قبل عودته إلى بيروت، وعشية اجتماع مجلس الوزراء لاستكمال البحث في مشروع قانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2017، استبعد الرئيس سعد الحريري ان تكون البلاد متجهة إلى أزمة، معرباً عن ثقته من الوصول إلى قانون انتخاب يمثل كل اللبنانيين.
وإذا كانت الموازنة قاب قوسين أو أدنى من الانتهاء منها، ان لجهة إعادة قراءة الأرقام، أو مراجعة الزيادات التي أضيفت إلى بعض الوزارات، فضلاً عن صلة الموازنة بسلسلة الرتب والرواتب، فإن ما نقل عن الرئيس ميشال عون في ما خص نظرته إلى الضرائب من زاوية وضع برنامج اقتصادي يتحدد على أساسه إلى أين تذهب مداخيل الضرائب، إضافة إلى جباية ايرادات الدولة، وتطبيق القوانين وتنظيم الإيرادات، معتبراً ان الفساد يأكل نصف الإيرادات، معرباً عن تفهمه لردة فعل المواطنين، ومؤكداً على أن الغاية من الضرائب تحسين الوضع الاقتصادي، يكشف عن ان مسألة الضرائب وضعت في دائرة النقاش الرسمي بين كبار المسؤولين من أجل احتواء ردة الفعل، وانطلاقاً من إعطاء الأولوية لوقف الهدر وتحسين الجباية والحد من الانفاق.
وتحدثت مصادر المعلومات عن وضع تُصوّر جديد يأخذ بعين الاعتبار وضعية القطاعات المنتجة وقدرة مالية الدولة على تحمل أعباء إضافية، باعتبار ان المكلف اللبناني ينوء تحت عبء الغلاء وكلفة المعيشة الباهظة، مع تدني مدخول الفئات من ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى.
وربطت المصادر بين الخطط قيد التداول والخطط الموضوعة لتصريف الإنتاج وفتح الأسواق العربية امام الزراعات والصناعات اللبنانية، كالتفاح والبطاطا والأدوية وبعض الصناعات الأخرى.
وأشارت هذه المصادر إلى ان أوّل الغيث كانت في إعادة احياء العلاقات اللبنانية – المصرية من خلال توقيع 16 بروتوكول تعاون ومذكرات تفاهم بين لبنان وجمهورية مصر العربية، في حضور رئيسي وزراء البلدين سعد الحريري وشريف إسماعيل اللذين كانا ترأسا اجتماعات اللجنة العليا المشتركة اللبنانية – المصرية.
وتناولت مذكرات التفاهم التعاون في مجالات الصناعة والسياحة والبيئة والرياضة والأمن والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والملكية الفكرية وبراءات الاختراع، فضلاً عن فتح الأسواق المصرية امام التفاح اللبناني وتنظيم الصادرات الزراعية المصرية واللبنانية من وإلى لبنان ومصر.
وأشارت المصادر إلى ان تصحيح علاقات لبنان العربية من شأنها ان تنهي ما يمكن وصفه بحصار على خلفية مواقف سياسية لا تتفق مع أجواء التوافق العربي.
وقال الرئيس الحريري بعد الغداء الذي أقامه على شرفه والوفد المرافق نظيره المصري، ان الزيارة ازالت عوائق التجارة بين البلدين، وفتحت الأبواب لرجال الاعمال اللبنانيين للاستثمار في مصر وكذلك لرجال الأعمال المصريين في لبنان، واصفاً ما حصل من نتائج بأنها أكثر مما كنا نتوقع.
وفي الشأن السياسي، أكّد الرئيس الحريري ان لبنان بحاجة لكل اخوانه، وأن هدفنا الأساسي تقوية الجيش اللبناني وامداده بالقوة العسكرية.
وفي ما خص القمة العربية، أكّد الحريري انه يجب ان ترتقي العلاقات العربية – العربية، لافتاً إلى ان الفروقات في المواقف أقل بكثير مما يجمع العرب، داعياً إلى محاربة الفئة الضالة والتعايش بين المسلمين والمسيحيين، وأكّد: «نحن نمثل الاعتدال الموجود في كل العالم الاسلامي».
ورفض مقولة ان يكون حزب الله هو الذي منع الإرهاب عن لبنان، واصفاً المعركة في المنطقة بأنها بين الاعتدال والتطرف، مشيراً إلى ان العدالة ستأخذ مجراها في ما خص محاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وقال رداً على سؤال: «اتخذت قراراً ألا انتقم وأن أسير على الطريق الذي كان رفيق الحريري سار عليه».
قانون الانتخاب
وعلى صعيد قانون الانتخاب تستأنف الاتصالات اليوم، على ان تشهد تزخيماً مع عودة وزير الخارجية جبران باسيل من واشنطن.
وكشفت مصادر على خط الاتصالات ان الهم الانتخابي لا يتعلق فقط بالتوافق على صيغة جديدة لقانون الانتخاب مع انضمام رئيس حزب الكتائب سامي الجميل إلى القبول باعتماد النسبية ولكن على أساس 15 دائرة، بل أيضاً بترتيبات تحول دون الفراغ لأي سبب كان.
وقالت هذه المصادر ان رئيس المجلس نبيه برّي حدّد 17 نيسان موعداً لإنجاز الترتيبات، بصرف النظر عمّا إذا كانت الجهود توصلت إلى صياغة مشروع قانون انتخاب.
