تظاهر الآلاف من اللبنانيين للتعبير عن رفضهم لقرار زيادة الضرائب على المواطنين لتمويل مشروع يقضي برفع رواتب موظفي القطاع العام. وطالب المتظاهرون بتأمين موارد الدولة عبر محاربة الفساد ووقف الهدر في المرافق الحيوية، في أزمة جديدة تطل على المشهد اللبناني الذي لم يضبط بعد إيقاع الحياة البرلمانية على توقيت قانون الانتخاب، ومازالت أرضيته السياسية هشّة.
 

يفرض السجال الدائر في لبنان حول تمويل سلسلة الرتب والرواتب بإضافة مجموعة جديدة من الضرائب على كافة القوى السياسية اللبنانية عملية إعادة تمركز وترتيب للأولويات تفاديا لمأزق سياسي واجتماعي جديد، خصوصا أن التركيز بات منصبا حاليا على حل عقدة القانون الانتخابات النيابية.

وبمجرّد أن امتلأ وسط بيروت بالمتظاهرين الذين خرجوا الأحد احتجاجا على مشروع الموازنة الذي تقدمت به الحكومة ويتضمن زيادة في الضرائب في مجالات عدة، حرص رئيس الحكومة سعد الحريري على احتواء الغضب الشعبي والانفجار الاجتماعي، والظهور بمظهر رجل الدولة، فتوجه إلى ساحة رياض الصلح وخاطب الحراك الشعبي مباشرة، واعدا المتظاهرين بالحرص على محاربة الفساد والمفسدين. لكن محاولاته للتهدئة لم تجد نفعا مع الشباب الغاضب.

ويقف تيار المستقبل والتيار الوطني الحر وحركة أمل في مقدمة الداعمين لإقرار السلسلة وتمويلها، في مقابل حركة معارضة يتصدر واجهتها حزب الكتائب بشكل خاص إضافة إلى الحزب التقدمي الاشتراكي؛ فيما حرص حزب الله على لعب دور ضابط الإيقاع، حيث أعلن على لسان أمينه العام حسن نصرالله رفضه “لفرض ضرائب على الفقراء”.

العجز السياسي يتحالف مع العجز الاقتصادي وغياب الحراك المدني والشعبي المستقل لإنتاج حالة إقفال عامة لأبواب الحلول تفرض نفسها على كل شيء في البلد
وكان قد سجل اعتراضه على موضوع رفع ضريبة على القيمة المضافة من 10 إلى 11 بالمئة، لكنه يؤكد في الآن نفسه أنه مع إقرار السلسلة.

ويقدم حزب القوات اللبنانية مقاربة للأزمة تدعو إلى اعتماد موازنة العام الماضي، كما يبرزُ اتجاه عام لدى الحكومة يميل إلى دمج السلسلة في الموازنة.

واعتبر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في مؤتمر صحافي، أن فرض ضرائب على المصارف يشكل جزءا من دعمها للدولة واقتصادها.

وتشكل المصارف اللاعب الخفي الأكبر في هذه المعادلة، إذ تشير بعض المصادر إلى أن المصارف تضغط باتجاه رفض إقرار سلسلة الرتب والرواتب وتمويلها من خلال فرض ضرائب على أرباحها.


سجال الكتائب والحكومة

انتشرت مؤخرا شائعات حول زيادات ضريبية تطال السلع الرئيسية كالخبز والبنزين. وعملت القوى السياسية على اتهام حزب الكتائب بنشرها وتطيير النصاب في جلسة الموازنة، ما أدى إلى توتر كبير بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس حزب الكتائب سامي الجميّل، وصل إلى حد تلويحه بنزع الحصانة النيابية عن الجميّل.

ورد الجميّل على الحريري مبديا موافقته على رفع الحصانة النيابية، كما أعاد فتح ملفات الفساد التي يؤكد أن جزءا منها كفيل بتمويل السلسلة دون أن تكون هناك حاجة إلى فرض ضرائب جديدة.

وشدد على ملف الهدر المزمن في إدارة الجمارك، مستشهدا بدراسات تؤكد أن الحد الأدنى من الهدر المتوقع في هذا القطاع وحده يبلغ حوالي 700 مليون دولار سنويا، كما أعاد فتح موضوع إعفاء الشركات الكبرى من الضرائب.

