تمكنـت بعض شركات الإنـتاج الفني من تغيير الذوق الفني للناس بحيث يتماشى، حسب زعمها، مع نمط الإيقاع السريع للحياة.
والواقع أن هذه الشركات أخذت تـنافس مزارع تربية الدواجن لجهة إنـتاج فنانة أو فنان "حاضر ناضر" قابل للاستهلاك من قبل الجماهير في غضون ثلاثة أسابيع .. أسوة بالفرّوج!
بل تماشت هذه الشركات مع المنحى الإستهلاكي السائد في المجتمع، فصرنا لا نكاد نسمع بإسم "نجم" صاعد حتى ينطفىء ويخبو لصالح البديل الذي يظهر من حيث لا نحتسب.
ليس هذا فحسب بل أخذتنا على حين غرّة، فإذا "الفيديو كليب" هو الموضة الدارجة والوسيلة الحديثة، وفيه تـنـتقل الكاميرا من لقطة إلى أخرى بسرعة صاروخية بحيث يقتصر تركيزنا على تبيّن ملامح الفنان أو الفنانة والتغييّر المتواصل لتسريحة الشعر والثياب وخلفيات المشهد، ونُحاول جاهدين لاهثين أن نفهم ما يجري دون جدوى إلى أن ينـتهي الكابوس، فنُدرك أننا لم ننـتبه إلى صوت المُؤدّي أو المُؤدّية!
في يومنا هذا لم يعد لسماع الطرب قواعد وأصول، فلم نعُد نذهب إلى المسارح، بل نقبع في المنازل نستمع ونحن مستلقين على الأرائك، نشارك الفرقة الموسيقية عبر قرقشة "الشيبس" والمُكسّرات وأصوات جرعات المُرطبات والتجشوء، أو نسعى إلى سماع الأغاني في عُلب ليلية مُعتمة صاخبة ونحن لاهون بتـناول المازات والمآكل، "نُطيّب للمطربين" بسُحبات طويلة من "قرقرة" الأراكيل وسُحب الدخان، إلى حين تأخُذنا الحميّة فنسارع إلى "البيست" ندبُك ونرقص ونـتزاحم ويصدُم بعضنا بعضاً.
للأسف الشديد لقد غيّروا أذواقنا وصرنا نسمُع بعيوننا وأفواهنا وأقدامنا .. وأردافنا!
(مجلة الدبور)