اذ ان الحريري كان صاحب القرار والمبادرة في هذا الامر يوم تولى رئاسة حكومته الاولى وجاء حضوره امس لاحياء العيد ايضا وسط ظروف رمزية وسياسية إعادته الى رئاسة الحكومة لا تزال ترسم معالم سياسية بارزة في المشهد اللبناني الراهن . مع ذلك لم تحجب فرصة العيد الجامع دينيا معالم الغموض الكبير المتنامي حيال أزمة حقيقية عميقة بدأت معالمها ترسم كل ما يتهدد مسار الحكومة والعهد معا مع الاقتراب التصاعدي لمأزق قانون الانتخاب من ملامسة الخطوط الحمراء التي يخشاها كثر . والحال ان الايام الاخيرة التي يتردد خلالها ان ثمة تأهبا سياسيا واسعا لخوض ما يمكن ان يوصف بالجولة الحاسمة لتقرير مصير قانون الانتخاب الجديد قبيل منتصف نيسان او ال18 منه كمهلة " قاتلة " اخيرة تسبق انفتاح الأزمة على الخيارات الاشد سلبية انكشفت عن توغل في فرز سياسي ربما لا يساعد اطلاقا في توقع اختراق حقيقي في المأزق ما لم تكن ثمة مفاجآت مختبئة وراء الكثير من المناورات السياسية . ويمكن القول ان طلائع الحملة الحادة التي استهدفت مجددا المشروع المختلط بين النظامين الاكثري ( وفق القانون الأرثوذكسي ) والنسبي الذي طرحه الوزير جبران باسيل قبل اسبوعين شكلت معلما يجدر التوقف عنده بجملة تساؤلات كانت محور الحركة السياسية في الكواليس في الساعات الاخيرة . من ابرز التساؤلات التي تساور الاوساط السياسية المعنية والمراقبين المتابعين للاتصالات : ما دام مشروع باسيل اعتبر ساقطا منذ اللحظة التي طرح حوله الثنائي الشيعي ملاحظاته عليه واعتبرت بمثابة رفض ضمني واضح له ، فما الذي استدعى موجة جديدة من المواقف السياسية والإعلامية ضده ؟ وهل فعلا سقط المشروع ام ثمة استشعار لدى بعض الافرقاء الرافضين له بانه لا يزال قيد التداول والاخذ والرد بلوغا الى تعديلات تجعله قابلا للحياة ؟ ثم الاهم من ذلك لماذا تتصاعد نغمة التمييز بين مشروع باسيل بل مشاريعه وصاحب العهد الرئيس العماد ميشال عون ؟ هل فعلا ثمة تمايز بين الرئيس المؤسس والزعيم الدائم التاريخي لهذا التيار ورئيسه وزير الخارجية جبران باسيل ام انه توزيع ادوار مرحلي لا يعرف الى اين يؤدي في لحظة ما ؟
إقرأ أيضا : شكوى لبنانية إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة ضد إسرائيل
هذا في الجانب المتصل بالعهد والفريق المحسوب عليه مباشرة . ام في جانب آخر فان ثمة تساؤلات لا تخلو منها الكواليس تتصل بموقف الرئيس الحريري وتياره المستقبل ايضا ولا تقل دلالة في غموض اللحظة السياسية الراهنة . ما صحة ما يتردد على نطاق واسع منذ اكثر من اسبوعين من ان الحريري يلمح ضمنا وصراحة الى مماشاته النسبية الكاملة التي كانت حتى الامس القريب محظورا وممنوعا من محظورات وممنوعات تيار المستقبل بسبب ربطها بواقع سلاح " حزب الله " ؟ وهل اسقط هذا الشرط ولماذا وما الضمانات التي يمكن ان تجعل النسبية الكاملة مقبولة الان بعدما كانت مرفوضة دوما الا اذا تحقق حل لسلاح " حزب الله " ؟ وهل فعلا بات الحريري مقتنعا بان النسبية الكاملة لا تشكل خطرا انتخابيا على تياره بل ربما يحصل منها على ما يفوق حصوله من المشروع المختلط ؟
تساؤلات وشكوك تملأ الكواليس والقنوات السياسية المفتوحة ، لم يكن ادل على دلالاتها الثقيلة سياسيا من مسارعة رئيس حزب " القوات اللبنانية " سمير جعجع امس الى وضع حد حاسم للموقف من النسبية الكاملة ، اذ أعلن بما لا يقبل اجتهادا انها مرفوضة تماما لانها تؤدي الى الاكثرية العددية ولا تحقق هدف التمثيل المسيحي الاوسع الذي يهدف اليه الثنائي القوات - التيار الوطني الحر . فماذا تراها تخبئ الايام المقبلة من مزيد ؟