توزَّع المشهد اللبناني بين الداخل، حيث استكان حراك الشارع انتظاراً لجولة جديدة، وكذلك استكان البحث في إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية على رغم ضيق المهل والوقت، وبين الخارج، حيث نشطت الحركة الديبلوماسية في اتجاه مصر والولايات المتحدة الأميركية، فيما يستعدّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للمشاركة في القمّة العربية في عمان في 29 الجاري. في هذا الوقت، وفي سياق الإجراءات العالمية لمكافحة الإرهاب، برزت تدابير عالمية لدول كبرى لحماية الطيران وطاوَل قسمٌ منها لبنان.
لوحِظ أمس أنّ كلّ المحرّكات في الداخل قد أُطفئت، سواء في ما يتعلق بالموازنة العامة للدولة أو بسلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام أو بقانون الانتخاب العتيد، وكأنّ كلمة سرّ ما أعطيَت «من فوق ومن تحت».
أمّا في الخارج، فتوزّع الاهتمام السياسي بين القاهرة وواشنطن، حيث بدأ رئيس الحكومة سعد الحريري زيارة رسمية لمصر تدوم يومين، في أوّل إطلالة خارجية له منذ ترؤسِه الحكومة، وسيقابل خلالها الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي ونظيرَه المصري شريف اسماعيل وعدداً من المسؤولين المصريين الكبار، على أن يشارك نظيرَه المصري في رئاسة اجتماع اللجنة العليا اللبنانية - المصرية المشتركة، ثمّ يلقي كلمة في ملتقى رجال الأعمال اللبنانيين ـ المصريين.
وتُعدّ زيارة الحريري لمصر هي الزيارة الثانية لمرجع لبناني رسمي، إذ كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون زارها منتصف شباط الماضي.
وأكّد الحريري في حديث لصحيفة «الأهرام» أنّ الظروف غير ملائمة لعقد لقاء بينه وبين مع الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله. وقال إنّ الحوار مستمر مع الحزب «وإن كانت الجلسات لا تُعقَد بالزخم الذى كانت عليه، لأننا بِتنا نجتمع فى جلسات مجلس الوزراء باستمرار».
وعن علاقته مع المملكة العربية السعودية أكّد الحريري أنّ علاقاته مع المسؤولين السعوديين «ليست موضعَ تشكيك، لأنّ الجميع يعرف مدى عمقِ هذه العلاقة ومتانتها، أمّا في ما يتعلق بتجميد هبة تسليح الجيش اللبناني المقدّمة من المملكة فمردُّه إلى سوء تصرّف بعض الأطراف اللبنانيين وتهجّمِهم على المملكة وقيادتها مراراً استجابةً لتوجّهات إقليمية، فى حين أنّ مسألة زيارتي للرياض مرتبطة بجدول أعمال الحكومتين اللبنانية والسعودية ومواضيع البحث بينهما، وليس لأيّ أمر آخر».
في واشنطن
أمّا في واشنطن، وقبَيل انضمامه إلى الاجتماع الوزاري لوزراء خارجية دول التحالف الدولي ضدّ تنظيم «داعش» اليوم، التقى رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل في اليوم الأول لزيارته واشنطن، أمس، مساعدَ وزير الخارجية الاميركي لشؤون اللاجئين والهجرة والسكّان سيمون هانسشوي، وشرَح له أزمة اللجوء السوري وما يعانيه لبنان من تداعيات سلبية على مختلف الصعد. ودعا إلى تأييد موقف الحكومة اللبنانية في المباشرة بوضع برنامج لإعادة النازحين السوريين من لبنان تدريجياً إلى المناطق الآمنة في بلادهم.
والتقى باسيل أيضاً كلّاً من مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ستيوارت جونز ورئيسة اللجنة الفرعية لمخصّصات الشؤون الدفاعية في مجلس النواب كاي غرانغر.
ورأت أوساط سياسية مطّلعة أنّ المهم في زيارة باسيل لواشنطن أمران: الأوّل، نوعية اللقاءات التي سيجريها ومستواها. والثاني، مدى قدرة وزير الخارجية على تبديد الالتباس حول الموقف اللبناني من التزام الحكومة القرارات الدولية، ولا سيّما منها القرار 1701.
