نجحت الحكومة في انجاز الموازنة العامة، فماذا عن قانون الانتخابات؟ اطفاء محركات البحث خلال الساعات القليلة الماضية، وانتقال السجالات الى العلن، ليست الا استراحة بين جولتين يفترض ان تنطلق مرحلتها الثانية في المقبل من الايام، حيث من المنتظر خروج الرئيس ميشال عون عن صمته، وعودة الزخم الى الاتصالات بعيدا عن الاضواء، لكن الوقت الفاصل حمل معه اكثر من مؤشراً ظهر وجود تباين بين التيار الوطني الحر وحزب الله حول مقاربة هذا الملف، كما حملت الساعات القليلة الماضية تظهيرا «لخطوط حمراء» ابلغ حزب الله المعنيين انها غير قابلة للتفاوض، فيما برز قلق جدي لدى القوات اللبنانية من «قمة» بين الرئيس ميشال عون والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يجري خلالها حسم الموقف من الملف الانتخابي بما لا يتناسب مع التفاهم الحاصل مع الوزير باسيل حول القانون المختلط...
اوساط مقربة من حزب الله تدعو الى عدم المبالغة في تضخيم الخلاف مع وزير الخارجية جبران باسيل حول الملف الانتخابي، لان هذا التباين ليس الاول في ملفات داخلية، وانتهت الامور دون ان يفسد الخلاف في «الود قضية»، عمق التحالف متين وغير قابل للاهتزاز، ولكن هذا لا يعني ضرورة التطابق في المواقف في كافة القضايا المطروحة للنقاش الداخلي...
وتلفت تلك الاوساط، الى ان ما يحصل في «الكباش» حول القانون الانتخابي بين حزب الله ورئيس التيار الوطني الحر ليس بجديد، وتذكر هنا بمسألتين اساسيتين، الاولى رفضه منح تيار المردة حقيبة سيادية في الحكومة، ولكنه لم ينجح في تمرير ذلك، وكذلك لم يستطع باسيل ايصال من يريده الى قيادة الجيش وتم في نهاية المطاف تمرير ما تم التفاهم عليه بين الرئيس عون وقيادة حزب الله... وفي هذا السياق تفيد المعادلة ان الرئاسة الاولى قد تكون مع باسيل في كافة «معاركه» الا في العلاقة مع حزب الله يبقى القرار الحاسم والنهائي فيها للرئيس عون...
وفي هذا السياق، علمت «الديار» ان حزب الله ابلغ «بتهذيب» او بشكل موارب الوزير باسيل ان مشروعه المختلط لا يؤمن المواصفات المفترضة لقانون عصري ينقل البلاد الى مرحلة سياسية جديدة تمثل من خلالها كافة الاطراف في المجلس النيابي، وتنطلق فرضية الحزب من خلفية اشراك الجميع في السلطة التشريعية حتى لو كانوا هؤلاء من اشد خصومه، لانه يعتقد ان دخولهم في منظومة الدولة يقلل من الازمات ويخلق استقرارا في البلاد... ويعتقد الحزب ان الفرصة سانحة وهي اكثر من مناسبة لهذه الخطوة التي ستكون اولا واخيرا الانجاز الاكثر اهمية وقيمة بالنسبة الى العهد...
وبحسب اوساط مطلعة، فان كلام باسيل حول وجود خلاف تفصيلي فقط مع حركة امل وحزب الله حيال القانون المختلط، غير دقيق وليس صحيحا، فالامور اعقد من ذلك، وتتجاوز عمليا الملاحظات التي تقدم بها الثنائي الشيعي، فالوزير باسيل يدرك جيدا ان تلك الاعتراضات كفيلة بنسف القانون الجديد، وليست مجرد تعديلات بسيطة او شكلية، فالحزب لن يوافق مثلا على قانون تربح فيه القوات اللبنانية ويخسر فيه حلفاؤه..
ومن الثابت حتى الان ان حزب الله لم يضع ثقله بعد في هذا السياق مراهنا على المزيد من الوقت، لان الرئيس سعد الحريري لم  يعط جوابه النهائي بعد على اعتماد النسبية، ويبدو انه غير مستعجل لحسم هذه المسالة لانه يستفيد من التباين بين التيار الوطني الحر وحزب الله في هذه المسالة وهو يرغب في تعطيل الانتخابات دون ان يكون مسؤولا مباشرا عن الامر، مصلحته الانية التاجيل قدر المستطاع لانه الوحيد الذي يخشى الاحتكام راهنا الى صناديق الاقتراع...
وامام هذه المعادلة، تشير اوساط مسيحية مقربة من القوات اللبنانية «للديار» ان خروج الدكتور سمير جعجع عن صمته مرتين
 خلال ساعات لتأكيد رفضه للنسبية الكاملة، كان نتيجة شعور بان حزب الله بدأ يظهر مواقفه بحدة اكثر من اي وقت مضى، وهو يخشى ان «تنهار» دفاعات الوزير باسيل امام ارتفاع ضغوط الحزب، هو يعرف انه اظهر تماسكا واصرارا غير مضمون النتائج بفعل التجربة، على الرغم من لقاءاته المتتالية مع نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، والمستشار السياسي للامين العام الحاج حسين خليل، لكن ما تخشاه معراب ان يلعبها حزب الله «صولد واكبر» من خلال عقد لقاء يتم الحديث عنه او التلويح به بين رئيس الجمهورية والسيد نصرالله يكون حاسما لجهة تظهير موقف الرئيس الداعم للقانون النسبي... هذا الامر تحدث به جعجع الى بعض المقربين.. وفي ظل عدم الركون لموقف تيار المستقبل، لا تريد «القوات» في نهاية المطاف خسارة المعركة من «بوابة» بعبدا لان المواجهة ستكون مكلفة للغاية... النسبية سبق ونوقشت في اللقاءات التي عقدت بين الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والرئيس ميشال عون، وكان «الجنرال» من اكثر المتحمسين للنسبية وموقفه لا يحتاج الى الكثير من التاويل، ولم يصدر عن بعبدا ما يشير الى تراجع الرئيس عن هذا الموقف، ما يجعل بعض «الخبثاء» يقولون ان عون وحزب الله اليوم في خندق واحد في مواجهة محاولات باسيل - والقوات لتمرير القانون «المختلط»..
 

