أن وفد حزب الله، الذي يشارك فيه مستشارون من الحرس الثوري الإيراني، استعجلوا من أجل إتمام الاتفاق، وهو ما خلق تخوفات لدى الفصائل.
وسبق وأن أجرت فصائل سورية مفاوضات مع حزب الله ومستشارين إيرانيين حول مسألة التبادل هذه، بيد أن جبهة تحرير الشام رفضت ذلك أنذاك وذهبت حد تخوين تلك الفصائل، لتتصدر اليوم المفاوضات في خطوة تطرح تساؤلات كثيرة.
وعقب تسريب الاتفاق سارع الناطق السابق باسم جبهة فتح الشام، حسام الشافعي، لنفي أي دور له في المفاوضات قائلا “الملف يتبع حزب الله وإيران مباشرة، وهو من ضمن مسؤوليات جيش الفتح، وهناك لجنة مكلفة بالأمر من قبل الجيش”.
وانطلق مخطط التغيير الديمغرافي في سوريا منذ العام 2013 بقيادة إيران، في خطة تهدف منها إلى إحكام نفوذها على عدة مناطق تحتل أولوية كبرى بالنسبة إليها خاصة تلك القريبة من لبنان.
ويتوقع أن تشهد سوريا في الفترة المقبلة اتفاقا مشابها في منطقة القلمون.
ويوضح عطا كامل المحلل السياسي لـ”العرب” أن “الاتفاق المنتظر حول القلمون الغربي يأتي في سياق تفاهم دولي على تحديد مناطق نفوذ حزب الله ضمن عملية انسحاب منظمة من سوريا”. ومعلوم أن طهران تريد إرساء حزام شيعي يمتد من العراق مرورا بسوريا وينتهي بلبنان.
ويقول مراقبون إن هذا المسار الإيراني قد يتقاطع مع البعض من الأجندات التي تملك هي الأخرى توجهات فعلية لتقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ.
واعتبر المحلل السياسي السوري محمد دركوشي لـ”العرب” “أن الاتفاق لو تم سيكون الخسارة الأكبر للثورة السورية وطعنة السكين الأولى في كعكة تقسيم سوريا”.
وأضاف دركوشي “هذا ترسيخ فاضح لعملية التغيير الديموغرافي التي تقوم بها إيران تحت نظر النظام وهذه خيانة وطنية”.
ولفت إلى أن “هذا الاتفاق يعكس نوايا الفصائل الإسلامية الموقعة وهي إقامة إمارة إسلامية لم تكن في أجندة السوريين”.
وأعرب عن استغرابه من “قيام قطر برعاية هذا الاتفاق بالنظر لما يحمله من خطورة على مسار الثورة”. من جانبه اعتبر المعارض السوري محمود بادنجكي في تصريح لـ”العرب” أن الاتفاق ليس سوى تنفيذا لتوافقات دوليّة على الفرز الديموغرافي والتطهير الطائفي في سوريا”.