رسالة الرؤساء إلى القمة تثير جدلا سياسيا وتفاجئ الرئيسين
النهار :
لعلّ المثل القائل "من جرب مجرباً كان عقله مخرباً". هو أكثر ما يردده اللبنانيون في تناولهم ملف الكهرباء العالق منذ أكثر من 25 سنة اثر انتهاء الحرب اللبنانية وتعاقب وزراء عدة عليه، أكثرهم من فريق 8 آذار والمتحالفين معه، واقرار خطط عدة لم تنفذ، آخرها خطة وزير الطاقة في حينه جبران باسيل عام 2010 التي استنبطت الخطة الجديدة من رحمها، خصوصاً أن وزير الطاقة الحالي سيزار ابي خليل كان مستشاراً لباسيل لدى اقرارها قبل سبع سنوات. لكن الاسئلة التي تبقى مطروحة عن الخطة التي هربت على عجل امس كعجلة خلاص من التعثر القائم، هي عن ضمان تنفيذها فيما لو تغيرت الحكومة، وعن القدرة على تطبيق الشروط بشفافية ووفق المواصفات المطلوبة، الى عملية ضبط الجباية التي تعجز عنها الدولة حتى اليوم في ظل رعاية سياسية ولو غير مباشرة لعمليات سرقة التيار الكهربائي في أكثر من منطقة.
فعلى رغم الدراسات والمعالجات لأزمة قطاع الكهرباء التي بلغت تحويلات الدولة اليها منذ عام 2008 حتى اليوم نحو 16 مليار دولار، لا يزال المواطنون يستعينون بالمولدات الخاصة لتوفير الطاقة الكهربائية 24/24.
أمس، أقر اقتراح وزير الطاقة والذي يعتبر جزءاً تطويرياً من الخطة الواجب استكمالها، والتي وافق عليها المجلس في 2010. وكلف وزير الطاقة اتخاذ الإجراءات واستدراج العروض وإعداد المناقصات اللازمة وعرض كل مراحلها تباعا على مجلس الوزراء وفقا للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء.
وتتضمن الخطة انشاء معامل جديدة واستئجار بواخر لانتاج الطاقة، لكن الابرز فيها ادخال القطاع الخاص على خط الانتاج بموجب تعديلات أدخلت على خطة الوزير، بمسعى من وزراء "القوات اللبنانية" كما صرح نائب رئيس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني لـ"النهار" رافضا مقولة ان تكون خطة "القوات" دهست. وقال: "الخطة ليست جديدة بل استخرجت خطوطها العريضة من خطة 2010". وأوضح "ان الانتاج سيكون من حصة القطاع الخاص، وخصوصاً الانتاج من الطاقة المتجددة، وان لكل مرحلة مناقصاتها التي يعود الى مجلس الوزراء الموافقة عليها وهذا ما يضمن المتابعة الدقيقة والمراقبة". وشدد حاصباني على ان خطة الكهرباء لن تزيد العجز في الموازنة، وان الخطة الاولى التي بلغت النائب وليد جنبلاط ركزت على توفير التمويل من الخزينة في حين ان الخطة المقرة حملت المحطات العائمة وفي ما بعد الشركات المنتجة التكاليف على ان تسدد الدولة على دفعات متأخرة.
وعن ضمانات التنفيذ قال: "انه التوافق المبدئي على الخطة، وستتولى شركات تقديم الخدمات تفعيل الجباية عبر محاولة ضبط التعليقات على الشبكة التي تهدر ما بين 15 و20 في المئة من الطاقة، الى التخلص من اهدار تقني على الشبكة القديمة يبلغ نحو 15 في المئة".
القمة ورسالة الرؤساء
على صعيد آخر، وفيما ترافق الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري الى القمة العربية في عمان، انشغلت الأوساط السياسية بالرسالة التي كشفت عنها "النهار" أمس، والتي وجهها الرؤساء أمين الجميل وميشال سليمان وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام الى القمة.
وعبر الرئيس نبيه بري عن استيائه من الرسالة إذ قال: "يا للأسف، أعجب أن وزراء الخارجية العرب أحرص على لبنان ومستقبله من بعض الشخصيات عندنا التي تجاوزت موقعي رئيسي الجمهورية والحكومة". بينما قال الرئيس الحريري: "هناك قطار سائر في لبنان الى الامام ومن يريد ان يستقله فليتفضل والا فليبق مكانه". وصرح وزير الداخلية نهاد المشنوق من الامارات بأن "الرسالة خطيئة وطنية تجاوزت حدود الوطن". وقال الوزير محمد فنيش: "انهم سابقون ولدينا رئيس حالي". وصدرت اتهامات عدة من فريق 8 آذار ربطت الرسالة بارادة خارجية لاحراج الرئيس عون ومحور المقاومة.
في غضون ذلك، صرح الرئيس السنيورة بأنه وقع الرسالة "بصفة شخصية" منعاً للايقاع بينه وبين الرئيس الحريري في ظل التباعد في المواقف بينهما، واعتبر الرئيس الجميل انه "من واجبنا كرؤساء سابقين بما اننا احرار، القول إنه يجب على المجموعة العربية اعطاء لبنان اهميته ولا لتحميل اللبنانيين مسائل أكبر منهم، الرسالة تقوي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والموقف اللبناني لاننا تكلمنا عن ثوابت".
وكان الرئيس عون الذي رأس جلسة مجلس الوزراء قال للوزراء إن كلمته في القمة "ستكون رسالة سلام باسم لبنان واللبنانيين، وسأدعو الى إعادة تطبيق ميثاق الجامعة العربية، المرجعية الأفضل لتوحيد الرؤى العربية".
وقالت أوساط وزارية لـ"النهار" إن الرئيس الحريري بدا واثقاً من ان كلمة الرئيس عون امام قمة عمان ستفتح آفاق تعاون مع العالم العربي وخصوصاً مع الخليج، في ظل التداعيات السلبية التي تركها موقف رئيس الجمهورية سابقاً من سلاح "حزب الله". لكن الاوساط نفسها قالت ان هناك ترقّبا لكيفية مقاربة عون موضوعيّ إيران وسوريا وهو أمر لم يكن قد إتضح قبل سفر الوفد الرئاسي الى الاردن.