وفي السياق عينه، قالت هذه الأوساط لـ«الجمهورية» إنّ الزيارات الخارجية، سواء إلى مصر أو إلى الولايات المتحدة الاميركية، وإنْ كانت تعيد لبنان إلى خريطة العلاقات الدولية، إلّا أنّ الجميع ينتظر مردودها على الصُعد الأمنية والاقتصادية والسياسية في مرحلة يعيش فيها لبنان خيبة أملٍ من عدم تمكّنِ مسؤوليه من الاتفاق على قانون انتخاب تُجرى الانتخابات النيابية على أساسه، على رغم وجود عهد جديد وحكومة جديدة.
وأشارت المصادر إلى أنّ الاتجاه هو إلى إيجاد مخرج لغوي اسمُه «تمديد تقني» الذي هو تمديد عملياً. وذكّرت بموقف صدرَ سابقاً وقال أن لا تمديد تقنياً إلّا إذا كان هناك قانون انتخابي جديد، مشيرةً إلى «أنّ ما يجري اليوم أنّ التمديد وقعَ لا محال قبل وضعِ قانون الانتخاب، متسائلةً: «ما لم يتّفقوا عليه في آذار الجاري، ما الذي يضمن أن يتّفقوا عليه في نيسان المقبل»؟
عون
وفيما بات تأجيل الانتخابات النيابية أمراً حتمياً إلى أجل غير مسمّى، أكّدت مصادر الوفد اللبناني المرافق لرئيس الحكومة الى القاهرة انّ كلّ الجهود منصبّة في اتجاه إنتاج قانون انتخابي جديد في اسرع وقت ممكن، كاشفةً أنّ لقاءات عدة تحصل خلفَ الكواليس لتبديد العقبات، وكان أبرزها اللقاء الموسع الذي عقِد ليل الأحد الفائت في «بيت الوسط» والذي ضمّ إلى رئيس الحكومة سعد الحريري وزيرَ المال علي حسن خليل ووزيرَ الخارجية جبران باسيل الذي رافقَه النائب ألان عون لكي يتولّى مهمّة التواصل في غيابه، بالإضافة الى النائب علي فياض وللمرّة الأولى المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، في إشارة جدّية الى نيّة التوصل إلى صيغة توافقية.
وكان قد سبقَ اجتماع «بيت الوسط» لقاءٌ في عين التينة بين الرئيس نبيه بري وباسيل وخليل، ثمّ تلاه الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» وحزب الله في عين التينة بحضور الخليلين.
وكشفَت المصادر أنّ البحث يتناول حالياً نقاطاً أساسية عدة من شأنها أن تغيّرَ معالم القانون الذي اقترَحه باسيل، خصوصاً لجهة اعتماد النسبية على اساس لبنان دائرة واحدة، وليس على اساس الدوائر الصغرى، الأمر الذي يرفضه الفريق المسيحي، وأن يحتسب الصوت التفضيلي في كلّ لبنان وليس في الدائرة الصغرى، الأمر الذي يرفضه تيار «المستقبل».
أمّا النائب وليد جنبلاط فتقول المصادر إنه رسَم سقفَ مطالبه، وهو ينتظر الآن جانباً ويراقب. أمّا الصيغة التي يجري البحث فيها فتنصّ على قانون مختلط بين انتخاب 59 نائباً على اساس النظام الاكثري و69 نائباً على اساس النظام النسبي.
وأكّدت المصادر أنّ الحريري يُبدي «إيجابية عالية» في المناقشات الدائرة حول القانون. كما أنّ الجميع يعملون تحت ضغط الوقت وبنية إنتاج صيغة توافقية قبل 20 نيسان المقبل، وضمن الدورة العادية لمجلس النواب التي بدأت أمس.
«السلسلة»
وفي شأن ملفّ سلسلة الرتب والرواتب الذي بدأ يسلك أطراً مختلفة، علمت «الجمهورية» أنّ الحريري مرتاح جداً إلى مسار الأمور، وأنّ أجواء اجتماعاته مع النقابات إيجابية جداً، والاجتماع المخصّص لإعادة النظر في موارد السلسلة والذي سيضمّ ممثّلين عن الكتل النيابية الأساسية سينعقد بعد غدٍ الجمعة إثر عودة الحريري ووزير المال من القاهرة، على أن يشارك فيه النواب جورج عدوان وابراهيم كنعان وأكرم شهيّب وجمال الجرّاح وعلي فياض.
وأوضحَت مصادر متابعة انّ الضرائب التي تمّ التوافق عليها تبقى معلّقة إلى حين تصديق محضر الجلسة التي طار نصابُها وهي برُمّتها قيد المراجعة ضمن ملف السلسلة.
وكان عون تتبَّع مع زوّاره أمس الاتصالات السياسية والأوضاع العامة في البلاد، خصوصاً في ما يتعلق بالاتفاق على قانون انتخاب جديد يتناغم مع الثوابت التي كان قد حدّدها لجهة تحقيق التمثيل الشعبي الصحيح والمساواة بين المواطنين على اختلاف طوائفهم.
ولفتَ المراقبون إلى أنّ الملف الانتخابي غاب وللمرّة الثانية عن بيان كتلة «المستقبل» النيابية التي اجتمعَت أمس وكرّرت دعوتها الجميع إلى «التمسّك بالثوابت الوطنية المتمثّلة باتّفاق الطائف والدستور والعيش المشترك الواحد بين المسلمين والمسيحيين وبالنظام البرلماني الحر».
في حين أنّ كتلة «التنمية والتحرير» التي اجتمعت برئاسة بري ركّزت على «متابعة الوقائع المتصلة بالجلسة النيابية الاخيرة والاحتجاجات من مختلف القطاعات، وقبل ذلك الاتصالات والاجتماعات المتعلقة بصوغ قانون جديد للانتخابات»، ورأت «أنّ في الأمر لشبهةً، وهو وليد أمور دبِّرت في ليل وتستهدف النظام البرلماني الديموقراطي وبصفةٍ خاصة المؤسسة التشريعية»، وشدّدت على «أنّ المطلوب هو التوصّل إلى تفاهم على قانون جديد للانتخابات خلال أسابيع قليلة قبل الوقوع في المحظورات»، ورأت «أنّ ما حصل خطة لإفقاد النصاب لغايتين: أولاهما لتطيير السلسلة خدمةً لجشعِ المصارف والمستفيدين من الاعتداء على الأملاك البحرية، والثانية، تصفية حسابات سياسية متعلقة بالبند الأوّل لهذا البيان، أي قانون الانتخاب». واعتبرَت «أنّ عدم التوصّل إلى قانون انتخاب جديد هو بكلّ معنى الكلمة انتحار».
«مزارع شبعا بحرية»
على صعيد آخر، وفي تطوّر لافِت، كشفَ الإعلام الاسرائيلي قبل يومين عن توجّه الحكومة الاسرائيلية والكنيست الى المصادقة على ترسيم الحدود البحرية - الاقتصادية، «بهدف التنقيب عن موارد طبيعية واستخراجها»، وأخطر ما في هذا الأمر أنه يهدف الى ضمّ المنطقة المتنازَع عليها بين لبنان وإسرائيل، والغنية بالثروة النفطية والغازية وتبلغ مساحتها نحو 860 كيلومتراً مربعاً.
وقد دقّ بري جرَس الإنذار حيال ما سمّاه «الاعتداء الاسرائيلي الجديد على السيادة اللبنانية»، وقال: «ما كشفَه الإعلام الاسرائيلي، لم يُكشَف عن عبث، بل عن مسار يَسلكه الإسرائيلي لمحاولة السيطرة على ثروة الغاز والنفط في البحر اللبناني وضمن الحدود الاقتصادية اللبنانية».
وأضاف: «لطالما حذّرتُ من الوصول الى مِثل هذا الواقع، والبعض عندنا يتحمّلون مسؤولية وضعِ الـ 860 كيلومتراً مربعاً في دائرة القضم الاسرائيلي.
في أيّ حال، إنْ صحَّ هذا التوجّه الإسرائيلي، وأنا أميل إلى تصديقه، فهو كناية عن شرارة حرب يشعِلها الاسرائيلي، إنّها مزارع شبعا بحرية من شأنها أن تفتح الوضع على احتمالات كثيرة وخطيرة».
إجراءات دولية لأمن الطيران
من جهة ثانية، أعلنَت وزارة النقل البريطانية أمس أنه «لن يُسمح بحمل أيّ أجهزة هاتف أو لابتوب أو كمبيوتر لوحي (تابلت) تتجاوز أبعادها 16 سم × 9.3 سم × 1.5 سم في الحقائب اليدوية للمسافرين القادمين من تركيا ولبنان ومصر والسعودية والأردن وتونس.
وأعلنَت الحكومة البريطانية إدخالَ تغييرات على التدابير المتعلقة بأمن الطيران لبعض الرحلات الآتية إلى المملكة المتحدة، لافتةً إلى أنّ «الولايات المتحدة أعلنت تدابير مماثلة في وقتٍ سابق بالنسبة الى الرحلات المتجهة إليها، وكنّا على اتصال وثيق مع السلطات فيها لفهمِ موقفها».
من جهتها، أعلنَت السفارة البريطانية في بيروت، في بيان «أنّنا على اتصال وثيق مع السلطات اللبنانية والمطار وشركات الطيران المتأثّرة بهذه التدابير لمساعدتها في ضمان أن يكون تطبيق هذه التدابير الجديدة يسيراً قدرَ الإمكان على المسافرين».
وأضاف البيان: «أولويتُنا هي حماية سلامة المواطنين البريطانيين والمسافرين إلى المملكة المتحدة، إلى جانب بقاء الروابط بين المملكة المتحدة ولبنان مفتوحة، وهذه التدابير الجديدة تضمن تحقيق كِلا هذين الهدفين».
وكانت الولايات المتحدة قد منَعت حملَ الحواسيبِ المحمولة واللوحية في رحلات آتية من ثماني دول، محذّرةً من أنّ المتشددين يخطّطون لاستهداف الطائرات عبر زرعِ قنابل في الأجهزة الإلكترونية. ويشمل الحظر الأميركي أيَّ جهاز أكبر من الهاتف الذكي.
من جهته، أعلنَ وزير النقل الكندي مارك غارنو أنّ بلاده تدرس إمكانية حظرِ حملِ الأجهزة الإلكترونية في الرحلات الآتية من تركيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على غرار الولايات المتحدة وبريطانيا.
أمّا في الخارج، فتوزّع الاهتمام السياسي بين القاهرة وواشنطن، حيث بدأ رئيس الحكومة سعد الحريري زيارة رسمية لمصر تدوم يومين، في أوّل إطلالة خارجية له منذ ترؤسِه الحكومة، وسيقابل خلالها الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي ونظيرَه المصري شريف اسماعيل وعدداً من المسؤولين المصريين الكبار، على أن يشارك نظيرَه المصري في رئاسة اجتماع اللجنة العليا اللبنانية - المصرية المشتركة، ثمّ يلقي كلمة في ملتقى رجال الأعمال اللبنانيين ـ المصريين.
وتُعدّ زيارة الحريري لمصر هي الزيارة الثانية لمرجع لبناني رسمي، إذ كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون زارها منتصف شباط الماضي.
وأكّد الحريري في حديث لصحيفة «الأهرام» أنّ الظروف غير ملائمة لعقد لقاء بينه وبين مع الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله. وقال إنّ الحوار مستمر مع الحزب «وإن كانت الجلسات لا تُعقَد بالزخم الذى كانت عليه، لأننا بِتنا نجتمع فى جلسات مجلس الوزراء باستمرار».
وعن علاقته مع المملكة العربية السعودية أكّد الحريري أنّ علاقاته مع المسؤولين السعوديين «ليست موضعَ تشكيك، لأنّ الجميع يعرف مدى عمقِ هذه العلاقة ومتانتها، أمّا في ما يتعلق بتجميد هبة تسليح الجيش اللبناني المقدّمة من المملكة فمردُّه إلى سوء تصرّف بعض الأطراف اللبنانيين وتهجّمِهم على المملكة وقيادتها مراراً استجابةً لتوجّهات إقليمية، فى حين أنّ مسألة زيارتي للرياض مرتبطة بجدول أعمال الحكومتين اللبنانية والسعودية ومواضيع البحث بينهما، وليس لأيّ أمر آخر».
في واشنطن
أمّا في واشنطن، وقبَيل انضمامه إلى الاجتماع الوزاري لوزراء خارجية دول التحالف الدولي ضدّ تنظيم «داعش» اليوم، التقى رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل في اليوم الأول لزيارته واشنطن، أمس، مساعدَ وزير الخارجية الاميركي لشؤون اللاجئين والهجرة والسكّان سيمون هانسشوي، وشرَح له أزمة اللجوء السوري وما يعانيه لبنان من تداعيات سلبية على مختلف الصعد. ودعا إلى تأييد موقف الحكومة اللبنانية في المباشرة بوضع برنامج لإعادة النازحين السوريين من لبنان تدريجياً إلى المناطق الآمنة في بلادهم.
والتقى باسيل أيضاً كلّاً من مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ستيوارت جونز ورئيسة اللجنة الفرعية لمخصّصات الشؤون الدفاعية في مجلس النواب كاي غرانغر.
ورأت أوساط سياسية مطّلعة أنّ المهم في زيارة باسيل لواشنطن أمران: الأوّل، نوعية اللقاءات التي سيجريها ومستواها. والثاني، مدى قدرة وزير الخارجية على تبديد الالتباس حول الموقف اللبناني من التزام الحكومة القرارات الدولية، ولا سيّما منها القرار 1701.
وفي السياق عينه، قالت هذه الأوساط لـ«الجمهورية» إنّ الزيارات الخارجية، سواء إلى مصر أو إلى الولايات المتحدة الاميركية، وإنْ كانت تعيد لبنان إلى خريطة العلاقات الدولية، إلّا أنّ الجميع ينتظر مردودها على الصُعد الأمنية والاقتصادية والسياسية في مرحلة يعيش فيها لبنان خيبة أملٍ من عدم تمكّنِ مسؤوليه من الاتفاق على قانون انتخاب تُجرى الانتخابات النيابية على أساسه، على رغم وجود عهد جديد وحكومة جديدة.
وأشارت المصادر إلى أنّ الاتجاه هو إلى إيجاد مخرج لغوي اسمُه «تمديد تقني» الذي هو تمديد عملياً. وذكّرت بموقف صدرَ سابقاً وقال أن لا تمديد تقنياً إلّا إذا كان هناك قانون انتخابي جديد، مشيرةً إلى «أنّ ما يجري اليوم أنّ التمديد وقعَ لا محال قبل وضعِ قانون الانتخاب، متسائلةً: «ما لم يتّفقوا عليه في آذار الجاري، ما الذي يضمن أن يتّفقوا عليه في نيسان المقبل»؟
عون
وفيما بات تأجيل الانتخابات النيابية أمراً حتمياً إلى أجل غير مسمّى، أكّدت مصادر الوفد اللبناني المرافق لرئيس الحكومة الى القاهرة انّ كلّ الجهود منصبّة في اتجاه إنتاج قانون انتخابي جديد في اسرع وقت ممكن، كاشفةً أنّ لقاءات عدة تحصل خلفَ الكواليس لتبديد العقبات، وكان أبرزها اللقاء الموسع الذي عقِد ليل الأحد الفائت في «بيت الوسط» والذي ضمّ إلى رئيس الحكومة سعد الحريري وزيرَ المال علي حسن خليل ووزيرَ الخارجية جبران باسيل الذي رافقَه النائب ألان عون لكي يتولّى مهمّة التواصل في غيابه، بالإضافة الى النائب علي فياض وللمرّة الأولى المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، في إشارة جدّية الى نيّة التوصل إلى صيغة توافقية.
وكان قد سبقَ اجتماع «بيت الوسط» لقاءٌ في عين التينة بين الرئيس نبيه بري وباسيل وخليل، ثمّ تلاه الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» وحزب الله في عين التينة بحضور الخليلين.
