رغم الاستقرار الذي يَنعم به لبنان، فإنّ بيروت تشهد "حرباً باردة" موازية لـ"الحروب الساخنة" في المنطقة، وأحد مظاهرها قانون الانتخاب الذي تحوّل خطّ تماس محلياً - إقليمياً يختزل مجمل عناصر الصراع الداخلي المفتوح منذ العام 2005، والذي يتشابك في أبعاده الخارجية مع معركة ترسيم النفوذ في المنطقة.
وتشتدّ "المنازلة" بين القوى المتموْضعة على خطّ تماس قانون الانتخاب، على وقع ما يشبه "عمى الألوان" الذي أصاب غالبية الدوائر السياسية نتيجة الغبار الكثيف الذي يحوط مسار هذا القانون العالق فعلياً بين خياريْن، إما الاتفاق قبل 17 ابريل المقبل على صيغةٍ لقانون جديد، وإما إمكان تَجرُّع كأس تمديدٍ ثالث للبرلمان.
وفي "حشْرة" الأسابيع الثلاثة الفاصلة عن "المهلة الفصل" بين الاحتماليْن اللذين لا ثالث لهما (قانون جديد أو التمديد)، فإن "فوضى" المناخات المتضاربة حيال حظوظ بلوغ تفاهُم على قانون جديد وطبيعة هذا القانون ومواقف الكتل منه تعكس "سوء رؤية" حقيقياً، يؤشّر إما الى الذهاب الى المأزق الكبير وإما الصفقة الكبرى.
وتتجلّى هذه الفوضى في المعطيات المتناقضة إزاء مواقف القوى السياسية من طرحيْن: الأوّل الذي قدّمه رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية جبران باسيل ويقوم على النظام المختلط بين أكثري على قاعدة الاقتراع الطائفي (الأرثوذكسي) ونسبي (وطنياً)، والثاني الذي يدفع في اتجاهه "حزب الله" ويرتكز على النسبية الكاملة في لبنان دائرة واحدة أو دوائر عدة.