المستقبل :
بوفد موحّد على جناح «الأرز».. حطّ رئيسا الجمهورية العماد ميشال عون ومجلس الوزراء سعد الحريري في مطار الملكة علياء في عمان لتتجلى معهما صورة مشاركة لبنان الرسمي في أعمال القمة العربية الثامنة والعشرين، التي تُعقد اليوم في البحر الميت، بأبهى أشكال التضامن الوطني والتفاهم الداخلي بين أركان العهد، بحسب ما لفت الحريري في دردشة مع الإعلاميين على متن طائرة الشرق الأوسط التي أقلت الوفد اللبناني. واليوم يلقي رئيس الجمهورية كلمة «لبنان الموحد» أمام القمة ليخاطب من خلالها «الوجدان العربي» مشدداً فيها باسم اللبنانيين على أهمية التضامن بين العرب وضرورة العودة إلى ميثاق الجامعة العربية بوصفه المرجعية الأفضل لتوحيد الرؤى العربية.
الكلمة التي آثر عون التأكيد على كونها «رسالة سلام» يحملها من لبنان، عهداً وحكومةً وشعباً، لإيداعها صندوق رصيد علاقاته مع البيئة العربية الحاضنة، ستكون وفق ما أشارت مصادر وفد بعبدا لـ«المستقبل» كلمة
«غير تقليدية» موضحةً أنه لن يتطرق فيها إلى أي كليشيهات عريضة إنما ستكون ًوجدانية بعيدة كل البعد عن الشعارات وقريبة كل القرب من الوجدان العربي ليخاطب فيها القادة العرب والشعوب العربية من القلب إلى القلب مشدداً على أهمية ومركزية التضامن في هذه المرحلة للخروج من سيل الحروب والدماء والتشتت.
أما في ما يخص الأزمة السورية، فتؤكد المصادر أن عون لن يستغرق في مقاربة الحرب المستفحلة في سوريا بل هو سيركز على الشق المتعلق بتداعيات هذه الحرب على دول الجوار ولا سيما منها لبنان مع ما يتحمله من أعباء كبيرة نتيجة النزوح السوري إلى أراضيه.
وكان الرئيسان عون والحريري قد عقدا فور وصولهما إلى مقر إقامتهما، في فندق «ماريوت» في البحر الميت، سلسلة لقاءات ثنائية مع عدد من رؤساء الوفود إلى القمة شملت رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبي فايز مصطفى السراج، وتمت إثارة قضية الإمام موسى الصدر معه بحيث طلب الرئيسان عون والحريري من السراج والمسؤولين الليبيين، بذل المزيد من الجهد لمعرفة ملابسات تغييبه ورفيقيه، في ضوء ما تحقق حتى الآن على الصعيد القضائي، لا سيما وأن لجنة قضائية لبنانية تواصلت مع المسؤولين الليبيين لهذه الغاية، فأبدى الجانب الليبي تجاوباً لاستئناف الجهود المبذولة في هذا السياق في أسرع وقت ممكن وتم الاتفاق على التواصل بين البلدين حول هذا الموضوع.
أما عن مقررات القمة وما سيتضمنه «إعلان عمان»، فأشارت مصادر عربية لـ«المستقبل» أنّه سيبرز أولوية مطلقة لقضية العرب المركزية فلسطين، سيما وأن قمة البحر الميت تُعقد على بعد «مرمى حجر» من الأراضي المحتلة، كاشفةً أن القادة العرب سيعربون بالإجماع عن رفض أي محاولة لنقل السفارة الأميركية إلى القدس خصوصاً بعد ورود معلومات عن إمكانية الإقدام على هذه الخطوة في أيار المقبل، مع تجديد التمسك العربي بحل الدولتين ومبادرة السلام التي جرى تبنيها في قمة بيروت.
وإذ تؤكد أن هناك تفاهماً تاماً حول مختلف بنود ومقررات «إعلان عمان» سواء لناحية إدانة تدخلات إيران وميليشياتها في الشؤون الداخلية العربية أو حول مختلف الملفات الأخرى، لفتت المصادر إلى احتمال حصول تباين وحيد في الموقف إزاء مسألة إدانة التدخل التركي في العراق التي طلبتها الحكومة العراقية وتعارض إقرارها دول عربية عدة.
وشددت المصادر العربية رغم ذلك على كون قمة عمان هي «قمة التفاهمات البينية ولمّ الشمل العربي»، وأن نتائجها واللقاءات الثنائية التي ستجرى اليوم على هامشها ستؤكد على هذه المعاني التضامنية والتصالحية بين العرب.
الديار :
انطلقت اليوم القمة العربية في عمان وسط اجواء ايجابية في ترميم الثقة عند الشارع العربي بمقرراتها. وهذه القمة تدل على اجماع عربي على مستوى القادة لجهة التضامن والالتقاء لمعالجة الازمات والتوصل الى حلول عادلة تتماشى مع حاجات الدول العربية وسيادتها. وفي ظل انشاء الولايات المتحدة تحالفا دوليا لمكافحة الارهاب، اراد القادة العرب الركوب في هذا القطار واعتماد خطة عملية لمحاربة الارهاب وليس فقط احتوائه خصوصا ان الارهاب ضرب بقوة مناطق وعواصم عربية وبات مترعرعا في كل مكان. وامام الحقائق الدموية في عالمنا العربي من القضية الفلسطينية الى الصراع المستمر في سوريا حتى يومنا هذا الى جانب سقوط ليبيا بأكملها في قبضة «داعش» واستفحال تنظيم الدولة في العراق وتعاظم الغرائز الطائفية بين العراقيين، يبرز التكاتف العربي ركيزة اساسية لمواجهة هذه التحديات وهذه المخاطر على ان يترجم الى خطوات عملية في كيفية منع تقسيم الدول العربية وتأمين حقوق الشعب الفلسطيني وايجاد حلول مناسبة للصراع السوري وللحرب على اليمن. هذا وسيتطرق المجتمعون الى الملف الساخن وهو السوري من بينها الصراع السوري وتقاسم الاعباء فيما يتعلق باللاجئين السوريين والرجوع عن تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية.