ويرد النائب عن حزب الكتائب اللبنانية سامر سعادة في تصريحات لـ”العرب” على الاتهامات التي تطال الكتائب على خلفية تغيير موقف الحزب من سلسلة الرتب والرواتب، مؤكدا أن موقف الحزب “لم يتغير. فنحن كنا مؤيدين لإقرارها ومازلنا، إلا أننا أعلنا موقفا واضحا ضد فرض الضرائب على المواطنين، وثبتناه في اللجان المشتركة واللجان الفرعية وفي العلن”.

ويلفت سعادة إلى أنه “ممنوع قانونا الربط بين الضرائب وإقرار سلسلة الرتب والرواتب، وأخذ ضرائب لتمويل أي شيء مُعيّن ممنوع في قانون الموازنة. السلسلة هي حق للمواطن وحق لموظف الدولة أن يحصل على غلاء المعيشة، وقد قدمنا أطروحات حول كيفية تمويل السلسلة خارج مشروع الضرائب. من ربط الضرائب بالسلسلة يجب عليه تحمل المسؤولية عن كل ما يثيره الأمر من إشكالات”.

بري: قانون الانتخاب أولا ثم السلسلة
بيروت - طرح رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري سلة جديدة تقوم على أولوية التوافق حول قانون انتخابات قبل البحث في سلسلة الرتب والرواتب، يأتي ذلك فيما أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق تأجيل الانتخابات النيابية لأشهر قليلة.

ويخشى رئيس مجلس النواب من أن يؤدي العجز عن إقرار قانون انتخابي جديد إلى نسف النظام اللبناني (برلماني) برمته، وتاليا فإن الفراغ في المجلس النيابي يمكن أن يؤدي إلى شلل بنيوي عام.

ويرى النائب عن كتلة التنمية والتحرير قاسم هاشم أن مواقف بري “أعادت وضع الأمور إلى نصابها، وكان واضحا في طرح الأمور كما يجب أن تطرح، ووضع الرأي العام أمام جملة من الحقائق التي لم يعد بالإمكان التهرب من مواجهتها”.

ويشير إلى أولوية قانون الانتخاب مؤكدا على أن “الأزمة التي نقع فيها الآن أثبتت صحة ما كان الرئيس بري قد ذهب إليه في موضوع الأولويات وخصوصا في ما كان قد سبق له طرحه على طاولة الحوار والذي أطلق عليه اسم سلة الرئيس بري”.

وأعرب هاشم عن خشيته من أن يكون كل ما جرى هو “استهداف لقانون الانتخابات ولكل العملية الانتخابية” مشيرا إلى أن “العمل حول قانون انتخابات جديد لم يتوقف على الإطلاق، وهناك ورشة عمل جديدة واتصالات مكثفة تجري بين مختلف الأطراف للتوصل إلى توافق حول قانون انتخابي جديد”.

وشن رئيس المجلس النيابي هجوما حادا على من أسماهم بالمافيات المصرفية والمؤسسات البحرية، متهما إياهم بالضغط في اتجاه عدم تمويل السلسلة، ومحاولة استخدام المستفيدين منها في سبيل ضربها.

وأوضح هاشم أن بري “لا يصوب على البنوك ولا على طرف محدد ولكن جميع اللبنانيين يعلمون كيف يمكن تأمين إيرادات للدولة من الذين امتلأت جيوبهم وصناديقهم بأموال اللبنانيين”.

ويرد على التحليلات التي تربط بين مواقف الرئيس بري ووزير المال من البنوك وبين محاولات إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بالقول “إن هذا الكلام في غير محله، ولكن المشكلة تكمن في أن هناك حيتان مال، وإذا كان هناك من استهداف ما، فإنه يطال الفريق الذي يحاول التهرب من مسؤولياته وواجباته تجاه جميع اللبنانيين”.

