ظهر الرئيس سعد الحريري في الأيام القليلة الماضية كأنه وحيد. تُرك من جميع القوى السياسية، من الحلفاء والخصوم، في مواجهة سلسلة الرتب والرواتب والضرائب. لكن المواقف بدأت تأتي تباعاً لإخراجه من صورة الإستهداف. ينظر الحريري إلى الوضع كأنه تحدّ جدي أمامه وأمام حكومته، من أجل استعادة الثقة. ويقول: "أنا رئيس حكومة كل لبنان، وأنا مسؤول عن المؤسسات والدولة وإيراداتها ونفقاتها، ومسؤول عن المواطنين ولقمة عيشهم. ولن أتنازل عن هذه المسؤولية أو أتهرب منها، إنما سأعمل كما وعدت لإستعادة الثقة، وسأواجه الفساد والهدر".
ملفات كثيرة تحظى باهتمام الحريري، على رأسها الموازنة وقانون الانتخابات، بالإضافة إلى التحضيرات التي يجريها لزيارة القاهرة، حيث سيلتقي الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على رأس وفد وزاري. وسيشارك في مؤتمر الأعمال اللبناني المصري لتعزيز التعاون بين البلدين. وهذا يعني أن لا جلسة للحكومة هذا الأسبوع، ويعني أيضاً أن الموازنة مؤجلة، كذلك السلسلة، إلى ما بعد عودته من مصر وعودة رئيس الجمهورية من القمة العربية.
وما بينهما، لن تتوقف المشاورات وإن تراجعت وتيرتها للوصول إلى قانون انتخابات جديد، وفق ما يؤكد الحريري، الذي يعتبر أن الانتخابات ستجري وفق قانون جديد وهذا القانون سيقر قريباً، لكن قد يحصل تأجيل تقني للانتخابات.
الكلام هذا يتلاقى مع كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي أصر على إنتاج قانون جديد يراعي مصالح الجميع ويؤمن صحة التمثيل. وبدا لافتاً أن نصرالله وضع مهلة زمنية لانتاج قانون جديد. وهذا ما تضعه مصادر متابعة في إطار الضغط على الحريري، بعد الضغط الذي تعرض له في الشارع. ووفق ما تكشف مصادر "المدن"، فإن الحريري تلقى رسالة من بعبدا وحزب الله، تطالبه بتحديد موقف واضح من قانون الانتخابات، أو على الأقل وضع أسس نهائية لمطالبه من هذا القانون ليجري البحث على أساسها.
عليه، أخذ الحريري المبادرة مجدداً، وتوجه إلى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، الإثنين في 20 آذار. أولاً لبحث مسألة الموازنة والسلسلة والموعد الذي قد تحدده الحكومة لعقد جلسة لإقرار الموزانة، فيما جرى التشاور بشأن إبقاء السلسلة في مجلس النواب أو إستعادتها إلى مجلس الوزراء لبحث تأمين الإيرادات بعد الإعتراض على الضرائب. لكن الموضوع الأهم بين الرئيسين كان قانون الانتخابات، إذ أكد الحريري بعد اللقاء تفاؤله بإمكانية التوصل لإقرار قانون جديد. وعلمت "المدن" أن الحريري وبعد مشاركته في الذكرى الأربعين لاغتيال كمال جنبلاط في المختارة، وخلال زيارته رئيس الجمهورية، عمل على تليين المواقف بين عون وجنبلاط، وفتح خطوط جديدة للتواصل في مسعى لعقد لقاء بي الطرفين.
وفيما بعد، توجه الحريري إلى عين التينة، حيث التقى الرئيس نبيه بري بالتزامن مع إنعقاد جلسة الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله بحضور الوزير علي حسن خليل. وقد بحث الحريري وبري موضوع سلسلة الرتب والرواتب. وعلمت "المدن" أن الإتفاق حصل على ضرورة إعادة البحث في مسألة الضرائب والواردات لإقرار السلسلة. أما في شأن قانون الانتخابات، فجزم الطرفان على ضرورة إيجاد قانون جديد بأسرع وقت، على أن يكون قائماً على المختلط ولكن تكون النسبية فيه مرتفعة،. وأشارت المصادر إلى أن بري سيتولى التوسع وتكثيف الاتصالات في سبيل ذلك.
وفي خضّم ذلك، برزت زيارة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، مساء الأحد، في 19 آذار، إلى بيت الوسط، حيث التقى الحريري وأكد، وفق ما علمت "المدن"، أنه لن يوافق على أي قانون انتخابي لا يوافق عليه الحريري.