«يعرّف فقهاء الشّيعة أنفسهم بنوّاب الحجّة بن الحسن "ع"، لكنّ هذه النيابة في بعض الأعمال وليس كلّها؛ فتجدهم يقبلون عنه النّيابة في الأعمال الّتي تحمل نفعاً وتدرّ أموالاً وتجلب مقاماً، كاستلام الحقوق والولاية على الصغار والقُصّر والغُيّب والإفتاء والقضاء، ولا يقبلون النيّابة عنه في الأعمال الّتي تحتاج إلى الجهد والمشقّة فقط، ويقولون: ليأتي الحجّة بن الحسن "ع" لإصلاحها، فيأخذون ميزانيّة المصالح العامّة لكن ليس لهم علاقة بالاصلاح العامّ، بل لا يؤمنون بهذا الأمر أصلاً ويعتقدون خلافه، فهم في الحقيقة يقولون كبني إسرائيل: "فإذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا ههنا قاعدون".
إقرأ أيضًا: السيد علي فضل الله.. حجاب النجف والحجاب الأوروبي
ومن هنا يُعرف: لماذا ورد في الرّوايات إنّ الفقهاء سيفتون بقتل الحجّة المنتظر "ع" [حين ظهوره]؛ فرغم إنّهم يأوّلون هذه النّصوص بدعوى إنّ المُراد منها فقهاء العامة!!!؛ لكنّ هذا الأمر له علّة طبيعيّة؛ وذلك لأنّ ظهور شخص يريد إغلاق دكّانهم فلا علاقة لهم به حينئذ بل يعارضونه مئة في المئة. إنّ هؤلاء ينتفعون من اسمه، ومن عيد ميلاده، ومن مقامه، وهذا الانتفاع إنّما يتيسّر لهم في حال غيبته لا حال ظهوره، ومن يتبعه إنّما هم الأشخاص الّذين لا يضرّ ظهوره بدنياهم ولا يوجب غيابه استغلالهم السيء» [يادّاشتهاى مطهرى: ج15، ص150ـ151].
إقرأ أيضًا: النعرات المذهبية والشعوبية في آراء الوحيد الخراساني
أقول: لا تشتبه فالنصّ الصّادم والخالد أعلاه ليس للمسكين كاتب السطور، بل هو للمرحوم الشّهيد مرتضى المطهري، وليس لي أيّ دور فيه سوى التّرجمة، ترجمته سريعاً ونشرته لكي أطلب من عموم أخواني في الحوزات العلميّة الكريمة في النّجف وقم أن يقرؤوه بعناية وعمق ودقّة، ويفكّروا في درجة واقعيّته بصوت مرتفع بمعزل عن العناوين الثّانويّة وعدم المعقوليّة وظاهرة التّديّن وصلاة الّليل...إلخ من أمور معروفة؛ فلعلّ هذا الأمر يدعونا لتحترق قلوبنا على الحوزة بنفس طريقة الرّاحل الشّهيد، ونتجرّد عن وهم المرجعيّة والفقاهة الّذي يعشعش في نفوس بعضنا، وواهم من يظنّ إن الإصلاح سيبدأ من داخل الحوزة وبنفس سياقاتها المعروفة، تمرّدوا بعقلانيّة وموضوعيّة يرحمكم الله، وكلّ بحسبه وطاقاته، والله من وراء القصد.