ويؤكد النائب عن التيار الوطني الحر زياد أسود أن المناخ الذي عبر عنه الرئيس بري مؤخرا حول إمكانية التوصل إلى قانون انتخاب جديد “جدي للغاية”، وأن الجهود التي تبذل من أجل التوصل إلى التوافق حول قانون انتخابات جديد “قد تتوج بالنجاح قريبا”.

ويضيف “حين كنت عضوا في اللجنة الفرعية اعترضت على هذا الموضوع باسم الحزب وفي الهيئة العامة صوتنا ضده في العام 2014، وفي الأسبوع الماضي أعيد طرحه في اللجان المشتركة، وكان النائب سامي الجميّل سجل اعتراضه في المحضر وتكلم عنه في الإعلام. هناك من صوت مع إقرار الضرائب ونحن لنا الشرف أن نصوت ضده. رمي الاتهامات جزافا لتغطية المأزق الذي يجدون أنفسهم داخله لا ينطلي على أحد بعد اليوم”.

وينظر سعادة إلى موضوع اتهام الكتائب بتطيير النصاب في جلسة الموازنة بوصفه مسرحية هزلية ويسأل “كيف يمكن لكتلة الكتائب أن تطير نصاب الجلسة وهي تتألف من خمسة نواب فقط؟” ويشير إلى موضوع الإعفاءات الضريبية للشركات الذي يشكل عاملا من عوامل الهدر التي يمكن من خلال ضبطها توفير إيرادات لتمويل السلسلة خارج منطق فرض الضرائب.

ويقول “كان تمرير المشاريع في فترة الفراغ الرئاسي يحتاج إلى توقيع كل الوزراء في المجلس، وقد طرح موضوع الإعفاءات الضريبية أربع مرات ووزراء الكتائب كانوا دائما يرفضون التوقيع، وحين خرج حزب الكتائب من الوزارة أعيد طرحه. تبلغ قيمة الإعفاءات الضريبية على بعض الشركات حوالي 40 مليون دولار، وهي توازي حجم الدخل المتوقع من بعض الضرائب التي أقرت مؤخرا”.

وينفي سعادة أن يكون موقف الكتائب موجها ضد رئيس الحكومة سعد الحريري، ويشدد على أن “موقف الكتائب ليس اشتباكا مع أحد، نحن كتلة معارضة في نظام برلماني، ولبنان ليس دكتاتورية ولا نظاما شموليا، من حق المعارضة أن تعطي رأيها ونظرتها للأمور. الناس هي حد الفصل بين الآراء المختلفة”.

لم تقر الحكومات المتعاقبة منذ 12 عاما في لبنان أي موازنة بسبب الأزمات السياسية المتلاحقة، فيما تعاني البنى التحتية من ترهل وتحتاج إلى إعادة تأهيل.

ويؤكد عاصم عراجي، النائب عن كتلة المستقبل، أن “معظم الكتل النيابية وافقت على سلسلة الرتب والرواتب، وأن الإشكالات والسجالات الحادة التي حصلت لا تخرج عن إطار الديمقراطية. كل طرف لديه رأيه ولكن الأمور مستتبة”.

ويلفت عراجي إلى أن “معظم الأطراف السياسية كانت حاضرة في المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس الحكومة سعد الحريري بحضور نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري. وحركة أمل كانت ممثلة بالوزير علي حسن خليل، وحزب الله كان ممثلا عبر النائبين علي عمار ونواف الموسوي، ومعظم الأطراف كانت موجودة في المؤتمر الصحافي، ما يعني أنها موافقة على إقرار السلسلة. وحده حزب الكتائب أخذ موقفا معارضا وله كل الحق في ذلك”.

وينفي عراجي وجود أي رابط بين المناخ الذي رافق السجال حول السلسلة وبين الشأن الانتخابي، مؤكدا أن “لا خلفية انتخابية أو أي علاقة لقانون الانتخابات بالسجالات والخلافات التي حصلت حول مشروع السلسلة، وما جرى ليس سوى تشنج سياسي لا بد أن تعود بعده الأمور إلى نصابها”.

ويشدد على أن الضرائب “لن تطال الشريحة الاستهلاكية ولا ربحية المصارف بشكل كبير، وربما ستحمّل المودعين والشركات الكبرى بعض الأعباء الإضافية ليس إلا، ولكن خرجت مجموعة من الإشاعات الكاذبة وانتشرت وهيّجت الرأي العام والشارع”.

