تبدو البلاد في مواجهة مشكلة كبيرة في حال عدم التوصل الى قانون انتخابات جديد خلال المرحلة القريبة المقبلة، وسط استمرار البحث في مشروع القانون المقدم من الوزير جبران باسيل، والذي يقول بالمختلط بين الأكثري وفق تصويت طائفي، والنسبي مع صوت تفضيلي مقيد.
وبينما تحدثت مصادر بارزة في التيار الوطني الحر عن مناخات إيجابية وموافقة الاطراف الاساسية عليه، استطلعت «الأخبار» مواقف غالبية القوى ذات التمثيل في البلاد، والتي كشفت عن إجماع على رفض المقترح. وكان البارز إعلان الرئيس نبيه بري تمسّكه بمشروع القانون الذي يستند الى النسبية الشاملة مع اعتماد لبنان دائرة واحدة.
وقال الرئيس بري لـ«الأخبار»: «حتى الآن لا يوجد أي اتفاق على قانون الانتخابات. وحركة «أمل» لم توافق على مشروع القانون المقدم من قبل الوزير باسيل. فنحن لا نوافق على أي قانون يعزز الطائفية، ويمنع على المواطن المسلم أن ينتخب مرشحاً مسيحياً أو العكس. وسبق لنا أن رفضنا مشروع القانون المعروف بالأرثوذكسي». وأوضح رئيس المجلس أن المباحثات الجارية الآن «هدفها محاولة الوصول الى قانون جديد، بعدما بات الجميع محشوراً بسب ضيق الوقت وقرب انتهاء المهل الدستورية لإجراء الانتخابات».
وكانت مصادر بارزة في التيار الوطني الحر قد أبلغت «الأخبار» أن المباحثات الجارية «أنهت عملياً الاتفاق على كل المبادئ الرئيسية للمشروع، وأن الاتفاق النهائي يفترض أن يحصل قبل نهاية آذار الجاري».
ونقلت مصادر التيار عن الأطراف الرئيسية «موافقتها على تقسيم المقاعد الى 69 على أساس أكثري، و59 مقعداً على أساس النسبية، كذلك الموافقة على اعتماد أصول مشروع القانون الأرثوذكسي في الشق الأكثري وفق قاعدة: ينتخب المسلمون المسلمين وينتخب المسيحيون المسيحيين». وأكدت «أننا تلقّينا أجوبة رسمية إيجابية من تيار «المستقبل» وحزب الله وحركة أمل والقوات اللبنانية... وحتى النائب وليد جنبلاط ليس بعيداً عن هذه الأجواء». وأضافت: «هذه الأجوبة أُعطيت لنا مباشرة في اجتماعات ثنائية وثلاثية. وفي الاجتماع الرباعي الأخير (التيار والمستقبل وحزب الله وأمل) الذي عقد الأسبوع الماضي على مستوى عال (حضره الرئيس سعد الحريري ومستشار السيد حسن نصرالله الحاج حسين الخليل ووزير المال علي حسن خليل وباسيل) أبدى كل طرف موافقته على المبادئ الأساسية للمشروع أمام بقية الأطراف»، وقالت المصادر إن ما بقي عالقاً «مجرد تفاصيل صغيرة، مثل البحث في خفض عدد الدوائر من 14 الى عشر عبر تقسيم كل من المحافظات التاريخية الى دائرتين بدلاً من ثلاث لمراعاة الوزير سليمان فرنجية». كذلك «لا يزال النقاش مستمراً حول ربط الصوت التفضيلي بالمحافظة أو بالقضاء»، مشيرة الى أن «هذا الأمر لا يؤثر في النتائج النهائية وفي أحجام الكتل، بل في أسماء الفائزين من هذه الكتل».
ولفتت مصادر التيار الى «أن الاتفاق على التركيبة الأساسية للمشروع فرض عودة وزير الخارجية المبكرة من واشنطن صباح الخميس، وأن القانون يُفترض أن يتبلور بشكله النهائي في الأيام القليلة المتبقية قبل سفر رئيس الجمهورية ميشال عون الى عمان» لحضور القمة العربية نهاية الشهر الجاري، وسفر باسيل من عمان إلى أستراليا لمدة أسبوع.
وشدّدت المصادر على «أننا أمضينا الأسبوعين الماضيين في النقاش لتضييق شقة الخلافات، ونجحنا الى حدّ كبير جداً. وعليه، حان وقت البت النهائي، إذ لا يمكن الاستمرار الى ما لا نهاية في التوقف عند تفاصيل صغيرة. الوقت بات ضاغطاً، والجميع يعلم أن هذا القانون هو الوحيد على طاولة البحث اليوم، ولم يجر الحديث في أي مشروع آخر، والعودة عنه تعني الوقوع في واحد من القوانين الأخرى التي سبق أن قدمناها كالمختلط أو التأهيلي، وصولاً إلى الأرثوذكسي». وبالتالي، «المطلوب سريعاً، وقبل نهاية الشهر الجاري، البت نهائياً في ما تفاهمنا عليه، وإلا ربما سيكون علينا سلوك مسارات أخرى» لم تشأ الإفصاح عنها.
وفي السياق نفسه، قالت مصادر التيار إن «الاقتراح يرضي الجميع، بمن فيهم الحزب السوري القومي الاجتماعي وسنّة فريق 8 آذار وحزب الكتائب»، وهو ما يخالف تصريحات هذه الاحزاب وغيرها من القوى والشخصيات التي رفضت بالمطلق مشروع باسيل (راجع التصريحات والمواقف ص 4 ــ 5 ).
وليل أمس، أكد باسيل، في خطاب ألقاه في عشاء للرابطة المارونية، أن «قانون الانتخاب يجب أن يجمع بين الطائفية والعلمنة»، معتبراً أن ذلك يكون «عبر قانون يحقق التمثيل الفعلي لكل المكوّنات من دون تزوير».