وتخلل يوم الاعتكاف اجتماع مجلس القضاء الاعلى ومكتب مجلس شورى الدولة ومكتب ديوان المحاسبة، في مقرّ مجلس القضاء الأعلى في قصر العدل في بيروت، وانضمّت اليهم الهيئة الإدارية لرابطة قدامى القضاة، ووضع المجتمعون اقتراحات، علمت "النهار" ان رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد سلمها الى وزير العدل سليم جريصاتي.
"النهار" حصلت على هذه الملاحظات، وهي ثلاث، فيما أشارت الملاحظة التمهيدية الى أن "المادة 20 من الدستور، المكرر نصها في المادة 4 من قانون تنظيم القضاء العدلي، تؤكد أن السلطة القضائية مستقلة ولها قوانينها الخاصة بها، ولا يندرج بالتالي القضاة في عداد الموظفين العامين بمفهوم قانون الموظفين، ويقتضي سحب المواد كافة التي ورد فيها ذكر القضاة وصندوق تعاضد القضاة والعطلة القضائية من مشروع سلسلة الرتب والواتب المعروض على الهيئة العامة لمجلس النواب".
صندوق التعاضد
ملاحظة أولى: المادتان 33 و35 من مشروع السلسلة (اقتراح القانون الوارد بالمرسوم رقم 10416)
في المادة 33 من اقتراح القانون الوارد بالمرسوم رقم 10416 الرامي الى رفع الحد الادنى للرواتب والاجور وإعطاء زيادة غلاء المعيشة للموظفين والمتقاعدين والاجراء في الادارات العامة، ما يأتي: "يجاز خلال مهلة سنة من تاريخ نفاذ هذا القانون وضع نظام موحد للتقديمات الاجتماعات (...) يشمل جميع العاملين في القطاع العام يطبق في تعاونية موظفي الدولة وصناديق تعاضد القضاة العدليين، وذلك بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح من رئيس مجلس الوزراء".
ان السعي منصب بجهود جميع المعنيين المخلصين، ولاسيما السادة اعضاء مجلس النواب، ونقابتي المحامين في بيروت وطرابلس، على تظهير معالم استقلالية السلطة القضائية توقا الى قضاء افضل. وهذا السعي يستدعي الحفاظ على صندوق تعاضد القضاة الذي يُشكل الضمان المعنوي الذي يحفظ القاضي ويُبقي على تصنيفه خارج عداد الموظفين، فلا يُقبَل ان يتضمن ذلك النص ذكرا لصندوق التعاضد في عداد سائر الصناديق، مع الاشارة الى ان دور الصندوق هو زرع الطمأنينة في قلب القاضي ليمضي الى احقاق الحق وتكريس العدالة من دون ان يشوش عليه هاجس نفقات طبابة او هم تكاليف تعليم. لذا يتوجب حذف ذكر صندوق تعاضد القضاة من نص المادة 33، مع ادخال عبارة "ما عدا القضاة" عليها.
المادة 35: كما يقتضي اضافة عبارة "ما عدا صندوق تعاضد القضاة" في آخر عنوان المادة 35 من ذلك المشروع.
اعتراض المحامين
ملاحظة ثانية : المادة 24 من مشروع قانون السلسلة.
ورد في تلك المادة من الاقتراح نفسه: "تُحدد العطلة القضائية لكل قاض بشهر من كل سنة يُحدد مجلس القضاء الاعلى تطبيقها".
هناك مسألة مبدئية هي انه لا يجوز ايراد النصوص المتعلقة بالعطلة القضائية في معرض مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب العائدة الى القطاعات العامة، فللسلطة القضائية قوانينها الخاصة بها ولا يدخل القضاة في عداد الموظفين المعنيين بمشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب. من ناحية اخرى، سبق أن جرى التفصيل في غير مناسبة انه يقتضي عدم المساس بمدة العطلة القضائية التي لا تتجاوز راهنا الشهرين، بعدما كانت شهرين ونصف شهر، وذلك لاسباب منها الآتي:
1 . ان الضغط الجسدي والنفسي الذي يكابده القاضي يستدعي تمكينه من عطلة يتحرر فيها مرحليا من جزء من ضغط العمل مما يسمح له بأن يستعيد القدرة ويشحذ نفسه وينهي المتأخر من احكامه ويُعد مشاريع الاحكام المحدد مواعيدها في بداية العام القضائي. ثم يمضي من بعدها الى عراك جديد لإحقاق العدالة.
2 . ان العطلة القضائية تتخللها مناوبة لكل قاض تبلغ ما يفوق الشهر في بعض الدوائر القضائية، علما ان عجلة العمل القضائي لا تتوقف خلال العطلة، خلافا لما هو عالق في ذهن العموم، اذ تستمر، وإن ليس بالوتيرة نفسها.
3. ان السعي الى انتاجية اعلى كما ونوعا لا يكون من خلال قضم ايام من العطلة القضائية، بل من خلال ممارسة كل من مجلس القضاء والتفتيش القضائي والمجلس التأديبي دوره، وهو الامر الجاري راهنا.
4. ان احصاءات العام القضائي المنصرم بينت ان ممارسة ذلك الدور الرقابي قد ادت الى ارتفاع في معدل الانتاجية بلغ 35 في المئة كمعدل عام، بما يثبت ان زيادة الانتاجية غير مرتبطة على الاطلاق بالعطلة القضائية.
5. ان نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس، المعنيتين بدورهما بتلك العطلة، قد تحفظتا عن فكرة تقصيرها لكونهما على بينة من ضرورتها ومحاذير المس بها.
6. من جملة هذه المحاذير عرقلة تفعيل برنامج التدريب المستمر للقضاة الاصيلين المنوي اجراؤه في الاسبوعين الاخيرين من العطلة. وهو البرنامج ذو المردود الإيجابي الكبير على القضاة وانتاجيتهم. لذا يتوجب عدم المساس بمدة العطلة القضائية كما هي عليه راهنا.
الموظف راتبه أعلى
ملاحظة ثالثة: وضع سلسلة رواتب القضاة:
إن الزيادات التي ستطرأ على رواتب العاملين في القطاع العام، ستنسف كل التميز الذي كرسته الزيادة التي طرأت على رواتب القضاة عام 2011، وستجعل اساس راتب القاضي الاصيل مقتصرا على 4،100،000 ليرة، في حين ان اساس راتب الموظف من الدرجة الاولى سيبلغ 5،220،000 ليرة، وهذا ما لا يُقبل ولا يُعقل، ولاسيما ان القاضي هو متولي سلطة عامة ويقوم بمهمة على قدر عال من الدقة والاهمية والخطورة والتطلب ذهنيا ونفسيا وجسديا، ومن الطبيعي ان يكون اساس راتبه اعلى من اساس راتب اي موظف، مهما علت درجته. فيقتضي، بالتزامن مع إقرار الزيادات للموظفين وسائر العاملين في القطاع العام، رفع أساس راتب القاضي الاصيل الى 5،320،000 ليرة ورفع درجة تدرجه الى 300 الف ليرة، علما أن تعديل قانون السير عام 2012 حرم الصندوق العائدات التي كانت تؤول اليه من حاصل محاضر ضبط مخالفات السير وحرمان القضاة الرمز"ع" ،"ا" العائد الى الوحات سير سياراتهم في القانون نفسه.