تلفت مراجع مراقبة للوضع السوري أن اشتعال المعارك في دمشق يؤشر إلى انتقال المسألة السورية من طور إلى آخر، وأن قواعد المواجهة بين النظام والمعارضة قد تغيرت باتجاهات أخرى لم تتضح معالمها.
وتؤكد مصادر دبلوماسية غربية مطلعة أن تطورا قد طرأ على الثوابت الدولية بشأن العاصمة السورية. وتذكّر هذه المصادر بأن دمشق لطالما اعتبرت ساقطة عسكريا وأن عدم اقتحام المدينة سببه قرار دولي أشرفت عليه إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
وتضيف هذه المصادر أن كل الرعاة الإقليميين للمعارضة السورية احترموا “الإرادة الدولية” في هذا الشأن، وأن التطورات العسكرية الأخيرة في دمشق قد تعكس ارتخاء لما كان محرما دوليا دون أن يعني ذلك انتقال المزاج الدولي باتجاه إسقاط العاصمة.
ولفتت هذه المصادر إلى أن الأيام الأخيرة شهدت سوابق لافتة في المسار السوري لجهة إعلان إسرائيل علنا قيامها بغارات ضد أهداف داخل سوريا ولجهة استخدام دمشق لصواريخ أرض جو للتصدي للطائرات الإسرائيلية. وفيما قرأ بعض المراقبين الحدث بصفته رسالة روسية إيرانية إلى إسرائيل رأى فيها بعض آخر تمردا على تسويات يجري إعدادها للشأن السوري.
وتعتقد بعض الأوساط الدبلوماسية العربية أن سقوط بعض المسلمات بما في ذلك المحرم المتعلق بعدم المس بالعاصمة السورية يأتي أيضا من ضمن سياق فشل اجتماع أستانة الأخير.
وترى هذه الأوساط أن امتناع المعارضة عن عدم حضور الاجتماع يمثّل تصدّعا طرأ على الاتفاق الروسي التركي الذي أبرم غداة معركة حلب والذي قد يؤشر إلى ضعف نتائج القمة التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره التركي رجب طيب أردوغان.
وترى مراجع دبلوماسية عربية أن تحرك المعارضة العسكري ضد العاصمة السورية، كما الحديث عن فتح معركة جديدة في مدينة حماة يصادر تماما كل ما بنى عليه النظام السوري وإيران من آمال لحسم الصراع عسكريا في سوريا عقب سقوط مدينة حلب.
وتضيف هذه المراجع أن فتح معركة دمشق مهما كانت أبعادها ومحدودية أهدافها هو رسالة واضحة إلى النظام السوري وحلفائه عشية انعقاد مفاوضات جنيف 5 في 23 من الشهر الجاري.
ولم تستبعد مصادر متابعة أن يكون إشعال الجبهات، وخصوصا في دمشق، مؤشرا لتبدل شروط اللعبة وفق الرؤية الأميركية التي تدفع باتجاه الانخراط في الميدان السوري وفق التحالفات الجديدة التي ترسمها إدارة ترامب في المنطقة.