وكشفَت المصادر أنّ البحث يتناول حالياً نقاطاً أساسية عدة من شأنها أن تغيّرَ معالم القانون الذي اقترَحه باسيل، خصوصاً لجهة اعتماد النسبية على اساس لبنان دائرة واحدة، وليس على اساس الدوائر الصغرى، الأمر الذي يرفضه الفريق المسيحي، وأن يحتسب الصوت التفضيلي في كلّ لبنان وليس في الدائرة الصغرى، الأمر الذي يرفضه تيار «المستقبل».
أمّا النائب وليد جنبلاط فتقول المصادر إنه رسَم سقفَ مطالبه، وهو ينتظر الآن جانباً ويراقب. أمّا الصيغة التي يجري البحث فيها فتنصّ على قانون مختلط بين انتخاب 59 نائباً على اساس النظام الاكثري و69 نائباً على اساس النظام النسبي.
وأكّدت المصادر أنّ الحريري يُبدي «إيجابية عالية» في المناقشات الدائرة حول القانون. كما أنّ الجميع يعملون تحت ضغط الوقت وبنية إنتاج صيغة توافقية قبل 20 نيسان المقبل، وضمن الدورة العادية لمجلس النواب التي بدأت أمس.
«السلسلة»
وفي شأن ملفّ سلسلة الرتب والرواتب الذي بدأ يسلك أطراً مختلفة، علمت «الجمهورية» أنّ الحريري مرتاح جداً إلى مسار الأمور، وأنّ أجواء اجتماعاته مع النقابات إيجابية جداً، والاجتماع المخصّص لإعادة النظر في موارد السلسلة والذي سيضمّ ممثّلين عن الكتل النيابية الأساسية سينعقد بعد غدٍ الجمعة إثر عودة الحريري ووزير المال من القاهرة، على أن يشارك فيه النواب جورج عدوان وابراهيم كنعان وأكرم شهيّب وجمال الجرّاح وعلي فياض.
وأوضحَت مصادر متابعة انّ الضرائب التي تمّ التوافق عليها تبقى معلّقة إلى حين تصديق محضر الجلسة التي طار نصابُها وهي برُمّتها قيد المراجعة ضمن ملف السلسلة.
وكان عون تتبَّع مع زوّاره أمس الاتصالات السياسية والأوضاع العامة في البلاد، خصوصاً في ما يتعلق بالاتفاق على قانون انتخاب جديد يتناغم مع الثوابت التي كان قد حدّدها لجهة تحقيق التمثيل الشعبي الصحيح والمساواة بين المواطنين على اختلاف طوائفهم.
ولفتَ المراقبون إلى أنّ الملف الانتخابي غاب وللمرّة الثانية عن بيان كتلة «المستقبل» النيابية التي اجتمعَت أمس وكرّرت دعوتها الجميع إلى «التمسّك بالثوابت الوطنية المتمثّلة باتّفاق الطائف والدستور والعيش المشترك الواحد بين المسلمين والمسيحيين وبالنظام البرلماني الحر».
في حين أنّ كتلة «التنمية والتحرير» التي اجتمعت برئاسة بري ركّزت على «متابعة الوقائع المتصلة بالجلسة النيابية الاخيرة والاحتجاجات من مختلف القطاعات، وقبل ذلك الاتصالات والاجتماعات المتعلقة بصوغ قانون جديد للانتخابات»، ورأت «أنّ في الأمر لشبهةً، وهو وليد أمور دبِّرت في ليل وتستهدف النظام البرلماني الديموقراطي وبصفةٍ خاصة المؤسسة التشريعية»، وشدّدت على «أنّ المطلوب هو التوصّل إلى تفاهم على قانون جديد للانتخابات خلال أسابيع قليلة قبل الوقوع في المحظورات»، ورأت «أنّ ما حصل خطة لإفقاد النصاب لغايتين: أولاهما لتطيير السلسلة خدمةً لجشعِ المصارف والمستفيدين من الاعتداء على الأملاك البحرية، والثانية، تصفية حسابات سياسية متعلقة بالبند الأوّل لهذا البيان، أي قانون الانتخاب». واعتبرَت «أنّ عدم التوصّل إلى قانون انتخاب جديد هو بكلّ معنى الكلمة انتحار».
