صدر بتاريخ 22/10/2012 قانون السير الجديد الرقم 243، ونشر في الجريدة الرسمية في 25/10/2012 كما عدلته اللجان النيابية المشتركة ومجلس النواب.
5 سنوات مرَّت على صدور هذا القانون الهادف إلى ضبط المخالفات وخفض عدد الحوادث. التطبيق الفعلي حبرٌ على ورق، فيما تحصد حوادث السير عشرات الأرواح يومياً، ومن يتابع نشرات الأخبار وتغريدات غرفة التحكم المروري يدرك تماماً أنه لا يخلو يوماً من حادث صدم يخلف قتلى وجرحى، المُشاة أحد هؤلاء الضحايا الذين لحظهم القانون إذ تضمَّن الباب الأول منه القواعد العامة للسير على الطرقات، وفي فصله الأول أحكام عامة للمشاة فُنِّدَت في 10مواد.
عام 2017، انتشرت أخبار عن مشروع نشر كاميرات للمراقبة في العاصمة تقضي بتركيب نحو ١٨٥٠ كاميرا لمراقبة وسائل النقل والمارة في أكثر من ٣٥٠ نقطة مراقبة في المدينة. جدل أثاره هذا الخبر، فهل دخل حيِّز التنفيذ أم سيبقى مادة إعلامية غير قابلة للتحقيق؟
400 مخالفة في 24 ساعة
يعلم السائقون والمشاة جيداً أنَّ الخط الأبيض ليس موجوداً على الكثير من التقاطعات لأسباب عدَّة، ويدركُ اللبناني أيضاً تقاذف التهم بين الوزارات المعنية والبلدية ومجلس الإنماء والإعمار من دون أي جدوى تطاول المنفعة العامة. كاميرتان مجهزتان تمَّ تركيبهما منذ مدَّة شكَّلتا تجربة، فيما تفيد المعلومات بأنَّ معوقات عدَّة تقف أمام نشر البقية في بيروت أبرزها القرار السياسي في ظل عدم إيلاء السلامة المرورية أولوية من قبل الدولة اللبنانية، وثانياً المعوّقات المادية والتكنولوجية إذ تحتاج الكاميرات إلى أن تزوَّد ببرامج لازمة.
نسأل الاستشاري في غرفة التحكم المروري جان دبغي أين أصبحت هذه الكاميرات؟ فيشير لـ"النهار" إلى أنَّ "تكنولوجيا الكاميرات في تطورٍ دائم وقد أجرينا تجربة بسيطة للمنظومة الجديدة وكيفية عملها وإمكان تطابقها مع أنظمتنا، إلاَّأنَّ تعميم هذه التجربة في كل المناطق اللبنانية يرتبط بالتنسيق بين قوى الأمن الداخلي وهيئة إدارة السير، وهو قيد الدرس وبحاجة إلى مزيد من الوقت، حالياً يجري العمل على تجهيز مركز إلكتروني لمكننة محاضر ردارات السرعة، حيث سيصل الضبط إلى هذا المركز ومنه يُرسل إلى المواطن، ولكن نظراً الى كلفة الكاميرات الباهظة فإنَّ هيئة إدارة السير بصدد التحضير إلى مناقصة".
هل صحيح ما حُكي عن تركيب 1850 كاميرا في 350 نقطة في المدينة؟ يجيب دبغي أنَّ "هذه الأرقام مرتبطة بالكاميرات التي وضعتها بلدية بيروت لدواعٍ أمنية بعيداً من رصد مخالفات السير، وقد تم تناقل هذه المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث حُكي عن وجود كاميرات في بعض المناطق، في وقتٍ لا وجود للإشارات في المناطق المذكورة، ما يعني أنَّ كل ما تمَّ التداول به غير صحيح، على التقاطعات في بيروت توجد 210 إشارات ضوئية فقط، وبعدما وضعت كاميرتان في منطقتين سجلت 300 إلى 400 مخالفة في 24 ساعة، لم تُرسل المحاضر طبعاً، ولكنَّ المخالفات موجودة، لا نهدف من ذلك إلى جمع المخالفات أو أذية الناس بل العكس، نسعى في هيئة إدارة السير للتوعية والتخفيف من الحوادث المرورية لأن ما يحصل يومياً كارثي. وقبل الانطلاق بهذه الخطوة، سنطلق حملة إعلامية للتوعية، وفي النهاية المسألة ليست غائبة كلياً ولا على نارٍ حامية ولكن يجري العمل عليها".
القرار السياسي والخطة الحكومية
"عناصر ثلاثة ينبغي توافرها في أي قانون سير ليعطي الفاعلية المطلوبة: الإرادة السياسية، والتمويل، والفريق التخصصي"، وفق الخبير في إدارة السلامة المرورية كامل ابرهيم في حديث لـ"النهار". ويلفت الى ان دور هذه العناصر يتعزّز من خلال سياسة حكومية، وتأهيل متخصصين يسهرون على تطبيق القانون وتحسينه، إضافةإلى التمويل. مسألة الكاميرات كانت تجريبية تم تضخيمها إعلامياً وتداولها الناس عبر مواقع التواصل لينطفىء وهجها بعد فترة في ظل غياب خطة أو مشروع لبدء تطبيق القانون رغم أهمية طرحها، خصوصاً وأنَّ الكاميرات تلتقط مخالفات الناس وتحرر المحضر إلكترونياً".
ويؤكد ابرهيم أنَّ "السلامة المرورية مرتبطة بقرارسياسي وخطة فعلية حكومية تصاعدية تؤدي إلى نتائج حقيقية، وهما مغيَّبان، هذه الخطة يجب أن تُبنى تبعاً لخطوات عملية على المدى الطويل. وإذا اعتقدت الدولة اللبنانية أنَّ قانون السير الحالي كفيل بخفض عدد الضحايا فهذا تفكير خاطىء، ما لم يتضمّن وضع خطط تعزز الثقافة وتطوِّر واقع الطرق في لبنان، ومعاقبة المركبات غير المستوفية الشروط العامة، والالتفات إلى مسألة رخص القيادة، وتدريب وتجهيز عناصر قوى الأمن الداخلي، إلى جانب وضع مناهج تربوية تعنى بالسلامة المرورية. وفي ظل غياب كل هذه النقاط ستكون النتيجة حكماً المزيد من الحوادث والضحايا".
يبدو أنَّ الحدّ من أعداد ضحايا حوادث السير بات مهمة شاقة في ظل عدم مواكبة الدولة للقانون عبر تحسين الطرق وإنارتها ووضع إشارات للسرعةوتوفير جسور للمشاة، وتجاهل المواطن لأبسط القوانين الموجودة لحمايته وتسهيل حياته. ولكن هل تبقى السلامة المرورية غائبة عن جدول الأولويات مثلها مثل ملفات أخرى تطاول اللبنانيين، فيما عشرات الأرواحٍ تزهق يومياً على الطرق.