اليوم بات الشعب العربي بامس الحاجة الى دور عربي قيادي يضع رؤية مستقبلية وعصرية تتماشى مع متطلبات الناس وكذلك دور عربي يحرص على المحافظة على النهج العروبي في دولنا فلا «يبكي القادة العرب مثل النساء على ملك ضائع لم يحافظ عليه مثل الرجال».
بيد ان بعض الدول العربية تميل الى القاء اللوم دوما على ايران وتدين تدخلها في شؤون عربية الا انها لم تقم فعليا باجراء نقد ذاتي لسياستها وتقييم دورها لمعرفة ما الذي اوصل الامة العربية الى التراجع والتخلف. اضف على ذلك، اضحت ايران خطرا لدودا للعرب اكثر من اسرائيل وهذا امر يتوجب على القادة العرب استدراكه لعدم اضاعة الاتجاه الصحيح للبوصلة ولعدم الانزلاق بحروب طائفية ومذهبية تدخل المنطقة في نفق مظلم.
ويذكر ان الوفد اللبناني في لقاء وزراء الخارجية العرب تحفظ على ورقة البحرين بادانة حزب الله «الارهابي» وتدخله في سوريا واليمن وهذا الاعتراض ادى الى سحب ورقة البحرين والالتزام بالورقة اللبنانية.
وفي الشق اللبناني، ذهب لبنان موحداً الى القمة العربية في عمان بوفد رسمي ضم رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة سعد الحريري في سابقة لم تحدث منذ ما بعد الطائف، الامر الذي يؤكد حرص الدولة والقوى السياسية اللبنانية على علاقات ودية مع الدول العربية. وما يهم الرئيس عون هو التأكيد على انسجام لبنان مع محيطه العربي والالتزام بالمقرارات الدولية ما يشكل بمعنى اخر موقف لبنان الرسمي الذي تضمنه خطاب القسم والبيان الوزاري. والبارز في كلمته المطالبة بمساعدة لبنان في تخطي ازمة النازحين والدفع لانجاز حل سياسي في سوريا يوقف نزيف الدماء ويعيد النازحين السوريين الى بلادهم والى المناطق المحررة من الارهابيين والامنة في اقرب وقت ممكن. اما حول موقفه من سلاح المقاومة، فان رئيس الجمهورية عبر اكثر من مرة ان لبنان متمسك بالمقاومة للدفاع عن ارضه ولذلك قد لا يحتاج الى تكرار هذه النقطة في القمة العربية.
موقف حزب الله من رسالة الرؤساء
من جهته، يعبر حزب الله عن ارتياحه لنهج الرئيس ميشال عون عن كامل ثقته بمواقف وتطلعات عون تجاه المقاومة خصوصا ان الرئيس عون كان قد اصدر عدة تصاريح سابقة اظهرت دعمه لحزب الله. واشادت المقاومة بخطاب عون المؤيد للقضية الفلسطينية الامر الذي احرج باقي العرب الى جانب موقفه من الحرب الاستباقية على الارهاب.
لكن في الوقت ذاته، علمت «الديار» ان حزب الله مستاء للغاية من رسالة الرؤساء ميشال سليمان وامين الجميل وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام وقد صدم حزب الله بموقف سلام معتبرا انه اشترك في هذه الطعنة الغير مسبوقة. اما فؤاد السنيورة فلا عتب عليه وهو قام بما يلزم من العام 2005 وخلال عدوان تموز وقبل ايار 2008 ولا «صك غفران» له مثله مثل ميشال سليمان الذي غدر المقاومة وحزب الله اكثر من مرة. وتؤكد مصادر قيادية بارزة في حزب الله ان ما قام به سلام لا يمكن القبول به فقد صدمت قيادة الحزب التي كانت وراء تسميته رئيسا للحكومة وعمل احد النواب السابقين على تسهيل تسميته بكل جهد كما دعمه الحزب وامينه العام السيد حسن نصرالله بكل المستويات وبعد تكليف الحريري اوفد اليه وفدا بارزا يمثله لشكره.
وتؤكد المصادر ان حزب الله لن يسكت عن هذه الرسالة المشبوهة ويدرس امكانية الرد عبر بيان مفصل يفند فيه معلوماته عن الجهة التي طلبت الرسالة وعن خلفيتها وتوقيتها وهي موجهة الى الرئيسين عون والحريري والمقاومة عبر هؤلاء بطلب وايعاز من الاميركيين والسعوديين. وتلفت الى ان الرد سيكون ببيان اعلامي عبر العلاقات الاعلامية في الحزب او في بيان سياسي غداً بعد اجتماع كتلة الوفاء للمقاومة الدوري.
قانون الانتخاب: الحريري وافق على النسبية وباسيل رفضها
بموازاة ذلك، طرأ امر جديد على المفاوضات الحاصلة حول قانون الانتخاب وهو ان الرئيس سعد الحريري وافق على مبدأ النسبية في حين رفض وزير الخارجية جبران باسيل النسبية متمسكا بالصيغة القانونية التي طرحها والتي تنص على المختلط رغم تحفظ اغلبية القوى السياسية على قانون باسيل. وفي المعلومات، فان باسيل يتخذ قرارته ويطرح صيغ قانونية وفقا لاعتبارات عدة ابرزها انه يطمح لتسهيل الطريق عليه الى رئاسة الجمهورية ولذلك يتمايز باسيل احيانا عن الرئيس ميشال عون في مقاربة عدة ملفات من بينها الملف الانتخابي.
وما زالت المشاورات تتركز على تثبيت النسبية الكاملة في اي قانون انتخابي وهو مطلب اساسي لحزب الله والرئيس بري ولن يقبلا بدون ذلك مع امكانية النقاش في شكل الدوائر اي نسبية وفق دوائر متوسطة او صغرى مع الغاء الصوت التفضيلي لان دوره مشبوه وسيؤدي الى نتائج كارثية.
ملف الكهرباء: تحفظ الثنائي الشيعي والقوات اللبنانية
وفي موضوع الكهرباء, رفض الثنائي الشيعي خصخصة الكهرباء او انتقال ملكيتها الى القطاع الخاص وهو مخالف لنص القانون الحالي ويعد تجاوزا للاصول. ويتمسك الثنائي الشيعي في ملف الطاقة بتعزيز الوسائل لتحسين الانتاج ورفع التغذية بالطاقة وتحسين الجباية وملاحقة المتهربين من المستحقات عبر القضاء.
من جهتها، قالت مصادر قواتية ان القوات ابدت تحفظات على تفاصيل وحسن تنفيذ خطة الكهرباء المطروحة مشددة على اهمية اشراك القطاع الخاص في انتاج الكهرباء وذلك للتوفير على «جيوب الناس». واشارت هذه المصادر الى ان اي خطة لا تشمل هذه النقاط الاربع فان القوات اللبنانية لن ترضى بها. وهذه الاربع نقاط تنص على انشاء هيئة ناظمة للكهرباء لتنظيم قطاع الكهرباء والتنسيق مع القطاعين الخاص والعام. والقانون اللبناني يلحظ انشاء هذه الهيئة غير ان خلاف القوى السياسية فيما بينها يمنع تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء. والنقطة الثانية هي تعيين رئيس واعضاء مجلس ادارة جدد مع التركيز على الكفاءة في التوظيف.
والنقطة الثالثة تقضي بقيام مديرية المناقصات التابعة للتفتيش المركزي بوضع دفتر شروط لاجراء مناقصات تكون واضحة وعلى مرأى الجميع. اما النقطة الرابعة فهي اشراك القطاع الخاص بانتاج الكهرباء لان ذلك يسمح للقطاع الخاص بتمويل الكهرباء ويأخذ اعباء ذلك على عاتقه فلا يتم ثقل كاهل المواطن بأعباء يمكن تجنيبه اياها.
ولفتت المصادر القواتية للديار الى انه بعد مرور سبعة سنين , ما زالت الكهرباء غير مؤمنة في لبنان وما زالت كلفتها عالية ولذلك تدعو هذه المصادر الى قيام مجلس الوزراء بمناقشة كل بند في خطة الكهرباء ويتابع تنفيذها بدقة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، رات هذه المصادر بوجوب وضع دفتر مناقصات للبواخر على ان يتم درسها في مجلس الوزراء فلا يتم تلزيمها لجهة معينة سلفا. من هنا، اوضحت المصادر القواتية ان ما تقوله لا يعني تشكيكا في الخطة المطروحة او في نوايا اي وزير انما حرصا منها على تنفيذ وعدها للمواطن اللبناني بتأدية واجباتها وممارسة الشفافية في اي ملف تتعاطى به القوات.
اقرار الموازنة مؤشر جيد ظاهريا
وحول الموازنة التي اقرها مجلس الوزراء، قالت مصادر اقتصادية لـ«الديار» انه تم تخفيض ملياري ليرة لبنانية من الموازنة حيث تم حسمها من النفاقات الاستهلاكية. ورأت هذه المصادر الى ان اقرار الموازنة يعد مبادرة جيدة ظاهريا ولها انعكاسات ايجابية عند المجتمع الدولي والمدني الذي كانت ينتظر هذه الخطوة من الحكومة اللبنانية منذ وقت طويل مشيرة الى ان اقرار الموازنة بعد 12 سنة هو دليل على ان الحكومة الحالية تسير في الطريق الصحيح.
اما في المضمون، فقد اعتبرت المصادر الاقتصادية ان هذه الموازنة لا تحمل اي جديد ولا تلحظ اطاراً متوسط الامد بمعنى اخر لا تتضمن مشاريع وخططاً لمدة خمس سنين لسد العجز والدين في وقت تركز على الانفاق وفوائد الدين والاجور والكهرباء اضافة الى عدم اعتماد اجراءات ضريبية لزيادة مصادر الواردات. ولفتت هذه المصادر الى ان هذه الموازنة هي سنوية وتشكل امتدادا لموازنة 2016.
وفي السياق ذاته، قال الخبير الاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي ان مجلس الوزراء عليه اعطاء كافة الارقام المتعلقة بالموازنة لتصبح واضحة امام الشعب والهيئات الاقتصادية. واشار الى ان اعتماد مركزية التخمين العقاري هو مؤشر ايجابي اذ ان التخمين لم يعد استنسابياً وهذا يؤدي الى تنظيم القطاع العقاري. واعتبر يشوعي ان اضطلاع المدققين وليس فقط المحاسبين على بيانات الشركات والمؤسسات العاملة في لبنان يمنع الشركات والمؤسسات من التلاعب بارقامها وتحديدا الارباح. وحول تحديد سقف الاستدانة, رأى الدكتور ايلي يشوعي انه من المستحسن خفض الدين العام الذي بلغ 200% على الناتج المحلي علما ان المعيار الدولي هو 60% وذلك يدل ان لبنان مثقل بالديون. وتساءل يشوعي عن كيفية اقرار الحكومة قانون ضمان الشيخوخة اذ لا يوجد حتى اليوم صيغة قانونية واضحة ومحددة لمقاربة هذا الملف واصفا ذلك بأنه شعار شعبوي تستخدمه الحكومة.
وشدد على اهمية الدور الذي يقوم به ديوان المحاسبة من رقابة مسبقة على الصناديق بما يتعلق بالهبات والقروض منها صندوق المهجرين وصندوق الجنوب والى ما هنالك، مشيرا الى ان ذلك يساعد على ضبط الانفاق.
وحول التهرب الضريبي، اعتبر الخبير الاقتصادي ان النافذين على الارض هم الاولى في توجيه قواعدهم الشعبية وحضهم على الالتزام بدفع الضرائب المتوجبة عليهم. وهنا، طالب يشوعي وزير المالية باصدار بيانات يكشف فيها نسبة دفع كل محافظة في لبنان للضرائب. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تحدث الدكتور يشوعي عن عدم دفع ضريبة املاك المبنية في البقاع نتيجة تشييد ابنية في هذه المنطقة على اراض غير مفرزة وبشكل غير قانوني الامر الذي يظهر ان نسبة الجباية تختلف من محافظة الى اخرى. وحذر من خطورة الاستمرار بالتهرب الضريبي الذي سيذهب بلبنان الى الافلاس.