«مزارع شبعا بحرية»
على صعيد آخر، وفي تطوّر لافِت، كشفَ الإعلام الاسرائيلي قبل يومين عن توجّه الحكومة الاسرائيلية والكنيست الى المصادقة على ترسيم الحدود البحرية - الاقتصادية، «بهدف التنقيب عن موارد طبيعية واستخراجها»، وأخطر ما في هذا الأمر أنه يهدف الى ضمّ المنطقة المتنازَع عليها بين لبنان وإسرائيل، والغنية بالثروة النفطية والغازية وتبلغ مساحتها نحو 860 كيلومتراً مربعاً.
وقد دقّ بري جرَس الإنذار حيال ما سمّاه «الاعتداء الاسرائيلي الجديد على السيادة اللبنانية»، وقال: «ما كشفَه الإعلام الاسرائيلي، لم يُكشَف عن عبث، بل عن مسار يَسلكه الإسرائيلي لمحاولة السيطرة على ثروة الغاز والنفط في البحر اللبناني وضمن الحدود الاقتصادية اللبنانية».
وأضاف: «لطالما حذّرتُ من الوصول الى مِثل هذا الواقع، والبعض عندنا يتحمّلون مسؤولية وضعِ الـ 860 كيلومتراً مربعاً في دائرة القضم الاسرائيلي.
في أيّ حال، إنْ صحَّ هذا التوجّه الإسرائيلي، وأنا أميل إلى تصديقه، فهو كناية عن شرارة حرب يشعِلها الاسرائيلي، إنّها مزارع شبعا بحرية من شأنها أن تفتح الوضع على احتمالات كثيرة وخطيرة».
إجراءات دولية لأمن الطيران
من جهة ثانية، أعلنَت وزارة النقل البريطانية أمس أنه «لن يُسمح بحمل أيّ أجهزة هاتف أو لابتوب أو كمبيوتر لوحي (تابلت) تتجاوز أبعادها 16 سم × 9.3 سم × 1.5 سم في الحقائب اليدوية للمسافرين القادمين من تركيا ولبنان ومصر والسعودية والأردن وتونس.
وأعلنَت الحكومة البريطانية إدخالَ تغييرات على التدابير المتعلقة بأمن الطيران لبعض الرحلات الآتية إلى المملكة المتحدة، لافتةً إلى أنّ «الولايات المتحدة أعلنت تدابير مماثلة في وقتٍ سابق بالنسبة الى الرحلات المتجهة إليها، وكنّا على اتصال وثيق مع السلطات فيها لفهمِ موقفها».
من جهتها، أعلنَت السفارة البريطانية في بيروت، في بيان «أنّنا على اتصال وثيق مع السلطات اللبنانية والمطار وشركات الطيران المتأثّرة بهذه التدابير لمساعدتها في ضمان أن يكون تطبيق هذه التدابير الجديدة يسيراً قدرَ الإمكان على المسافرين».
وأضاف البيان: «أولويتُنا هي حماية سلامة المواطنين البريطانيين والمسافرين إلى المملكة المتحدة، إلى جانب بقاء الروابط بين المملكة المتحدة ولبنان مفتوحة، وهذه التدابير الجديدة تضمن تحقيق كِلا هذين الهدفين».
وكانت الولايات المتحدة قد منَعت حملَ الحواسيبِ المحمولة واللوحية في رحلات آتية من ثماني دول، محذّرةً من أنّ المتشددين يخطّطون لاستهداف الطائرات عبر زرعِ قنابل في الأجهزة الإلكترونية. ويشمل الحظر الأميركي أيَّ جهاز أكبر من الهاتف الذكي.
من جهته، أعلنَ وزير النقل الكندي مارك غارنو أنّ بلاده تدرس إمكانية حظرِ حملِ الأجهزة الإلكترونية في الرحلات الآتية من تركيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على غرار الولايات المتحدة وبريطانيا.