عَقدت الدول الـ 68 التي تقاتل تنظيمَ الدولة الإسلامية في العراق وسوريا اجتماعاً أمس في واشنطن، بعدما وعَد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقضاء على الجهاديين، على الرغم من تحالفٍ أضعفَته خلافات استراتيجية، في وقتٍ أعلنَ وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أمس أنّ الولايات المتحدة ستُقيم «مناطق استقرار موَقّتة» لمساعدة اللاجئين في العودة إلى ديارهم، خلال المرحلة المقبلة من المعركة ضد تنظيمَي "داعش" و"القاعدة".
في وقتٍ لم يُحدّد تيلرسون الأماكن المُقرّرة لإقامة تلك المناطق، قال في اجتماع التحالف الدولي الذي يضمّ 68 بلداً يقاتل الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، الذي عقِد في وزارة الخارجية في واشنطن: «ستزيد الولايات المتحدة الضغط على تنظيمَي الدولة الإسلامية والقاعدة، وسوف تعمل على إقامة مناطق استقرار موقّتة من خلال اتفاقات لوقفِ إطلاق النار من أجل السماح بعودة اللاجئين إلى ديارهم».
وأضاف تيلرسون: «أعلم أنّ هناك الكثير من التحديات الملحّة في الشرق الأوسط، لكنّ هزيمة داعش هي هدف الولايات المتحدة رقم واحد في المنطقة»، مُشدّداً على أنّ المكاسب العسكرية التي تحقَّقت في الفترة الأخيرة في العراق وسوريا حوَّلت قوة الدفع لمصلحة التحالف.
ومضى قائلاً: «نحن كتحالف ليست مهمتنا بناء الدول أو إعادة إعمارها»، مشيراً إلى أنّه يجب تركيز الموارد على منعِ انتعاش تنظيم الدولة الإسلامية، وتمكين المجتمعات التي مزّقتها الحرب لإعادة الإعمار.
وعلى رغم أنّه لم تتّضح تفاصيل عن كيفية إدارة المناطق الآمنة، فإنّ إقامتها ستُعمّق المشاركة العسكرية الأميركية في سوريا، وستمثّل حياداً كبيراً عن النهج الأكثر حذراً، الذي تمسّكت به الإدارة السابقة تحت قيادة باراك أوباما.
وسارَع الجيش الأميركي إلى القول بأنّه لم يتلقَّ حتى الآن أوامرَ لأقامة ما وصَفها وزير الخارجية الأميركي «مناطق استقرار موقّتة»، لمساعدة اللاجئين في العودة إلى ديارهم.
وأبلغَ الكولونيل جو سكروكا الصحافيين في مقرّ وزارة الدفاع الأميركية بالهاتف من الكويت عندما سُئل عن تصريحات تيلرسون: «لم نتلقَّ حتى الآن توجيهات لإقامة أيّ من مِثل هذه المناطق».
وإذا اختارَ الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرضَ «حظر جوّي»، فإنّ من المتوقع أن يحتاج إلى المزيد من القوّة الجوّية، سواء الأميركية أو التي يقدّمها أعضاء التحالف، وربّما تكون هناك حاجة لقوات برّية لحماية المدنيين في تلك المناطق.
ويفقد متشدّدو التنظيم السيطرةَ على أراض في العراق وسوريا، إذ تتقدّم ثلاث قوى منفصلة تدعمها الولايات المتحدة وتركيا وروسيا في اتّجاه مدينة الرقة السورية معقل الدولة الإسلامية.
وتَسَلّم البيت الأبيض الشهرَ الماضي خطة أوّلية أشرفَت عليها وزارة الدفاع الأميركية، تتضمّن تفاصيلَ الحملة لهزيمة الدولة الإسلامية.
وقال مسؤولون في وزارة الدفاع « البنتاغون» إنّ التحالف بقيادة الولايات المتحدة قام بعملية إنزال جوّي لمقاتلين من المعارضة السورية قرب بلدة الطبقة بمحافظة الرقة السورية.
واجتماع أمس كان أولَ لقاء للتحالف الدولي منذ انتخاب ترامب الذي تعهَّد بأن تكون الحرب على التنظيم المتشدّد أولوية. وتعهَّد الرئيس الأميركي في كانون الثاني بإقامة مناطق آمنة للنازحين في سوريا.
ودعا الوزير الأميركي الشركاءَ في التحالف إلى الوفاء بتعهّدات مالية للإسهام في تأمين وإعادة إعمار المناطق التي طرِدت منها الدولة الإسلامية.
وفي كلمته بنفس الاجتماع، دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى الوحدة في المنطقة لمحاربة الدولة الإسلامية، وعرَض ملخّصاً للتقدّم الذي أحرَزه العراق في الحرب ضد التنظيم.
ويقدّر البنتاغون أنّ تنظيم الدولة الإسلامية خسر في المجموع 65 في المئة من الأراضي التي كان يسيطر عليها في ذروة صعوده في 2014. لكنّ خلافات بين بعض دول التحالف بشأن الاستراتيجية التي يجب اتّباعها في الرقة والموصل على حدّ سواء، تؤدّي إلى إضعاف هذا التحالف.
ويتعلّق الخلاف بين الولايات المتحدة وتركيا بالقوات التي يجب أن تقود الهجوم النهائي على الرقة. ولا تريد تركيا أن تشارك وحدات حماية الشعب التي تعتبرها أنقرة مجموعة «إرهابية»، في الهجوم.
من جهة أخرى، سيكون على التحالف الردّ على سؤال يتعلّق بمستقبل هذه الأراضي التي ستتمّ استعادتُها في سوريا؛ حكم ذاتي بشكل أو بآخر أم عودة إلى سيطرة النظام السوري؟.
في الجانب الفرنسي، قال مصدر دبلوماسي إنّه «ينتظر ردوداً» من واشنطن حول «كيف ومع مَن» ستتمّ استعادة الرقة. وتُثير عملية الموصل أيضاً، التي يمكن أن تنتهي خلال الصيف، خلافات بين أعضاء التحالف.
وعلى هامش مؤتمر التحالف، التقى رئيس الوزراء حيدر العبادي مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير. وذكرَ بيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي أنّ «العبادي التقى في واشنطن الجبير»، حيث تمَّ بحثُ تعزيز العلاقات بين البلدين، والانتصارات المتحقّقة على مسلّحي تنظيم داعش، ودعم العراق في مجال محاربة الإرهاب.
ويُعدّ هذا اللقاء بين الجبير والعبادي هو الثاني خلال الفترة الأخيرة، حيث زار الجبير العراق في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، والتقى العبادي ووزير الخارجية إبراهيم الجعفري.