ويؤكد عراجي على وجود اختلاف في وجهات النظر “بين من يرفض الضرائب ويطالب بالسلسلة، وبين من يؤكد أنه لا مجال لإقرار السلسلة إلا عبر فرض الضرائب”.

ويلفت عبدالمجيد صالح، النائب عن كتلة التنمية والتحرير، إلى أن “هناك عدة عوامل أدت إلى المراوحة في موضوع النقاشات وعدم الانتقال إلى طرح الأمور بجدية على طاولة الجلسات، فقد سعى البعض إلى تحويل الجلسات إلى مسرح للصوتيات وتضخيم الأمور في موضوع الضرائب لأهداف تتعلق بالشعبوية والتعبئة، وكل الكلام الذي قيل في هذا الصدد مغاير لحقيقة الأمور”.

ويعبر صالح عن أسفه لإساءة “مجموعات الحراك المدني عبر وسائل التواصل الاجتماعي للحراك ولأصحاب الحقوق أيضا، حيث أن هناك من يحاول استخدام الموضوع المطلبي لفرض أداء معين على المجلس”.

ويشير إلى وجود نوايا مبيّتة لضرب موضوع سلسلة الرتب والرواتب وتجميد العمل عليها في هذه الفترة، ويتهم بعض رؤساء الكتل النيابية بالدفع في هذا الاتجاه.

ويشرح وجهة نظره قائلا إن “التعامل مع موضوع السلسلة من قبل بعض الشخصيات والنواب يمكن وصفه بأنه سلوك مشين، حيث برزت ازدواجية واضحة في الممارسة بين الأقوال والأفعال. لقد تم التوافق على بعض الضرائب في اللجان العامة وأقرّ منها ما لا يتعارض مع مصالح المواطن وأصحاب الحقوق، ولكن التعامل الذي جاء لاحقا جعل الأمر يتخذ صيغة إعادة التشريع وإعادة النقاش في شؤون كان قد سبق التوافق حولها”.

ولا ينكر صالح حق أي نائب في “إبداء رأيه وعرض مواقفه، ولكن ضمن الأطر العامة التي تحكم طبيعة العمل السياسي وتفرض ضرورة الالتزام بالدستور”.

ويفتح معركة ضد ما يسميه “الربح المقدس للمصارف”، معتبرا أن “حضور المصارف والهيئات الاقتصادية ورأس المال كان واضحا جدا في المجلس النيابي، وكان هناك من ينيط بنفسه مهمة الدفاع عن مصالح هذه الطبقات ولا يرضى إطلاقا بأي إجراء ضريبي يمكن أن يقتطع جزءا من أرباحها أو يفرض عليها أي ضرائب”، ويقول “ما معناه إن أرباحها مقدسة؟”.

ويشدد على رفضه التام لهذا المنطق ويهاجمه معتبرا أن “ربح رأس المال الجشع غير مقدس وهو يأتي بشكل خاص من الرهانات على العقارات، وأن دفاع البعض عن مصالح هؤلاء في ما يخص الضرائب المباشرة التي تطال كبار المستثمرين والمودعين أمر بشع”.

ويضيف “لقد أدت سياسة التساهل المالية المتبعة في التعامل مع المصارف إلى توفر فائض ربحي كبير في العام 2016 ووصلت أرباح المصارف إلى المليارات من الدولارات، ومع ذك نجد أن هناك من يدافع عنها وعن ربحها المقدس”.


على درب الكارثة المالية

يطالب المواطنون الذين تظاهروا الأحد ضدّ زيادة الضرائب بتمويل سلسلة الرتب والرواتب عبر محاربة الفساد والتهرب الضريبي والتهريب في المرافق الكبرى مثل المرفأ والمطار ومكافحة الفساد في مؤسسات الدولة لا سيما شركة كهرباء لبنان، لا من خلال فرض ضرائب إضافية على الفقراء.

