تيريزا ماي التي كانت على بعد ٣٥ خطوة فقط، من الارهابي القاتل الذي سعى الى مبنى اقتحام البرلمان، لا تستبعد حصول هجمات جديدة، وهذا طبيعي، ليس لأن المهاجم كان معروفاً لدى السلطات البريطانية التي حققت معه وأوقفته وإيقافه كما تقول ماي، بل لأنه سبق للندن ان شهدت عمليات ارهابية بغيضة، لعل أبشعها تلك التي حصلت في ٢٢ أيار من عام ٢٠١٣، عندما قتل إرهابيان جندياً في حي وولويش بجنوب شرق لندن بالساطور وقطعا رأسه عن جسده امام المارة المرٓوعين تماماً، ومنذ ذلك الحين كتب كثيراً مثلاً عن هذا الحي الذي يصفه البعض بأنه "قندهار لندن"!
وكما قال ديفيد كاميرون يومها من ان العملية الوحشية لن تدعنا نرضخ أمام التهديدات الارهابية، وأننا سنعمل على استئصال عناصر الجريمة المتوحشة، يقول المسؤولون الآن في العواصم الأوروبية التي صدمها الهجوم، الذي أوقع أربعة قتلى وأربعين جريحاً، لكن التهديدات ستظل كامنة وقائمة. فليس غريباً ان شكّلت جريمة وستمنستر الأربعاء مثار إعجاب عند القتلة النائمين، أولم يصر الذبح وحزّ الرقاب نهجاً يحتذى للترويع بعدما قدمته مدرسة "داعش" أمام العالم؟
يأتي الهجوم الارهابي قبل اسبوع تماماً من بدء عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، التي رافقها خلاف في وجهات النظر على الأخطار التي تترتب على الهجرة وإغراق اوروبا بالمهاجرين، خصوصاً مثلاً ان العملية صادفت الذكرى السنوية الأولى لاعتدءات بروكسيل، كما يقول جان - كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية في سياق إعلانه التعاطف مع بريطانيا.
وعندما يقول فرنسوا هولاند إن الارهاب يمسّنا جميعاً وفرنسا تشعر اليوم بمعاناة الشعب البريطاني، فإنه يستذكر طبعاً العملية الوحشية التي جرت في تموز من العام الماضي، عندما قاد ارهابي متوحش شاحنة ليدهس ٨٤ شخصاً من المشاة في مدينة نيس بجنوب فرنسا.
لكن جريمة لندن تأتي مثلاً بمثابة بيان انتخابي لمصلحة مارين لوبن التي ترفع لواء اليمين المتطرف، كما تأتي بمثابة رد على ريكس تيلرسون وزير خارجية أميركا، الذي كان يقول في اجتماع إستضافه وضمّ ٦٨ بلداً من التحالف الدولي ضد الارهاب " إن الارهابيين سيجدون المزيد من الصعوبات في الخروج لتهديد بلادنا"، وهذا الكلام ليس جديداً أو مضموناً!