وكشفت هذه المصادر ان من بين الترتيبات المطروحة اعداد مشروع قانون للتمديد للمجلس النيابي لمدة زمنية لا تزيد عن سنة ولا تقل عن خمسة أشهر، مضيفة ان الرئيس عون بات أقرب إلى الاقتناع بأن لا بديل عن تمديد ما سواء كان تقنياً أو غير تقني، بعد ان تبلغ من ان حركة «أمل» و«حزب الله» ليسا بوارد القبول بأي فراغ تشريعي، وبصرف النظر عن الانتخابات أو قانون الانتخاب.
وقالت هذه المصادر لـ«اللواء» ان المشكلة تكمن: هل تكون النسبية كاملة وعلى أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة، بحسب ما يطالب حزب الله ومعه حركة أمل وبعض قوى 8 آذار، أم بنسبية على دوائر ليست بحجم الأقضية وتتيح المجال للاندماج الوطني، خلافاً لما يمكن ان يترتب عن انتخابات تجري وفقاً للاقتراح الارثوذكسي.
وأوضحت مصادر تكتل التغيير والإصلاح لـ«اللواء» أن ملف قانون الانتخاب يعود بدءا من اليوم إلى دائرة النقاش من جديد بعد عودة الرئيس الحريري والوزير باسيل من الخارج . وأشارت إلى أن الجدية توسم هذا الملف،على الرغم من التكتم الجاري.
وتوقعت أن ترتفع أو تزداد وتيرة هذه النقاشات مطلع الشهر المقبل، ولم تستبعد أن يتخذ التأجيل المتصل بإجراء الانتخابات مهلة الأربعة أشهر حتى الآن دون التكهن بمصيره في المستقبل.
وفي الإطار عينه.لا حظ نائب التكتل سليم سلهب عبر اللواء أن هناك نوايا جدية في التعاطي بملف قانون الانتخاب،متوقعا أن يتم وضع النواب في صورة ما يجري في اجتماع التكتل الثلاثاء المقبل.
وإذا كان الرئيس عون حدّد الغاية من قانون الانتخاب بإيصال الكفوئين إلى مواقع القرار، مع مراعاة صحة التمثيل ومقتضيات العيش المشترك والشراكة، فإن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، بدا حذراً، فهو لا متفائل ولا متشائم إزاء قانون الانتخاب العتيد، لكنه اعرب عن أمله بأن لا نصل إلى مرحلة التمديد للمجلس وأن يعمل الفرقاء على ضبط الوضع لعدم الوصول إلى الفراغ.
وتوقعت مصادر سياسية ان تتكثف حركة الاتصالات لإقرار قانون الانتخاب في مهلة قد لا تتخطي تاريخ 18 نيسان المقبل أي قبل شهرين من الموعد المحدد للانتخابات النيابية، حسب مشروع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة التي حددت موعد 18 حزيران لإجراء الانتخابات، أما إذا تمّ تخطي هذه المهلة فيخشى من ارتفاع احتمالات الوصول إلى الفراغ النيابي.
وفي السياق، شددت أوساط «الثنائي المسيحي» على ان صيغة النسبية الكاملة على اساس لبنان دائرة واحدة لا يمكن ان تبصر النور تحت اي ظرف. وأكدت ان الثنائي الشيعي يسّوق فكرة تبني «المستقبل» صيغة النسبية والدائرة الواحدة خلافا لما اثبتت نتائج اتصالاتنا لجهة استمرار تمسكه بالمختلط تماما كما الحزب التقدمي الاشتراكي».
وبمعزل عن الدوائر واحجامها واعدادها، أشارت المصادر الى «ان التحالف المسيحي ضد النسبية المطلقة ليس لترف الرفض او تسجيل الموقف بل كونها لا تحقق مبدأ صحة التمثيل الوطني المسيحي الذي يطمح اليه ويخوض معركة في سبيله، وسيبقى على تمسكه بصيغة باسيل التي من شأنها ان تؤمن وصول 58 نائبا بأصوات المسيحيين ولن يكون في وارد لا التهاون ولا التنازل لأي اقتراح آخر».
حراك الشارع
وعلى الرغم من تأثيرات المسؤولين على تجنّب سلّة الضرائب المرهقة، والتأكيد على إنجاز سلسلة الرتب والرواتب، فإن قطاعات الموظفين والأساتذة لم تتوقف لا عن الاضرابات أو الاعتصامات والتجمعات.
في حين كانت قطاعات التعليم ماضية في الإضراب، كان يوم أمس يوم موظفي الإدارة العامة الذين اعتصموا أمام مبنى TVA للمطالبة بأنصافهم من السلسلة في وقت كان فيه أطباء الضمان الاجتماعي يضربون احتجاجاً أمام ما وصفوه بالرواتب الضئيلة.
وحذرت مجموعات من الحراك الشعبي في مؤتمر صحفي من العودة إلى الشارع، وقالت أن دعوة مجلس النواب نفسه للإنعقاد لإستكمال البحث في الضرائب ستقابلها دعوتنا للحشد والتظاهر لزيادة الضغط حتى يتم سحب وإلغاء البنود التي أقرت فيها ضرائب مباشرة وغير مباشرة، وإقرار السلسلة كاملة، كما يطالب بها أصحاب الحقوق، ومن دون ربطها بمصادر التمويل.
أما في صيدا، فقد نفذ تجمع «في ساحة النجمة في المدينة بدعوة من التنظيم الشعبي الناصري والأحزاب الحليفة احتجاجاً على الضرائب والمطالبة بوقف الهدر ومحاسبة الفاسدين.