ويعتبر مازن سويد، الخبير الاقتصادي، أنه “لا وجود لضرائب لا تصيب المواطن ولا تطال من قدرته المالية والشرائية، فالضرائب لا بد أن تطاله بشكل مباشر أو غير مباشر”. ويلفت إلى أن “تحسين جباية الضرائب المفروضة سلفا وإقفال أبواب الهدر والفساد أفضل بكثير من المنطق الذي يسعى إلى تمويل السلسلة عبر فرض ضرائب جديدة”.


البحث عن حل ينهي الأزمات المتتالية
ويؤكد أن محاولات فصل سلسلة الرتب والرواتب عن فرض الضرائب غير ممكنة وغير منطقية لأن “إقرار السلسلة مع عدم فرض ضرائب تمول من خلالها سيدخل البلد في أزمة مالية حقيقية، وهذا ما يدركه الجميع لذلك لا يمكن فصل السلسلة عن الضرائب بأي شكل من الأشكال”.

ويشير إلى أن المناخ الذي رافق النقاش حول السلسلة ليس سوى “مزايدات سياسية على خلفية الانتخابات النيابية القادمة، ولكن المشكلة أن هذه المزايدات تأتي في توقيت خطر، لأن الارتباط الوثيق بين السلسلة والضرائب لن يؤدي في نهاية المطاف سوى إلى المزيد من الانكماش الاقتصادي”.

ويقرأ سويد واقع إدارة السياسة الاقتصادية، مشددا على أنه يكشف عن تخبط وعجز عن تركيب سياسة اقتصادية سليمة، حيث أن المبادئ الأساسية لمقاربة الشأن الاقتصادي تفرض إنشاء خطة عامة تنفذ على امتداد خمس سنوات تعرض فيها السياسة المالية العامة بما فيها الإصلاحات المقترحة عليها وتوضع في متناول الرأي العام.

وتكمن المشكلة الكبرى حاليا في أن إقرار السلسلة في ظل انعدام التوازن الذي يسود فيها بين مختلف المكونات التي ستستفيد منها، سينتج أزمة كما أن عدم إقرارها سيؤدي إلى التسبب بالنتيجة نفسها.

ويحذر سويد من أن تؤدي السياسة الاقتصادية المتبعة إلى تبديد جو التفاؤل العام الذي ساد مع انتخاب رئيس وتشكيل حكومة. وما تم تحقيقه حتى الآن لا يتجاوز حدود “وقف التدهور الاقتصادي وحسب، ولم تتم تهيئة الظروف المناسبة التي تسمح بالانتقال إلى مرحلة الانتعاش وتحقيق قفزة في مجال النمو الاقتصادي”.

ويشدد على أنه لا توجد سوى “فرصة وحيدة للنجاة من الكارثة المالية والاقتصادية ترتبط بالنجاح في إقرار موازنة جديدة وقانون انتخابي جديد، ولكن في حال استمر الوضع على ما هو عليه فستضيع هذه الفرصة، ويدخل لبنان في هاوية التدهور الاقتصادي الكارثي”.

وتجتمع العديد من الاستعصاءات والعوائق لترسم ملامح المشهد اللبناني العام في هذه المرحلة. ويتحالف العجز السياسي مع العجز الاقتصادي وغياب الحراك الاجتماعي والمدني والشعبي المستقل، لإنتاج حالة إقفال عامة لأبواب الحلول تفرض نفسها على كل شيء في البلد.

ولعل أبرز معالم هذا الإقفال يتمثل في صعوبة قراءة أي من حركات التظاهر في الشارع التي تدعو إليها تيارات المجتمع المدني وبعض الأحزاب والقوى السياسية بوصفها تعبيرا عن مزاج جماهيري مطلبي مستقل، لا يمكن إدراجه مباشرة أو غير مباشرة في الصراع السياسي العام.

وتحاصر التوظيفات المسبقة كل ما يسمى حراكا شعبيا ومطلبيا وتجعله جزءا لا يتجزأ من واقع الأزمة وتعبيرا بليغا عن قدرتها على الظهور بأشكال متعددة ومختلفة وربما متناقضة، ولكنها لا تكشف في النهاية سوى عن مشهد واحد ووحيد، هو مشهد الأزمة المفتوحة.

شادي علاء الدين