الجمهورية :
تَوزَّع الاهتمام السياسي أمس على حدثين: الأوّل كان في أبو ظبي التي شهدت تظاهرةً عالمية ضخمة شارَك فيها 45 وزير داخلية وعدل وقادةُ أمن وشرطة من 80 دولة، وتمثّلت بافتتاح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الإماراتي الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، ورئيس مؤسسة «الإنتربول» الياس المرّ فعاليّات الدورة الأولى لمنتدى «التعاون من أجل الأمن». أمّا الحدث الثاني فكان في الأردن، حيث تنطلق في منطقة البحر الميت اليوم أعمال القمّة العربية العاديّة المعوَّل عليها إحياءُ التضامن العربي، كونها ستبحث في أزمات المنطقة، ويشارك فيها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري. أمّا في الداخل، وفيما يكاد موضوع قانون الانتخاب يدخل عالم الغيب والنسيان، فقد بشَّر الحريري بـ«أنّ التفاهم الداخلي بين اللبنانيين سينعكس قريباً على قانون الانتخابات، وسننتهي من هذا الموضوع قريباً جداً». في وقتٍ أبصرَت خطة الكهرباء النورَ بعد ستّ سنوات، وذلك غداة إقرار الموازنة العامة، فيما تبقى سلسلة الرتب والرواتب عالقةً حتى إشعار آخر.
فيما تنطلق اليوم في الأردن أعمال القمّة العربية لمناقشة أزمات المنطقة، تترقّب الأوساط السياسية كلمة عون خلالها، حيث أكّد لدى توجّهِه إلى الأردن أنّها ستكون «رسالة سلام باسمِ لبنان واللبنانيين»، وقال: «سأدعو إلى إعادة تطبيق ميثاق الجامعة العربية، المرجعية الأفضل لتوحيد الرؤى العربية».
الحريري
واعتبَر الحريري أنّ مشاركة لبنان في القمّة بوفدٍ موحّد يعكس مدى التفاهم بينه وبين رئيس الجمهورية. وقال: «إنّ التفاهم الداخلي بين اللبنانيين سينعكس قريباً على قانون الانتخابات، وقريباً جداً سننتهي من هذا الموضوع.»
وعن رسالة الرؤساء أمين الجميّل وميشال سليمان وفؤاد السنيورة وتمّام سلام ونجيب ميقاتي إلى القمّة العربية، قال الحريري: «هناك قطار سائر في لبنان نحو الأمام، وكلّ من يريد أن يستقلّه فليتفضّل وإلّا فليَبقَ مكانه».
وهذه الرسالة الخماسية تحدّثَ عنها وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق خلال تكريم رئيس مؤسسة الإنتربول الدولية الرئيس الياس المر في السفارة اللبنانية في أبو ظبي على هامش منتدى «التعاون من أجل الأمن»، فوصَفها بأنّها «خطيئة وطنية تجاوزَت حدود اللياقة والسياسة».
ومِن الأردن أكّدت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» أنّ موقف لبنان لم يتبدّل، وسيظلّ متحفّظاً عن وصفِ «حزب الله» بـ«المنظّمة الإرهابية»، وقالت إنّ العرب تفهّموا هذا الأمر ولم يُبدوا انزعاجاً، مشيرةً إلى أنّ البيان الختامي للقمّة سيكون خالياً من أيّ إشارة إلى حزب الله أو أيّ نقاط خلافية».
مرجع رسمي كبير
وقال مرجع رسمي كبير لـ«الجمهورية»: «إنّ مرحلة ما بعد القمّة العربية هي المرحلة الحاسمة، إمّا في اتّجاه الوصول إلى قانون انتخاب جديد، أو نستمرّ في تضييع الفرَص والوقت. لقد أضَعنا حتى الآن أشهراً سدىً، لم نتقدّم بها ولو قيد أنملة، ودُرنا في الحلقة المفرَغة. زايَدنا بعضنا على بعض وفي النهاية علقنا في زجاجة مقفَلة، وآنَ الآوان لكسرِ هذه الزجاجة».
وأشار «إلى جملة اتصالات تجري بوتيرةٍ سريعة إنّما غير معلَنة بين بعض القوى السياسية». وكشفَ المرجع عن اتصالات يُجريها الحريري في هذا المجال مع رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر معاونِه السياسي الوزير علي حسن خليل، ومع وزير الخارجية جبران باسيل وآخرين، في محاولةٍ لبلورةِ صيغةٍ ما تكون إمّا خلاصة عن الصيَغ المطروحة، وإمّا صيغة جديدة تكون النسبية أساساً فيها، وعلمت «الجمهورية أنّ الحريري أجرى اتصالات من الأردن بالشخصيات المعنية بالشأن الانتخابي، كذلك تواصَل مع بعضهم عبر «الواتساب».
برّي
وأكّد بري أمام زوّاره أمس رفضَه التمديد للمجلس لأجل التمديد، قائلاً: «يجب أن نفصل بين التمديد التقني والتمديد العادي للمجلس كما يُحكى عنه، أنا لا أمشي بالتمديد أبداً، ونقطة عالسطر. أمّا في ما خصَّ التمديد التقني فأمشي به إذا كان هو السبيل الأوحد، إنّما وفق آليّة معيّنة، بحيث إنّه إذا تعذّرَ الوصول إلى قانون في الأسابيع القليلة المقبلة فإنه يجب التفاهم على قانون جديد، وهذا يعني أن تبادر الحكومة إلى تلقّفِ هذا التفاهم وتتّخذ قراراً في شأنه في مجلس الوزراء تؤكّد خلاله أنّها في صَدد إعداد قانون ضمن فترة معيّنة. ففي هذه الحالة أنا كمجلس نيابي أبادر فوراً إلى الخطوة التالية باتّخاذ ما أسمّيه «تدبيراً» معناه تمديد تقني لفترة محدّدة».
