«هي بحقّ قمّة استثنائية للبنان»، كما وصف قمة البحر الميت أحد أعضاء الوفد اللبناني الذي شارك في اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري للقمّة أمس، كاشفاً النقاب عن «هديّة» قدّمتها دول مجلس التعاون الخليجي للعهد والحكومة الجديدين، مع إقرارها بالإجماع رفع «التحفّظ» عن فقرة التضامن مع لبنان، لتكون بمثابة إنجاز ديبلوماسي كبير يفتح صفحة عربية جديدة داعمة للمؤسسات الشرعية اللبنانية، عشية وصول رئيسَي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري الى عمّان اليوم.

فبعد مسار استمر أكثر من خمسة شهور منذ انتخاب الرئيس عون وتشكيل حكومة الرئيس الحريري، وصولاً إلى لقاءات وزير الخارجية جبران باسيل مع وزراء خارجية المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين في واشنطن، تُوِّجت هذه الجهود بقرار رفع تحفّظ الدول الثلاث عن فقرة التضامن مع لبنان المُدرجة في مشروع البيان الختامي، الذي اتّخذ خلال اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون في البحر الميت أمس، وتبلّغه لاحقاً وفد لبنان الرسمي الذي ضمّ أمين عام الخارجية شربل وهبي وسفير لبنان لدى الجامعة العربية انطوان عزام والقائم بالأعمال في الأردن علي المولى خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب الذين وضعوا أمس اللمسات الأخيرة على مشروع 

البيان الختامي للقمّة التي ستُعقد غداً برئاسة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وبحضور أكثر من 16 زعيماً عربياً سيصلون اليوم تباعاً إلى الأردن، في أكبر مشاركة من نوعها لقادة الدول على مستوى القمم العربية.

قمّة عمّان لن يقتصر الحشد العربي الاستثنائي فيها على القادة العرب، وإنما سيُشارك فيها أيضاً موفد الإدارة الأميركية إلى الشرق الأوسط جايسون غرينبالت بعد إبداء روسيا رغبتها بمشاركة مساعد وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، بالإضافة طبعاً إلى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس الذي يلقي كلمة خلال الجلسة الافتتاحية، علاوة على مبعوثه المكلف متابعة الأزمة السورية ستافان دي ميستورا.

وعشية احتمال وضع الإدارة الأميركية الجديدة الملف الفلسطيني – الإسرائيلي على طاولة البحث الجدّي، كما أعلن أكثر من مسؤول أميركي، على رأسهم الرئيس دونالد ترامب نفسه، سيؤكد العرب في قمّتهم غداً على أولوية القضية الفلسطينية بوصفها القضية المركزية، كما قال أحد وزراء الخارجية العرب لـ«المستقبل»، مشدّدين على مرجعية المبادرة العربية للسلام التي أُقرَّت في قمّة بيروت العام 2002.

وإذا كان العراق، كما أضاف الوزير، سينال في هذه القمّة نصيبه من الدعم العربي بعد انفتاحه على المملكة العربية السعودية، وسط تركيز عربي على مرحلة ما بعد «داعش» في الموصل (واستطراداً في الرقّة)، فإن إيران ستنال في المقابل نصيبها من التشدّد العربي إزاء تدخّلاتها في شؤون الدول العربية، كما عبَّر عنه البيان الصادر عن اجتماع اللجنة الرباعية المولجة بمتابعة هذا الملف التي اجتمعت في البحر الميت أمس، بحضور وزراء خارجية المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر والأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط.

وسيدعو القادة العرب إيران، حسب مشروع البيان الختامي الذي حصلت عليه «المستقبل»، إلى «الكفّ عن السياسات التي من شأنها تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية والامتناع عن دعم الجماعات التي تؤجّج هذه النزاعات في دول الخليج العربي، ومطالبة الحكومة الإيرانية بإيقاف دعم وتمويل الميليشيات والأحزاب المسلّحة في الدول العربية».

كما يُدين مشروع البيان «التدخّلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين من خلال مساندة الإرهاب وتدريب الإرهابيين وتهريب الأسلحة والمتفجرات وإثارة النعرات الطائفية..»، بالإضافة إلى تدخّلها في الأزمة السورية وفي الشأن اليمني الداخلي. ويؤكد على أهمية «مبادرة مجلس التعاون لدول الخليج التي تضمّنها خطاب أمير دولة الكويت إلى الرئيس الإيراني ودعوة إيران إلى التعامل الإيجابي مع هذه المبادرة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة».

كما يقترح البيان تكليف الأمين العام للجامعة مواصلة التنسيق مع أعضاء اللجنة الرباعية «لوضع خطة تحرّك عربية من أجل التصدّي للتدخّلات الإيرانية في المنطقة العربية، وحشد التأييد والدعم الدولي للموقف العربي الرافض لهذه التدخّلات الإيرانية».