نجحت الاتصالات التي بذلت على اعلى المستويات وشارك فيها الوزير جبران باسيل والنائب وليد جنبلاط، بالاضافة الى اكرم شهيب ووائل ابو فاعور والان عون وقيادات امنية في لجم الحرب التي انفجرت بشكل عنيف، وتجاوزت كل الخطوط، وشملت العام والشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي بين التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي، وشهدت بعض القرى المختلطة الجبلية استفزازات حسمتها القوى الامنية مع التذكير بالحقبة السوداء في حرب الجبل، ولم تخل ندوات الحزب التقدمي الاشتراكي من الهجوم على العهد والتذكير بدور الرئىس ميشال عون في سوق الغرب ورون بوان عاليه. في المقابل بل لم يقصر العونيون في الهجوم على الاقطاع ومواقف جنبلاط المتقلبة وحجم الفساد في الوزرات التي تولاها.
وما زاد في اجواء التوتر التحضيرات الاشتراكية لمهرجان الوفاء لكمال ووليد وتيمور جنبلاط غدا في المختارة واطلاق «الحرم الديني»، على كل درزي لا يشارك في هذا الحشد الاستثنائي، كأن البلاد امام مفصل جديد من الازمة اللبنانية، ويريد جنبلاط من خلال الحشد توجيه رسالة للجميع بأنه اللاعب الاقوى و«بيضة القبان» ولا احد يستطيع تجاوزه في قانون الانتخاب وفي كل الحصة الدرزية وهو يتولى توزيعها، بالاضافة الى ان حجم تيمور السياسي والنيابي والشعبي ليس للمساومة.
وفي ظل عراضات الاشتراكيين تحضيرا للاحتفال، لم يتجاوب البعض مع توجهات النائب وليد جنبلاط بعدم الاستفزاز وخصوصا في القرى المختلطة المسيحية - الدرزية وحصلت تجاوزات قوبلت بعصب مسيحي شامل ضد هذه الاعمال.
هذه الاجواء تركت قلقا في الجبل وحاول النائب وليد جنبلاط استدراكها بالتأكيد على مصالحة الجبل التاريخية عام 2001 مع البطريرك صفير وزيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الى الجبل والتذكير بالشهداء المسيحيين الذين سقطوا غدرا بعد استشهاد كمال جنبلاط في الشوف، لكن ذلك لم يبدد القلق مع اجواء الشحن البغيضة التي وصلت اجواؤها الى كل الرؤساء والقيادات الامنية وهذه التطورات خلقت شحنا طائفيا مع تصدع اجواء المصالحة.
وفي المعلومات ان القيادات السياسية جميعها تحركت مع القيادات الامنية، وتم العمل لتخفيف الاحتقان. وعقد لقاء بين جبران باسيل ووائل ابو فاعور واستتبع باتصالات بين اكرم شهيب والان عون، وافضت الى اصدار التيار الوطني في الجبل بياناً اكد على احترامه الكامل لكل رجالات الشوف السياسية والفكرية والأدبية، وتشديده على العلاقة المميزة التي تربطه ببني معروف والحزب التقدمي الإشتراكي، وهو يعتبر أن وحدة الجبل هي من أولى أولوياته، وأنه لا سبيل للعودة إلى الوراء، وهو يعتبر أن المصالحة قد تكرست بصورة نهائية، بالزيارة التي قام بها رئيس التيار الوطني الحر آنذاك العماد ميشال عون، واللقاء الذي جمعه بالنائب وليد جنبلاط في المختارة.  
ودعا التيار كل المحازبين والمناصرين والمؤيدين، وجميع أهلنا في الشوف، للتعامل بإيجابية وروح حضارية مع هذه المناسبة. إن التباين في  الرأي حول القانون الانتخابي وإن مقعدا نيابيا من هنا أو مقعدا من هناك لن يفسد للود قضية، ويجب أن لا ننسى أن الشهيد كمال جنبلاط هو أول من نادى بالقانون النسبي في سبعينيات القرن الماضي.
وفي النهاية يطلب ألتيار الوطني الحر في الشوف من عموم أهلنا،  لا سيما المحازبين منهم والمناصرين والمؤيديين، بعدم الانجرار إلى المساجلة أو الرد على صفحات التواصل الاجتماعي، ومسح كل ما من شأنه الإساءة إلى العلاقة المميزة والعيش المشترك، بيننا وبين جميع إخواننا في الشوف إلى أي جهة أو طائفة انتموا.
وردت  مفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي التحية بمثلها بالقول :
يثمن الحزب التقدمي الاشتراكي عالياً البيان الذي صدر عن التيار الوطني الحر لمناسبة احياء الذكرى الـ 40 لاستشهاد المعلم كمال جنبلاط، ويؤكد على أهمية الحفاظ على العلاقة الثنائية بين الحزبين وتطويرها إيجاباً في المستقبل.
 ان الحرص المشترك للتيار الوطني الحر والحزب التقدمي الإشتراكي على المصالحة التاريخية بين البطريرك صفير  والنائب وليد جنبلاط سنة 2001 وتكريسها مع البطريرك الراعي سنة 2016، إنما يؤكد على الشركة الوطنية خصوصاً في الجبل الذي لطالما تميّز بالتعددية والتنوع التي تبقى الصيغة التي تستوجب حمايتها وتعزيزها في كل الظروف والمحطات.
 وفي هذه المناسبة، يؤكد الحزب التقدمي الاشتراكي أن اي تباينات ظرفية تتصل بعناوين سياسية مرحلية معينة لا علاقة لها، لا من قريب ولا من بعيد، بالمناخات الايجابية التي تولدت في الجبل مع عودة المهجرين وتعزيز نهج المصالحات والعيش المشترك والشركة مستذكراً في هذا المجال زيارة فخامة الرئيس العماد ميشال عون إلى المختارة في العام 2010 التي طوت صفحات أليمة من الماضي ولت إلى غير رجعة.
ثم اصدر الحزب التقدمي الاشتراكي بيان اخر دعا فيه الى رفع الاعلام اللبنانية فقط الى جانب اعلام الاشتراكي وطالب بعدم رفع الاعلام التي ترمز الى امور دينية.


