في خضم حديثنا عن الهيئتين الشرعية و التنفيذية، يحسن الإضاءة على المهام التي اضطلعت بها الهيئتين، و تقييم ذلك .
بمعزل عن عدم الحاجة الآنية لأي تعيين في المراكز الشاغرة، بل الحاجة ملحة لإجراء انتخابات عامة، تفضي بمجيء قيادة تعبر عن رأي النخب الشيعية، مهما كانت الميول السياسية لهذه القيادة الجديدة، احتراماً لإرادة الشارع الشيعي، و تعبيراً عن التغييرات الهائلة في بنية لارحاليا، عما كانت عليه من قرابة نصف قرن.
في هذا المضمار ينبغي إلقاء نظرة فاحصة للمهام التي اضطلعت بها الهيئتان.. فصلاحيتهما واسعة جداً، و هما تختصران المجلس، لكن الواقع أنهما مغيبتان، بل معطلتان.
إقرأ أيضًا: إصلاحا للخلل القانوني في المجلس الشيعي (21) : حينما يصبح الشيخ قبلان رئيساً للمجلس الشيعي!
فلم تجتمع الهيئتان منذ سنين عديدة، و تالياً فهما بحكم المعدومتين.
ففي عهد الإمام السيد موسى الصدر كان العصر الذهبي للهيئتين، و في عهد الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين كان لهما دور و مهام و حيوية؛ و لكن الظروف السياسية المعقدة التي اتسمت بها فترة تولي الشيخ مهامه، مع مجيء جزة كبير من ولايته خلال الحرب الأهلية، كل ذلك لم يخوّل الهيئتين القيام بدورهما كما يفترض.
و أما في عهد الشيخ عبد الأمير قبلان – و بالرغم من أن المناخ السياسي كان مريحاً، و لم يشهد اضطرابات، كما في عهد سلَفَيه – فقد تدنى المستوى للحضيض، حيث إن الإجتماعات كانت معدودة على أصابع اليدين، خلال أكثر من خمسة عشر عاماً!!!
طبعا اقتصرنا الحديث عن الإجتماعات دون البحث عن الدور و الإنجازات… بما يعطي صورة واضحة عن واقع الحال.
إقرأ أيضًا: إصلاحا للخلل القانوني(20) : هل يحق للشيخ الخطيب الترشح لموقع النائب الأول لرئيس المجلس الشيعي?
فإن مجرد الإجتماع الذي هو أضعف الإيمان لا يتحقق، فهل يتوقع منهم أكثر من ذلك?! أو هل يُتصور منهم أي نجاح يُذكر !!
فلا شك بأن لعامل الزمن تأثيره البالغ، حيث إن كل أعضاء الهيئتين : إما قد دخلوا أو تجاوزوا العقد الثامن من عمرهم، أو أنهم قد تعينوا بقرار، و تالياً لا يشعرون أنهم أصحاب قرار جدي ضمن هذه المؤسسة، كونهم دخلاء عليها بشكل لا يوحي لهم بالثقة التامة بأنفسهم… و هذا سبب رئيسي لعدم قيام أعضاء الهيئتين بدورهم!
و إجمالاً، فإن تجربة عمل الهيئتين الشرعية و التنفيذية، و منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، تعتبر تجربة فاشلة، بكل المعايير، و لم تحققا أي من المهام المطلوبة منهما، فضلاً عن عدم تحقيقهما لأي نجاح أو انجاز!
و مع فَقْد العالِم المجتهد على رأس المجلس الشيعي، فقد انحسر دور الهيئتين، و تلاشى لصالح الأحزاب، فأضحتا تعملان على وقع مصلحة القوى السياسية فقط، بشكل أنهى وجودهما الفعلي!