"وائل وحياتك، وائل وصلت لهون، وائل عمبرجف"، تصرخ إحدى الفتيات في فيديو تم تداوله منذ أسابيع. تبدو الفتاة للوهلة الأولى كأنها تستنجد بأحدهم كي ينقذها من مصيبة ما، لكن بعد ثوان يتضح أن الفتاة تلاحق المغني وائل كفوري، من أجل تقبيله، والظهور برفقته في كادر واحد.
ترافق الفيديو مع تعليقات سخرت بمعظمها من تصرفات المعجبة، رغم أن سلوكها يعتبر طبيعياً إذا ما قورن بتصرفات معجبين آخرين، وصل الأمر بهم إلى حد القتل أحياناً. كما حدث في العام 2016، حين أقدم أحد المهووسين بالمغنية الأميركية كريستيان غريمي على قتلها، ثم الانتحار، بعدما علم بارتباطها عاطفياً بأحد الأشخاص.
ربما المهووسون بالمغنيات اللبنانيات هم الأكثر بروزاً على الصعيد المحلي. فقد ظهر منذ أشهر شاب سمى نفسه هيفا ماجيك، كان قد أجرى عدداً من العمليات التجميلية، من أجل الوصول إلى شكل مطابق للفنانة هيفاء وهبي. وقبل هيفا ماجيك، ظهر شابان هما نسختان عن كل من مايا دياب ونانسي عجرم. أما من ناحية الفنانين الرجال، فالمهووسون بعاصي الحلاني ووائل كفوري كثيرون أيضاً. لكن يبقى المهووسون بجورج وسوف الأكثر تطرفاً، وآخرهم ذاك الشاب الذي صعد إلى المسرح وبدأ بتقبيل قدم الفنان.
من ناحية المعجبين، يعتبر نادي معجبي هيفاء وهبي من أكثر أندية الفنانين تنظيماً، إذ يقوم بين فترة وأخرى بمعارك على شبكات التواصل مع من يزعج نجمته. كما حصل منذ سنوات مع الفنانة إليسا التي كانت قد تشاجرت مع هيفا، ثم عاد وانسحب الشجار إلى شبكات التواصل الاجتماعي بين أندية الفنانتين، ما دفعهما إلى التدخل لتهدئة الأوضاع. وهذه المجموعات لها أعرافها الخاصة وقوانينها، وعلى تواصل دائم مع الفنان أو الفنانة.
والهوس لا يطال الفنانين فحسب، بل للممثلين ومقدمي البرامج حصة أيضاً. يقول مقدم البرامج فؤاد يمين، في حديث إلى "المدن"، قصصاً عن مهووسات به، منهن واحدة تتابع كل أخباره وتعبر دوماً عن حبها له، وتنشر باستمرار صوراً مرفقة بعبارة I love Fouad Yammine. يعتبر يمين الأمر طريفاً، خصوصاً أنه لا يشكل أي تهديد له. لكن أحياناً يمكن أن يصبح أمراً مزعجاً، خصوصاً عندما يتحول إلى تعد على الخصوصية، وفق يمين، الذي يضيف أن "محبة المعجبين للفنان قد تتحول إلى كره، في حال عدم قدرته على الرد على تعليقاتهم ومحادثاتهم. وهذا ما يتطلب كثيراً من الوقت".
تفرق المعالجة النفسية رنا حداد بين الإعجاب بشخص، والذي يعتبر حالة طبيعية، وبين الهوس، الذي يعتبر حالة مرضية. هذه الحالة تدفع بالمريض إلى مطاردة نجمه، إذ يخترع أحياناً قصة حب خيالية معه، تؤدي به إلى الاعتقاد بأن الحب متبادل بين الإثنين. تربط حداد ظاهرة الهوس بالمشاهير بمحاولة المراهق البحث عن مثال أعلى أثناء بناء شخصيته. لكن، في بعض الحالات، قد يستمر تعلق الشخص بالفنان رغم تقدمه في السن. وهذا ما تفسره حداد بعدم قدرة هؤلاء الأشخاص على تخطي أمر ما حصل في حياتهم.
لكن الهوس لا يقتصر على الأشخاص الحقيقيين، فهناك ما هو أغرب من ذلك. إذ ظهرت حالات عديدة لتعلق بعض الأشخاص بشخصيات وهمية ظهرت في بعض الأفلام، أو نجوم برامج كرتونية، رغم بلوغهم مرحلة النضج. من هؤلاء مريم مرعي (25 عاماً) التي تحدثت لـ"المدن" عن هوسها بشخصية بوكاهانتس، حيث تقضي مرعي ساعات في رسم الشخصية وإعادة مشاهدة قصتها. ولبوكاهانتس حصة من مشاريع مرعي المستقبلية، إذ تطمح لزيارة ولاية فيرجينيا الأميركية، بهدف زيارة بوكاهانتس فيلاج. وتخطط لرسم وشم على جسدها يرمز لشخصية بوكاهنتس التي تؤمن بعد اجراء البحث عنها، أنها شخصية حقيقية قاومت ودافعت عن قبيلتها.
ورغم تأثير الأحداث التي مر فيها هؤلاء خلال نموهم، وتسببها بإصابتهم بالهوس، يبقى للإعلام دور بارز في تعزيز هذه الظاهرة، وفي صناعة صورة غير واقعية عن النجم، تظهره كأنه إنسان مثالي. ما يؤدي إلى انبهار المراهقين، الذين يعانون من نقص معين في حياتهم، ومن عدم ثبات هويتهم، بالصور التي يظهرها الإعلام، فيحاولون التشبه بها.