باسيل و«اتّفاق الصبر»
ومِن جهة ثانية، قال الوزير جبران باسيل لـ«الجمهورية»، ردّاً على سؤال عن مصير الاتّفاق المنتظر بين «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل»: «إنّ الأمور ماشية، وتحتاج إلى بعض البحث والاتفاق على بعض النقاط». وأوضَح أنّه سيقترح أن يسمّي هذا الاتفاق بـ«اتّفاق الصبر».
خطة الكهرباء
إلى ذلك، أقرّ مجلس الوزراء «الخطة الإنقاذية» للكهرباء، التي اقترَحها وزير الطاقة سيزار أبي خليل الذي كلّفه مجلس الوزراء اتّخاذ الإجراءات اللازمة واستدراج العروض وإعداد المناقصات وعرض كلّ مراحلها تباعاً على المجلس وفقاً للقوانين والأنظمة المرعيّة الإجراء.
وأفاد مصدر في مؤسسة كهرباء لبنان أنّ الخطة الجديدة هي بمثابة استكمال لخطة باسيل وتحديث لها، لكنّ العناصر الجديدة فيها تنحصر في نقطتين أساسيتين:
أوّلاً- استئجار طاقة إضافية من باخرتين بقدرة 825 ميغاوات خلال صيف 2017. ويأتي هذا الاقتراح لسدّ الثغرة التي تَسبَّبَ بها تعثّرُ إنشاء معمل دير عمار.
ثانياً- إنشاء معامل بقدرة 1000 ميغاوات على طريقة الـIPP وبالتعاون مع القطاع الخاص في كلّ مِن الزهراني وسلعاتا.
وفي هذا الإطار بشّر الحريري اللبنانيين بـ«أنّ المواطن اللبناني سيَشعر ابتداءً من أيار المقبل بتحسّنِ التيار الكهربائي». كذلك بشّرَ بأنّ سلسلة الرتب والرواتب «ستقَرّ ولو بعد حين»، مبدياً اقتناعَه بوجوب بقاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في موقعه «لأنّه يشكّل ضماناً لاستقرار الليرة»
عز الدين لـ«الجمهورية»
وتحدّثت الوزيرة عناية عزالدين لـ«الجمهورية» عن «ملاحظات حول بعض الآليات في الخطة، والمهَل الزمنية المعطاة لاستدراج بعض العروض، خصوصاً في موضوع البواخر، ممّا يوجب أن تكون المهل مناسبةً مع المتطلبات ودفتر الشروط، لتتمكّن كلّ الشركات من تقديم عروضها في المناقصات من دون أيّ أفضلية لشركة على أخرى.
وملاحظة أخرى تتعلّق باعتماد عقدٍ بالتراضي مع شركة لإنتاج الطاقة الكهربائية بواسطة الطاقة الشمسية». وقالت إنّ ملاحظات الوزراء «تمحورَت حول موضوع إشراك القطاع الخاص، ومحطات التحويل، بينما بالنسبة إلى حركة «أمل» لم يكن التركيز على هذه الأمور، بل على آليّات التنفيذ والمهل الزمنية لاستدراج العروض».
فرعون لـ«الجمهورية»
وعلّقَ الوزير ميشال فرعون لـ«الجمهورية» على الموقف من الخطة قائلاً: «عموماً، لا اعتراض على خطة الكهرباء، إنّما تحتاج كلّ نقطة إلى البحث المعمّق».
«القوات اللبنانية»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»: «إنّ «القوات» نجحت في إدخال أفكارها وملاحظاتها على الموازنة وخطة الكهرباء، وتلقّفَ رئيس الحكومة سعد الحريري طرحَها ودعا الوزراء إلى تقليص موازنات وزاراتهم. وأصرّت على تفعيل مداخيل الجمارك، وتمّ الاتفاق على رزمة تدابير ستظهر قريباً. وتمسّكت بمكافحة التهرّب الضريبي.
وفي خطةِ الكهرباء أصرّت «القوات» على وضعِ دفتر شروط واضح المعالم يُصار على أساسه إلى استدراج عروض استئجار البواخر، وإبقاء مجلس الوزراء مرجعية، وتمّ الاتفاق على أن يتولى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني، بالتعاون مع وزيرَي الطاقة والمال، متابعة مسألة تمويل استئجار البواخر لجهة عدم تحميل الخزينة أيّ أعباء مالية خلال الفترة التي تسبق الجباية، وبالتالي تحميلها للشركات المعنية في انتظار البدء بتلك الجباية، ومن دون إغفال الجانب الأساس للخطة الحكومية التي تبنّت خطة «القوات» لناحية إشراك القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء».
مصدر نيابي
ووصَف مصدر نيابي معارض ما شهدَته جلسة الأمس تحت عنوان «خطة إنقاذية للكهرباء» بأنّه «عملية تهريب جديدة مماثلة لتهريب مراسيم النفط والتعيينات».
وقال لـ«الجمهورية»: «المعلومات الموزّعة عن خطة الكهرباء تناقض كلّ ما يُحكى عن تطمينات في شأن الرقابة المسبَقة والشفافية في دفاتر الشروط واستدراج العروض والتلزيمات وغيرها»، متسائلاً: «كيف يمكن لحكومة من ثلاثين وزيراً أن تقرّ خطة لعشر سنوات في ساعة من الوقت»؟
وقال: «نحن في انتظار المؤتمر الصحافي لوزير الطاقة، لمعرفة ما تمّ اتّخاذه من قرارات.
فهناك في الحكومة من يقول إنّ الخطة التي قدّمها أقرّت وهناك من يقول إنّ الموافقة عليها كانت مبدئية. ورئيس الحكومة يقول إنّ المواطنين سيَشعرون بتحسّن التغذية بالكهرباء ابتداءً من مطلع أيار؟ فهل يمكن وضعُ دفتر شروط وإجراء مناقصات وتوقيع عقود واستقدام بواخر في مهلة شهر إذا لم يكن هناك ما هو مقرّر سَلفاً في هذا الشأن»؟.