 الخطوط الحمراء


في هذا الوقت، رسم حزب الله قواعد عامة للمعادلة الانتخابية ورفع تدريجيا من حدة المواجهة مع «الخصوم» والحلفاء، وهو على الرغم من ذلك لم يقفل «الابواب» امام استمرار النقاشات في «الغرف المغلقة» لكنه ثبت «خطوطا حمراء» وتم ابلاغها لكافة الاطراف المعنية ابرز بنودها عدم العودة الى قانون الستين، وجود النسبية بات امرا ثابتا، وحدة المعايير في اي قانون، عدم المس بالحلفاء، عدالة توزيع الدوائر، والاهم ان الفراغ غير مطروح ابدا للنقاش، ومن غير المقبول حصوله تحت اي ظرف كان...


 

 

 الموازنة


اقرت الحكومة مساء امس بالاجماع الموازنة العامة بعد نقاش جدي ومراجعة النفقات والواردات والعجز والتضخم، واعلن الوزير باسيل بعد الجلسة انه تم اقرار جملة من الاصلاحات الضريبية التي تؤمن تصحيحا ضريبيا في البلاد، وتم اضافة 1000مليار للضريبة الطبيعية على ارباح المصارف التي جمعت اموالا من الهندسة المالية و300مليار ليرة الى مداخيل المرفأ، وتم اتخاذ قرار بزيادرة وتفعيل مداخيل الجمارك وتحسينها... فيما اعلن الوزير حسين الحاج حسن انه والوزير فنيش نجحا في تخفيض الرسوم على ميكانيك السيارات وكتاب العدل... وتم احالة الموازنة الى المجلس النيابي.
 

 لبنان في القمة «والمشكل» المؤجل؟..


اوساط دبلوماسية في بيروت اكدت «للديار» ان الساعات القليلة الماضية كشفت عن تضخيم مقصود من بعض الجهات اللبنانية لحجم «الغضب» الخليجي من مواقف رئيس الجمهورية ميشال عون من سلاح حزب الله، وتبين من خلال تمرير قرار التضامن مع لبنان الذي صدر بالاجماع في الاعمال التحضيرية لوزراء خارجية جامعة الدول العربية، وتحفظ لبنان على البنود التي تصنف حزب الله منظمة ارهابية في القرار الذي يدين التدخل الايراني بالشؤون الداخلية للدول العربية... ان «الفريق» السعودي في الجامعة يتفهم الموقف اللبناني وليس في وارد تصعيد الموقف على الساحة اللبنانية، لان اولوياته في ساحات اخرى في المنطقة..وقد يستفيد لبنان من اعتماد المجلس العربي الاقتصادي المشترك في اجتماعه التحضيري، الورقة الأردنية التي ستطالب ضمنيا الدول العربية بتوفير «مساعدات مالية» للدول المتضررة من أزمة اللجوء السوري... 
وبحسب اوساط سياسية في بيروت، اذا كان الرئيس ميشال عون واضح في ما سيحمله معه الى القمة، لجهة ضرورة وقف الحرب في سوريا ووحدة الاراضي السورية، ومحورية القضية الفلسطينية، فان الرئيس الحريري الذي يتوجه الى مؤتمر بروكسل الاسبوع المقبل لعرض خطة لبنان لمواجهة اعباء النزوح السوري وطلب الدعم الدولي لها، يرافق رئيس الجمهورية اهداف اخرى ترتبط اولا واخيرا بتوطيد علاقته مع السعودية، حيث يسعى الى تأمين مواعيد جانبية على هامش القمة مع الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، رغبة منه في فتح «ابواب» السعودية امامه...
ويبقى ثمة «قطبة مخفية» واستحقاق قد يكون داهما، سيواجه لبنان بعد القمة يرتبط بالملف الفلسطيني، فعلى الرغم من الاعلان الرسمي من قبل الحكومة الفلسطينية بإنه «لا يوجد أي نية لتعديل أي بند من بنود مبادرة السلام العربية»، فان الخامس عشر من نيسان المقبل سيشهد لقاءا بين الرئيس الاميركي دونالد ترامب والرئيس محمود عباس، يبدو استبدال الإطار الدولي المستند للقوانين والقرارات الدولية بإطار إقليمي بهدف تمرير خطة نتنياهو للتطبيع مع الدول العربية، اولوية لدى واشنطن وعلى «الاجندة» السعودية، التي قد لا تطرحها على جدول اعمال القمة، ولكن ستكون حاضرة على هامشها، الحراك السعودي المفترض يشمل تعديلات على المبادرة العربية، واشنطن تريد ان تدفع العرب للقبول بتسوية اقليمية قبل الحل النهائي، سيجد الفلسطينيون انفسهم عاجزين عن فعل اي شيء، وكذلك سيجد لبنان نفسه عاجزا ايضا في ملف اللاجئين... لكن لا بد له من اتخاذ موقف واضح صريح عندما تنضج هذه التسوية... وهو مشروع «مشكل» مؤجل حيث لا يمكن تدوير الزوايا فيه...