ليست المرّة الأولى التي يأتي فيها رفض النسبية الكاملة، من الطرف الذي كان طوال السنوات السابقة، يطالب بالنسبية. يثير الأمر استغراب شخصية سياسية بارزة على صلة بآخر ما وصلت إليه النقاشات في قانون الانتخابات، معتبراً أنه غالباً ما يكون الطرف المزايد هو المعرقل في النهاية. يقول السياسي إنه في الأيام القليلة الماضية، أعاد تيار المستقبل الإيحاء بأجواء إيجابية حيال النسبية الكاملة، ولدى اعطاء إشارات بقبول لبنان دائرة واحدة على الأساس النسبي للثنائي الشيعي، بدأت المواقف الاعتراضية الضمنية تأتي من الأطراف الأخرى.
عندما طرح الثنائي الشيعي العودة إلى مشروع قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، أي تقسيم لبنان إلى ثلاث عشرة دائرة على الأساس النسبي، أيد التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية ميشال عون ذلك، بطريقة أو بأخرى، وفق المصادر. إذ كان الرهان على استحالة أن يوافق تيار المستقبل عليه. سارت الأمور هكذا لأربعة أو خمسة أيام، وبعدها سأل مدير مكتب الرئيس سعد الحريري، نادر الحريري، المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حسين خليل عن مضمون هذا القانون. وبحث الرجلان في تفاصيله. فطلب الحريري الاستمهال لبضعة أيام، لاجراء دراسة وافية للمشروع. وأبلغ حزب الله عبر قناة إتصال بأن المستقبل يوافق السير بهذا المقترح، ولكن قد يحتاج إلى إدخال تعديلات عليه بعد التشاور مع الحزب التقدمي الإشتراكي. ما إن وصلت هذه الأصداء إلى التيار الوطني الحرّ، حتى بدأت الرسائل الاعتراضية التي تبناها في حينها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، فأعلن رفضه النسبية الكاملة، وأعلن التمسك بالمختلط.
فيما الرد العملي من قبل التيار، كان بإخراج الوزير جبران باسيل صيغة إقتراح جديدة، وكانت الرسالة المباشرة برفض النسبية الكاملة. سقطت صيغة باسيل الثانية، ولدى إعادة البعض التذكير بالنسبية الكاملة، أشاع باسيل أنه يصوغ مقترحاً جديداً، وأنه يحظى بقبول المستقبل، وسط صمت مستقبلي. وأعلن الإقتراح الثالث، الذي يتضمن التأهيل مع الأرثوذكسي، والذي رفضه الجميع، إذ جاءت المواقف تعاكس الأجواء التي ضخّها باسيل عن قبول المستقبل باقتراحه. وهذا ما تعتبر المصادر أنه هدف إلى إشاحة النظر عن النسبية الكاملة.
قبل ثلاثة أيام، خرج موقف إيجابي من تيار المستقبل إلى حزب الله في شأن إمكانية القبول بالنسبية الكاملة مع لبنان دائرة واحدة، أو حتى البحث في كيفية توزيع الدوائر. الأمر الذي يرفضه الثنائي المسيحي بشكل قاطع، إذ يعتبر أنه لا يحقق صحة التمثيل المسيحي في ظل الواقع. بالتالي، يبدي التيار والقوات تمسكهما بالمختلط.
عملياً، ما يجري هو نوع من حرب غير معلنة، بين "الحلف الرباعي" الذي نشأ في انتخابات العام 2005، وبين الثنائي المسيحي. وفي هذه المرحلة، يأخذ شكل التقاذف بالمبادرات والمقترحات الانتخابية، إذ إن الرد على موافقة الحريري على النسبية الكاملة، جاء سريعاً من التيار، عبر إشاعة جو عن تقدّم تحرزه صيغة باسيل الأخيرة بعد إدخال تعديلات عليها. هذا الموقف أصر باسيل على إشاعته حتى خلال وجوده خارج لبنان. وهو يلحظ التمسك بالمختلط، ولكن عبر تعزيز النسبية فيه على حساب الأكثري، عبر توزيع المقاعد، 69 على الأساس الأكثري ويكون التصويت على الأساس المذهبي، أي كما جاء في القانون الأرثوذكسي، و59 على الأساس الأساس النسبي، ويبقي المقترح الجديد على تقسيمات المقترح القديم، لكن التعديل يطال كيفية توزيع المقاعد، ما بين أكثري ونسبي، وما بين المسيحيين والمسلمين.
وفي مقابل ذلك، ثمة صيغة مختلطة أخرى، سيلوّح بها الطرف الآخر، تقوم على توزيع المقاعد، 69 نسبي، و59 أكثري. على أن يكون توزيع الدوائر فيها قريباً من كيفية توزيعها في قانون الستين. وما بين الإقتراحين، ستتكثّف الاتصالات في الأيام المقبلة للوصول إلى إقرار القانون الجديد قبل 20 نيسان. وهي المهلة التي وضعها الرئيس نبيه بري