نجح لبنان في تبديد جزء من الالتباس الذي اعترى موقفه الرسمي خلال زيارة الرئيس ميشال عون مصر وكلامه عن حزب الله. كانت المرة الأولى التي يسحب فيها بند التضامن مع لبنان بناء على طلب المملكة العربية السعودية وتضامن الإمارات والبحرين معها، وذلك على خلفية كلام عون في شأن سلاح حزب الله.
منذ ذلك اليوم وصلت إلى لبنان أكثر من رسالة تحذير شديدة اللهجة، أن هذا الموقف قد يسهم في زعزعة العلاقة مع دول الخليج، التي تحسّنت بعد التسوية الرئاسية. عليه، قاد لبنان اتصالات مع المعنيين من أجل تبديد الإلتباس وإعادة بند التضامن. وهذا ما حصل خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب. وتكشف مصادر متابعة لـ"المدن"، عن أن رئيس الحكومة سعد الحريري، قاد اتصالات حثيثة مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير للوصول إلى هذه التسوية، مقابل التزام لبنان التضامن مع أشقائه العرب وعدم الخروج عن الاجماع العربي.
غالباً، ما لجأ لبنان إلى النأي بالنفس في القمم العربية والاجتماعات السابقة، خصوصاً في حال كان البيان الختامي يتناول نشاط حزب الله ويصفه بالإرهابي. لكن الآن هناك اشتراط خليجي بوجوب دعم لبنان البيان كاملاً، تماماً كما تضمّن بيان وزراء الخارجية العرب التضامن الكامل مع لبنان.
وتكشف مصادر لـ"المدن" عن أن كلمة عون ستركّز على الحوار والتعاون العربي من أجل مواجهة الإرهاب وتعزيز الوحدة العربية في مواجهة التهديدات الراهنة. أما في شأن الموقف من حزب الله، فإن المصادر تعتبر أن عون سيشدد على وجوب الفصل بين نشاطه الداخلي اللبناني إنطلاقاً من كونه مكوناً لبنانياً أساسياً، وبين نشاطه الخارجي، خصوصاً أن سلاحه جزء من أزمة إقليمية، وحلّه مرتبط بحلّ تلك الأزمة. وسيركز عون على الإلتزام بمضمون خطاب القسم، والبيان الوزاري، لجهة حصر السلاح بيد القوى والأجهزة الأمنية الشرعية.
أما في ما يتعلق ببند إدانة التدخلات الإيرانية، فإن لبنان سيوافق على هذا البند، خصوصاً أن هناك سابقة لجهة موافقة الرئيس تمام سلام على ذلك، خلال اجتماع سابق في العام 2016. وهذه ستكون ضمن معادلة قديمة/ جديدة سيلتزم بها عون، وهي أن لبنان سيكون إلى جانب العرب إذا اتفقوا، وسيكون على الحياد إذا اختلفوا. بالتالي، إذا بقي الإختلاف بشأن الإدانة، فإن لبنان سيتحفظ عن ذلك. وفي حال اتخذ لبنان موقفاً متضامناً مع العرب، فإن ذلك سيعطي دفعاً لعلاقاته مع دول الخليج، وسيؤدي إلى رفع التحفظ السعودي، وقد يسهم في تسمية سريعة للسفير السعودي الجديد لدى لبنان. وقد يتيح عودة السياح الخليجيين إليه، خصوصاً أن لبنان يحتاج إلى مليون سائح هذا العام لتصبح نسبة النمو فيه صفراً.
وعلمت "المدن" أن لبنان سيطرح ورقة جرى بحثها مع دول عربية أخرى تتعلّق بمبادرة السلام العربية التي خرجت عن قمة بيروت في العام 2002، والتي من المفترض أن يعاد بحثها في قمة الأردن. وتتضمن هذه الورقة تعديلات ومطالبة بفصل بند التضامن مع لبنان عنها، خصوصاً أن ما يريده لبنان من العرب والمجتمع الدولي في هذه المرحلة، هو دعم جدّي لسيادته النفطية، ودعمه في التمسك بثرواته النفطية في المياه الإقليمية في ظل المطامع الإسرائيلية، ودعمه إقتصادياً وعسكرياً، ولتحمّل أعباء اللجوء.
وتلفت مصادر لـ"المدن"، إلى أن عون والحريري سيسعيان إلى عقد لقاءات ثنائية مع القادة العرب، خصوصاً الخليجيين منهم وفي مقدّمهم العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، لشرح حقيقة الموقف اللبناني من القضايا العربية، والمطالبة بتفعيل التعاون الخليجي اللبناني. وسيسعى الحريري إلى تحديد موعد لزيارة المملكة بعد القمة.