لكن اللافت ان محاولة الحزب التقدمي الاشتراكي في الجبل بشدّ العصب الدرزي قوبلت ايضاً بعصب مسيحي جراء التذكير بأحداث تجاوزها التاريخ وهذا ما أدى الى توتر الاجواء واتخاذها منحى خطرا، استدعت تنازلات من الجمياع وكشفت خطورة استخدام الشارع واظهرت عدم القدرة على ضبطه، لان لكل فريق شارعه.
وافيد ان الجيش اللبناني سيتخذ اجراءات على طرقات الجبل المؤدية الى المختارة غدا، كما علم ان الوفود ستسلك طرقات تتجنب بواسطتها المرور في بعض البلدات المسيحية مع تحديد الانطلاق عند ساعات الصباح الاولى تفاديا لاي اشكال، كما ستخذ الاجهزة الامنية اجراءات لمنع اي عمليات «دس» واستغلال المناسبة لاحداث فتنة، في ظل قرار جنبلاطي واضح بمنع الاستفزاز واي مخل بالامن سيتم توقيفه من قبل القوى الامنية.
نهار مفصلي في تاريخ المختارة غداً يراهن عليه جنبلاط كثيراً في ظل انتقال الزعامة الى تيمور، وهي المرة الاولى في تاريخ العائلة يتم التوريث، سلميا من الوالد الى الابن بعكس الزعماء الاخرين الذين ورثوا الزعامة بعد عمليات اغتيال وقتل للآباء من بشير جنبلاط الى كمال جنبلاط.
التحضيرات الاشتراكية اكتملت من توزيع الاعلام والسيارات وخطب للقائد الشهيد كمال جنبلاط عبر مكبرات الصوت، لكن السؤال : هل يتم إلباس العباءة لتيمور جنبلاط والقاء كلمة في الحشود، ام ان الظرف السياسي ما زال يحتم وجود وليد جنبلاط مع كلمة في المناسبة يركز فيها على التعايش في الجبل ودفن الماضي، ولذلك اصر على النواب المسيحيين اصطحاب وفود من قرى الجبل المسيحية الى المختارة غداً مع وفد من اقليم الخروب، كما ستشارك قيادات الحركة الوطنية.
 

 

 قانون الانتخاب


اما على صعيد التوتر المطلبي على خلفية تعثر الحلول التي تلامس الاوضاع الاقتصادية ولقمة عيش المواطن بالاضافة الى الطامة الكبري في ملف قانون الانتخابات الذي يعتبره جميع القادة حالة حياة او موت كونه يحدد الحصص والتوازنات خلال الاربع السنوات المقبلة ولا احد مستعد للتراجع قيد انملة.
لكن الخطورة الكبرى تتمثل بانحدار مستوى النقاش وتغليفه بالطابع المذهبي والطائفي وهو في جانب منه استهداف للعهد الجديد ورئيسه العماد ميشال عون الذي لم تتلقف القوى السياسية «دعوته الابوية» لزيارة بعبدا ومناقشة الهواجس بدلاً من التحريض في وسائل الاعلام. وتؤكد مصادر قريبة من بعبدا، ان محاولات البعض اشاعة اجواء من الاحباط لن تنجح، فسلسلة الرتب والروابت ستبصر النور قريباً. وكما ان النقاش في قانون الانتخاب سيأخذ منحى مختلفاً مع تأكيدات ان الرئيس عون بصدد اطلاق مبادرة في الاسبوع المقبل لم يكشف عن مضمونها. ربما عبر نقاش هذا الملف في الحكومة او عبر حوارات ثنائية في بعبدا ليطرح الجميع هواجسهم او عبر كلمة الى اللبنانيين ليصارحهم بما يجري مع تمسكه بقانون انتخابي جديد على اساس النسبية واجراء الانتخابات.  
كما ابدت المصادر ارتياحها الكامل لزيارة الرئيس عون الى الفاتيكان ولقائه قداسة البابا والمسؤولين حيث كان النقاش في العمق ليس للوضع اللبناني فقط بل لكل ما يتعرض له المسيحيون في المنطقة وما تشهده الدول العربية.
علما ان العهد الحالي حقق انجازات بفترة قصيرة لم تحققها عهود كاملة لجهة فتح كل الملفات رغم «التركة الثقيلة» التي تحملها العهد، ففتح النقاش في ملف قانون الانتخابات وتم تعيين قادة عسكريين وامنيين، كما فتح موضوع سلسلة الرئيس والرواتب لاول مرة منذ 1996 وسيتم اقرار السلسلة الذين سيستفيد منها اكثر من 250 الف عائلة. لكن المشكلة التي تجمع عليها كل القوى هي قضية الفساد المستشري في كل مفاصل البلد. وهذه الملفات سيفتحها رئيس الجمهورية، وقد بدأ بملف المعاينة الميكانيكية والنفايات والتلزيمات بالتراضي، ولن يسمح بأي تجاوز للقوانين في عهده مع المحاسبة لكل الذين خالفوا، ولهذه الاسباب ستكون المواجهة كبيرة.