قال تعالى : {مُنِيبِينَ إِلَيهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ المُشرِكِين & مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزبٍ بِمَا لَدَيهِم فَرِحُون}
[سورة الروم/آية32/31]
الحزبيّة في الإسلام، وبالنص القرآني، هي "شرك" بالله العظيم . وذلك أن أي تكتل حتى يكون قائما بنفسه فإنه يجب أن يمتاز عن غيره من التَّكتُّلات بشيء من مبادئه حتى يكون له حيثيته الخاصة به التي تميزه عن غيره وتجعله تَكتُّلاً مختلفا عن غيره ويحمل إسمًا مختلفًا عن غيره من أسماء التكتلات والأحزاب.
وعندما يكون هذا التّكتُّل تَكُّتلا دينياً، فهذا يعني أن يكون له ما يميزه عن غيره من التَّكتُّلات والأحزاب الدِّينيَّة، وبما أنه تكتُّل وحزب "ديني" يَدَّعي أن كل مبادئه هي مبادئ دينية، فهذا يعني أن ما يتميَّز به عن غيره من الأحزاب الدينية هي مبادئ دينية.
إقرأ أيضًا: فليرحل أمراء الحرب عن صدورنا
فإذا كان هناك عدة أحزاب دينية، فهذا يعني بالضرورة أن لكل منها قواعد دينية تختلف عن قواعد الحزب الديني الآخر، وإذا ما عرفنا أن الدين الذي نزل من السماء على رسول الله (ص) هو دين واحد وليس فيه أي إختلاف بين مبادئه، فهذا يعني أن كل حزب من الأحزاب الدينية - التي من المفترض أنها تنتمي لدين واحد وبعضها لمذهب واحد - قد أدخلت في مبادئها ما ليس من الدين ثم نسبته لله سبحانه وجعلته من الدين حتى تمتاز به عن غيرها من المنظمات الدينية ويصبح لها مُسَمَّاها الخاص بها، مع أنه وكما ذكرنا أن ذلك ليس كذلك، بل هو مجرد شيطنة لأن مبادئ الدين الواحد مبادئ واحدة، ولا سيما إذا كانت تنتسب لمذهب واحد.
وهذا معناه أن هذه التنظيمات "الدينية" قد جعلت لله تعالى شريكًا في التشريع من خلال وضعها لمبادئ خاصة بها وجعلتها من الدين -أي من الله تعالى - وهذه المبادئ ليست من الدين بدليل اختلافها من حزب لآخر، لأن مبادئ الدين واحدة وليست متعددة، وذلك لأن دور الدين هو لَمُّ شمل البشرية وليس تمزيقها بمبادئ متعددة، وهذا يعني أن الله تعالى ودينه بريئان من الفكرة الحزبية ولو كان على رأس الأحزاب الدينية معمَّمين قد شابت لحاهم . فهؤلاء ليسوا مشركين فحسب، بل هم أئمة للشرك بكل ما تعنيه كلمة "شرك" من معنى !!
إقرأ أيضًا: احذروا صَولة الكريم إذا جاع واللّئيم إذا شبع
سؤالنا هو : كيف يجيب المُعَمَّمون الحزبيُّون على هذا الأمر الخطير، وكيف يفهمون هذه الآيات الواضحة، وكيف يُبَرِّرون ﻷنفسهم أن يكون حزبيين مشركين مُفَرِّقين لأتباع الدين والمذهب الواحد وجَعْلهم شِيَعًا، في الوقت الذي يَدَّعون أنهم دعاة إلى الله الواحد ودينه الواحد والأمة الواحد، وخصوصًا بعدما أثبتت التجارب أن "الحزبية الدينية" لم تجر على المجتمعات إلا التفرق والتشتت والخراب والدمار وأنهار الدماء حتى بين الإخوة والأشقاء، بغض النظر عن بعض الفوائد التي قد يذكرها البعض لهذه الأحزاب، مع أنها فوائد في مقابلها أضعاف مضاعفة من الأضرار المهلكة الناتجة عن الحزبية الدينية، وكان يمكن تحصيل هذه الفوائد من دون أي أضرار أنتجتها ااحزبية الدينية الخبيثة ؟!!