لا يحتاج الأمر الى جدل جديد للتوصّل الى أن دخول "حزب الله" سوريا وتورّطه في الصراع المسلّح كان خطأ في حق لبنان وطناً ودولة وشعباً، وخطأ أكبر في حق الشعب السوري. وإذ التقى البطريرك بشارة الراعي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس على التذكير بـ "اعلان بعبدا"، الذي ولد على طاولة الحوار الوطني، وبمشاركة "حزب الله"، فإن هذا "الحزب" ارتكب خداعاً علنياً أكده أمينه العام في خطبه وبكثير من التحدّي والاحتقار لعقول اللبنانيين وغيرهم. لم يقل البطريرك، ولو متأخّراً، سوى الحقيقة التي يعرفها الجميع، وحين لفت الى أنه "لو كان حزب الله ميليشيا خارج البرلمان، لكان الأمر شيئاً آخر، لكنه في الحكم"، فهو يشير الى أن "الحزب" استخفّ بالدولة من داخل الدولة.
لم يكن البطريرك في صدد انتقاد رئيس الجمهورية ومعارضته، فالأخير تحدث عن "المقاومة" في مواجهة التهديد الاسرائيلي ولم يتوقف عند المغامرة السورية لتلك "المقاومة" ولا عند ممارساتها في الداخل، لكن كلام الراعي مفهومٌ بأن المطلوب انهاء مصادرة "الحزب" للدولة. والأكيد أن تقرير غوتيريس كان واضحاً في تحديده للمصلحة اللبنانية، سواء في حثّه الرئيس ميشال عون على العودة الى الحوار الوطني للتوصّل الى استراتيجية دفاعية تنزع بموجبها أسلحة "حزب الله" وغيره من الجماعات، أو بقوله ان "من الحاسم لاستقرار لبنان وأمنه أن يبقى ملتزماً سياسة النأي بالنفس، بما يتفق مع التزامه اعلان بعبدا"... هذه توصيات تدركها الأطراف جميعاً، فمَن يستطيع ترجمتها أفعالاً، وأين الحوار، وأين "اعلان بعبدا"؟ الجواب عند الرئيس والحكومة ومجلس النواب، لكن التسوية القائمة على "تجميد الخلافات" لا تعطّل فقط تسوية هذه الخلافات بل وفّرت لـ "حزب الله" الصيغة المريحة للتشويش على سياسات الدولة وفرملة تطبيع علاقاتها العربية.
من الواضح أن الأمم المتحدة والمجموعة الدولية لدعم لبنان، كذلك السعودية ودول الخليج، تتفهّم تعقيدات الوضع الداخلي والضغوط الاقليمية عليه، لكن التفهّم لا يعني القبول بوضع شاذ ومتمادٍ، وبالتأكيد لا يعني قبول إضفاء شرعية على السلاح غير الشرعي. وإذا كان الجيش اللبناني "غير قادر وحده" على مواجهة الخطر الاسرائيلي، وفقاً للرئيس عون، فهل أن الدولة لم تعد قادرة وحدها على مواجهة خطر "حزب الله" على لبنان؟ الأمين العام للأمم المتحدة أشار الى تصريحات الأمين العام لـ "الحزب" محذّراً من أنها "يمكن أن تؤدي الى تجدد الحرب". في العام 2006 كان من الطبيعي ألا تخفي الحكومة أن الحرب اندلعت خلافاً لإرادتها، لذا أبدى "حزب الله" استياء علنياً من ادائها لكنه في الأيام الأخيرة راح يضغط عليها لتسرّع صدور القرار 1701 ووقف اطلاق النار، فهل أن الصيغة الحالية للحكم تضع قرار الحرب في يد "الحزب"، كما يتمنّى؟
قرار الحرب عند حزب الله؟
قرار الحرب عند حزب الله؟عبد الوهاب بدر خان
NewLebanon
التعريفات:
مصدر:
النهار
|
عدد القراء:
1011
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro