الجمعة الفائت استقبل رئيس الجمهورية ميشال عون حاكم مصرف لبنان رياض سلامه. ولم يرشح من كلا الطرفين أي شيء عن مضمون اللقاء. لكن نهار الاثنين شكل مفاجأة في الأوساط المصرفية التي تداولت خبر وضع سلامه استقالته في تصرف عون، فلا يتحول مشكلة تؤثر على الاستقرار المالي، ولا يعفى بطريقة غير مشرفة. وقالت أوساط مصرفية رفيعة لـ"النهار" إن مجموعة من رؤساء مجالس ادارات المصارف تداعت للقاء سلامه في الايام القريبة، ولقاء كل من رئيسي الجمهورية والحكومة لاطلاعهما على القلق التي يمكن ان يرافق أي عملية تغيير في الوقت الراهن، خصوصاً ان وضع القطاع المصرفي ليس على ما يرام، وان الارباح المعلنة ليست أرباحاً فعلية، بدليل ان اياً من المساهمين لم يقبض قرشاً واحداً من تلك الأرباح التي تتراجع سنة تلو الأخرى، وان الضرائب الجديدة ستزيد تراجعها. وقال رئيس مجلس ادارة أحد المصارف أمس ان مصرفه أنهى العام 2016 على 6.2 ملايين دولار، وأن مؤشرات 2017 تشي بخسائر فادحة وبإمكان اقفال السنة المالية على 2.6 مليوني دولار. وأفادت الاوساط المصرفية ان موضوع حاكمية مصرف لبنان يتنازعه طرفان: الاول هو فريق 8 آذار ومعه فريق الرئيس الذي يريد تغيير الحاكم من دون احتساب النتائج جيداً، ويدفع "حزب الله" في اتجاه هذا القرار، والثاني هو فريق الرئيس سعد الحريري والهيئات المالية والتجارية والمصارف التي تدرك جيدا تداعيات أي تغيير في سعر صرف الليرة اللبنانية، أو حتى اهتزاز ثقة المجتمع الدولي بالتعامل المالي مع لبنان. وترى ان الهندسة المالية الأخيرة التي نفذها الحاكم وهاجم "بعض الجهلة" كانت ضرورية وملحة، ولولا تجاوب المصارف معها، لكان الاحتياط بالدولار سجل تراجعاً كبيراً يهدد الاستقرار المالي. ورأت ان تفجير أحد المصارف في فردان العام الماضي كان رسالة واضحة الى الحاكم عقب ادلائه بمواقف كانت ضرورية لمحاكاة العقل المالي الغربي، ولم تكن موجهة الى الداخل اللبناني كما فهمها البعض، وقد شكلت مواقفه غطاء للقطاع المالي اللبناني.
سلسلة الرتب والرواتب
هذا الموضوع على أهميته لا يحجب الاهتمامات الاخرى والتعقيدات التي تكاد تنفجر في وجه العهد والحكومة معاً، وخصوصاً في ظل الصراع المحموم على سلسلة الرتب والرواتب اليوم، والتي وضعها الرئيس نبيه بري في آخر جدول اعمال الجلسة العامة، فيجبر النواب على اقرار كل البنود الـ 26 قبل بلوغ البند الاكثر تعقيداً والذي يجري درسه على وقع الاعتصامات في الشارع المحيط، فيصدق النواب في وعودهم او تتوافر لهم الفرصة لتطيير النصاب والسلسلة معاً.
وبات مؤكداً وفق معلومات "النهار" ان لا مفعول رجعياً للسلسلة، وان ثمة اتجاهاً الى تقسيطها على سنتين لان الجباية لا تتحقق مباشرة بل تحتاج الى وقت، فيما تسديدها يمكن ان يشكل عامل ضغط على الخزينة. واذا كانت كل الكتل النيابية توافقت على اقرار السلسلة، الا ان تصاعد الاعتراضات من القضاة والاساتذة قد تتحول عثرات وتحمل على التأجيل، وهو ما تراهن عليه الهيئات الاقتصادية تدعمها كتل نيابية ترفض الافصاح علناً عن ذلك لغايات انتخابية.
قانون الانتخاب
أما على الصعيد الانتخابي، فان الوزير جبران باسيل ينتظر أجوبة نهائية عن مشروعه الاخير المختلط الذي عرضه على الرأي العام أول من أمس، وقد رأى النائب وائل أبو فاعور "ألا فرصة كبيرة لاعتماد الطرح الانتخابي الذي قدمه الوزير جبران باسيل"، واعرب عن اعتقاده انه "بصرف النظر عن موقفنا (الحزب التقدمي الاشتراكي)، هناك العديد من القوى لا ترى فيه حلاً أمثل لقانون الانتخاب".
ووقت يلقى باسيل دعم "حزب الله" المعلن بغض النظر عن الموقف من مضمون الطرح، فان حليفه النائب طلال ارسلان أكد لليوم الثاني "على قانون يؤمن صحة وعدالة التمثيل، أي على النسبية دون سواها، وكل محاولة لتفخيخها ستلقى منا الرد المناسب". أما كتلة "المستقبل" التي اجتمعت برئاسة الرئيس الحريري فلم تحدد موقفاً بل أهملت الموضوع في بيانها الرسمي. وتسبب حداد الرئيس بري على صهره بالتزامه الصمت أمس ما حال دون معرفة موقفه وان يكن يميل الى عدم الرضى.
ويذكر أن الوزير باسيل الذي تحدث في عشاء "التيار الوطني الحر" مساء أمس لم يأتي أيضاً على ذكر مشروعه وانما تحدث عن فوائد النسبية وتمسّك التيار بها.
من جهة أخرى ، فسر مصدر نيابي صمت بعض الأفرقاء السياسيين عن تحديد موقف واضح من طروحات باسيل "بأنه تضييع للوقت، واغراق له في مزيد من التخبط الذي يلزم العهد والحكومة معاً إعادة النظر في التعامل مع المستجدات". واعتبر ان الانتخابات صارت في خطر.