وحذّرَ المصدر «من إمرار عملية غشّ جديدة للّبنانيين بحجّة تأمين الكهرباء، شبيهة بمحاولة إمرار الضرائب بحجّة تمويل السلسلة». وخَتم: «ما سمعناه حتى الآن عن شروط رقابية هو بمثابة قنابل دخانية لأغراض دعائية وانتخابية ومعارك طواحين.
أمّا الحقيقة فستظهر تباعاً وستجد الحكومة بكلّ مكوّناتها نفسَها قريباً في مواجهة جديدة مع الناس في الشارع نتيجةً للصفقات الجديدة التي تحاول إمرارَها».
اللواء :
تفتتح عند العاشرة والنصف من قبل ظهر اليوم، القمة العربية الدورية الـ28 في الأردن، على ضفاف البحر الميت (55 كلم غرب عمان) بمشاركة 17 من القادة العرب، في مقدمهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والعاهل المغربي محمد السادس وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح والرؤساء المصري عبدالفتاح السيسي واليمني عبد ربه منصور هادي، والفلسطيني محمود عباس (ابو مازن)، والموريتاني محمد ولد عبدالعزيز ورئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج.
ويتمثل لبنان لأول مرّة بوفد موحد يرأسه الرئيس ميشال عون بمشاركة الرئيس سعد الحريري والوزيرين جبران باسيل ورائد خوري وعدد من السفراء.
وسيغيب عن المؤتمر خمس دول لاعتبارات صحية خاصة بقادتها إلى جانب سوريا المجمدة عضويتها.
وكان القادة العرب بدأوا بالتوافد إلى القمة منذ أمس الأوّل، وكان في مقدمة مستقبليهم العاهل الأردني عبدالله الثاني محاطاً برئيس الوزراء هاني الملقى والامير هاشم بن الحسين.
ويشارك في القمة الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس والممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية في الاتحاد الأوروبي السيدة فيديريكا موغريني ورئيس مفوضية الاتحاد الافريقي موسى فكي والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف بن احمد العثيمين ورئيس البرلمان العربي مشعل بن فهم السلمي والامين العام للجامعة احمد أبو الغيط الذين ستكون لهم كلمات في افتتاح اعمال القمة.
وحسب برنامج القمة، ستكون الجلسة الافتتاحية علنية، تتخللها كلمة للرئيس الموريتاني باعتباره رئيس القمة السابقة التي عقدت في نواكشوط في العام الماضي، ثم يسلم القمة إلى الملك الأردني الذي ستكون له كلمة تليها كلمات لممثلي المنظمات الدولية والعربية.
اما جلسة العمل الأولى فستتضمن كلمات للقادة العرب المشاركين، قبل أن تتحوّل من جلسة علنية إلى جلسة مغلقة، وتستمر حتى الساعة الثانية بعد الظهر، تليها استراحة.
وستناقش هذه الجلسة مشاريع القرارات وإعلان عمان، ثم تعقد جلسة ثانية عند الرابعة والنصف بعد الظهر تستكمل فيها كلمات القادة العرب، تليها جلسة ختامية علنية يذاع فيها «اعلان عمان» وتحديد موعد القمة المقبلة في دورتها الـ29، ثم كلمة ختامية للملك عبدالله، فمؤتمر صحفي لوزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي وامين عام الجامعة ابو الغيط يعلنان فيه القرارات الرسمية.
وتنعقد قمّة الأردن على حدّ ما لاحظ الأمين العام للأمم المتحدة من مخيم الزعتري للنازحين السوريين وسط أجواء بالغة التعقيد نتيجة الأزمات في سوريا والعراق واليمن وليبيا، إضافة إلى النزاع العربي – الإسرائيلي.
وقالت مصدر عربي واسع الاطلاع لـ«اللواء» آثر عدم الكشف عن اسمه ان القادة العرب المجتمعين في قمّة الأردن سيركزون جهودهم على توحيد الرؤية العربية من ثلاثة تحديات تواجه العرب:
1- الصراع العربي – الإسرائيلي، وتنكر حكومة بنيامين نتنياهو لمستلزمات السلام بعد وصول إدارة أميركية جديدة إلى البيت الأبيض.
وأكّد هذا المصدر ان القمة ستتمسك بحل الدولتين وستعيد التأكيد على مبادرة السلام العربية، رافضة محاولات الاستيطان في الضفة الغربية، أو ضم الجولان السوري، إضافة إلى دعم لبنان لاستعادة ما تبقّى من أرضه المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
2- وفي ما خص الإرهاب سيؤكد القادة العرب على توحيد الجهود العربية والدولية للتخلص من هذه الآفة التي مزقت أوصال المشرق العربي، سواء في العراق أو سوريا أو فلسطين، وصولاً إلى شمال افريقيا.
3- رفض التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية العربية سواء في اليمن أو البحرين أو العراق وسوريا ولبنان، واعتبار ان شرط تحسن العلاقات مع الجانب الإيراني يتوقف على اقتناع المسؤولين في إيران بأن علاقات حسن الجوار لا يمكن ان تستقيم مع التهديدات وزعزعة استقرار الأمن القومي العربي.
وأشار هذا المصدر إلى ان القمة ستؤكد التمسك بوحدة الأراضي العراقية والسورية وعودة النازحين السوريين والعراقيين إلى مدنهم وقراهم، مع دعم الجهود الآيلة إلى إنهاء الأزمة السورية من خلال المفاوضات والمرحلة الانتقالية، فضلاً عن دعم جهود الحكومة العراقية لمكافحة الإرهاب.
واتخذت اجرادات أمنية غيرمسبوقة لحماية المؤتمر من قبل قوى الأمن الأردنية، كما وفرت الحكومة الأردنية باصات لتنقل الوفود يومياً بين المدينة الرياضية في عمان ومقر المركز الصحفي، إلى جانب توفير التسهيلات للبث الفضائي عبر إقامة محطات في بهو الفندق مقر الإقامة على شاطئ البحر الميت.
لبنان في القمة
قبل أن يغادر وفد لبنان إلى القمة العربية، شكلت رسالة الرؤساء الخمسة: ميشال سليمان، أمين الجميل، تمام سلام وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي صدمة رسمية، حضرت في مجلس الوزراء، وفي موقف للرئيس سعد الحريري، وهو على متن الطائرة التي اقلته الى عمان، ووزير الداخلية نهاد المشنوق من أبو ظبي.
وقد علمت «اللواء» أن فحوى رسالة رؤساء الجمهورية والحكومة السابقين اثيرت في جلسة مجلس الوزراء التي ترأسها الرئيس عون في قصر بعبدا، قبل المغادرة إلى القمة والتي كانت مخصصة اصلاً لمناقشة واقرار خطة الكهرباء (راجع ص2).
وذكرت مصادر وزارية أن وزير المال علي حسن خليل هو أوّل من اثار هذا الموضوع، من زاوية انها اضعاف للموقف اللبناني، وتناوب على تأييده كل من الوزيرين علي قانصو ومحمّد فنيش الذي ارتأى في كلامه انه ما دام هناك رئيس للجمهورية، فالرسالة كان يجب ان توجه إلى الرئيس وليس إلى القمة.
ولم يشأ الرئيس عون الخوض في الموضوع، وقال: «ليأخذ هذا الموضوع حجمه ولا يجوز تكبيره واعطائه اكثر مما يستأهل».
على أن الرئيس الحريري، وفي دردشة مع الصحافيين الذين كانوا على متن الطائرة، علق على رسالة الرؤساء الخمسة بالقول: «هناك قطار سائر في لبنان إلى الامام، ومن يريد ان يستقله فليتفضل والا فليبقى مكانه»، واصفاً مشاركته إلى جانب رئيس الجمهورية في وفد موحد، بأنه يعكس مدى التفاهم بينه وبين الرئيس عون، لافتاً الى أن هذا التفاهم سينعكس على قانون الانتخاب قريباً جداً، وينتهي هذا الموضوع. مطمئناً الى سلسلة الرتب والرواتب والى بقاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في موقعه لأنه يشكل ضمانة لاستقرار الليرة، متوقعاً ان يبدأ تحسن الكهرباء بدءاً من شهر ايار المقبل.
ووصف الوزير المشنوق الرسالة «بالخطيئة الوطنية» لتجاوزها حدود الوطن وخروجها عن الوحدة الوطنية، لكنه أقرّ بحق الرؤساء بارسال الرسالة إلى رئيس الجمهورية والحكومة قبل إرسالها إلى القمة.
ورداً على الحملة التي استهدفت رسالة الرؤساء الخمسة رسمياً واعلامياً من قبل مكونات الحكم والحكومة، أوضح الرئيس السنيورة، وهو أحد الموقعين عليها، بأنها تهدف إلى تعزيز موقف لبنان، وهي لا تهدف لتخريب العهد، ولا هي تلبية لطلب أحد لا في الداخل ولا في الخارج، وكل ما في الأمر انها تشير الى ان هناك وجهات نظر ترفض السكوت عن السلاح غير الشرعي.
وتقول أوساط الرؤساء الموقعين أن المذكرة تدعم موقف الرئيس عون في القمة ومضامينها سيادية تتعلق بسيادة لبنان وحفظ امنه وتحييده عن صراعات المحاور، واحترام الشرعية الدولية وتطبيق الطائف واعلان بعبدا، متسائلة: اين هي الإساءة إلى لبنان والعهد؟ رافضة في الوقت عينه أن تكون المذكرة التفافاً على الرئيس عون في وقت ارسل فيه المجتمعون نسخاً عن الرسالة الى الرؤساء الثلاثة.
وكانت الرسالة المؤرخة في 24 آذار الحالي، ووقعها الرؤساء الخمسة قد تضمنت خمسة نقاط، أكدت الالتزام الكامل باتفاق الطائف واستكمال تنفيذ بنوده كافة وبالدستور واعلان بعبدا، والالتزام أيضاً بانتماء لبنان العربي وكذلك بالإجماع العربي وبقرارات الجامعة العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وفي مقدمها القرار 1701.
ودعت الرسالة إلى ضرورة الاهتمام العربي بالتضامن مع لبنان في تحرير أرضه وفي رفض السلاح غير الشرعي، وكذلك في دعم لبنان لتمكينه من مواجهة تحديات أزمة النازحين السوريين ومساعدته سياسياً ومادياً حتى عودتهم السريعة إلى ديارهم. (راجع ص 3)
ويلقي الرئيس عون اليوم كلمة لبنان امام القمة والتي تعكس تفاهماً مع الرئيس الحريري حول مضمونها وخطوطها العريضة، ينطلق من خطاب القسم والبيان الوزاري.
وكشف الرئيس عون في مجلس الوزراء ان كلمته في القمة ستكون رسالة سلام باسم لبنان واللبنانيين، ودعوة إلى تطبيق ميثاق الجامعة العربية المرجعية الأفضل لتوحيد الرؤى العربية.
وفي ما خص لبنان استبعدت مصادر دبلوماسية حصول معجزة بعد إقرار بند التضامن مع لبنان، كاشفة بأن ما سيعلنه البيان الختامي هو عبارة عن رسالة سياسية تصدر عن القادة العرب لدعم لبنان، وهي بمثابة مؤشر لعودة الأمور إلى مجاريها مع الدول العربية، مشيرة إلى التحفظ على الفقرتين 6 و7 المتعلقتين بادراج عبارة «حزب الله الارهابي» في البيان الختامي.
وكان الرئيسان عون والحريري والوفد المرافق حطوا في مطار الملكة علياء بعد ظهر أمس، وكان الملك الأردني عبد الله الثاني في مقدمة المستقبلين، قبل ان يتوجه الرئيسان إلى مقر الإقامة في فندق «ماريوت» على البحر الأحمر.
وعلى الفور باشر الرئيس عون استقبالاته مع الموفد الروسي إلى القمة ميخائيل بوغدانوف الذي لم يشأ ان يكشف عمّا إذا كان نقل دعوة للرئيس عون لزيارة موسكو.
ثم استقبل عون رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في حضور الرئيس الحريري والوف