تكاد الطروحات الانتخابية المتتالية تحوّل المشهد الداخلي حقل اختبار لصيغ وأفكار يُراد لها ان تحدث خرقاً في الافق الانتخابي المسدود. على انّ اللافت للانتباه، في زحمة الطروحات هذه، هو برود الحماسة السياسية والشعبية في مقاربة جدية لأيّ صيغة تطرح، خصوصاً انّ نهر الصيغ الفاشلة، الذي تدفّق في الغرف السياسية في الآونة الاخيرة، عزّز شعور اللاثقة في إمكان عبور أيّ صيغة جسر التوافق الداخلي طالما أنها لا تسدّ هوّة الانقسام الداخلي حول القانون، ولا تترجم بالتالي شعار العدالة والمساواة والتوازن والتمثيل الصحيح.
المشهد السياسي العام يبدو مضبوطاً على صورتين، يتجلى في الأولى وئام رئاسي ملحوظ، وتفاهم حيال سائر الملفات والاستحقاقات، ولا سيما منها الموازنة العامة، التي أرجأها مجلس الوزراء إلى الجمعة لمراجعة بعض الأرقام، وسلسلة الرتب والرواتب التي يفترض أن تبصر النور في جلسة مجلس النواب غداً، وصولاً الى سلة تعيينات إدارية جديدة يجري الحديث عن إتمامها في وقت ليس ببعيد. وكذلك حول العنوان الانتخابي الذي يجب ان يراعي مبدأين أساسيين وهما التوافق حوله بين القوى السياسية، وصحة التمثيل.
وامّا الصورة الثانية، فيتصدّرها الموضوع الامني وما طَفا على السطح في الفترة الاخيرة من محاولات توتيرية ربطاً بتطوّرات محتملة في سوريا وبالحرب العالمية الجديدة على «داعش»، وتحديداً في الرقة، والتي استتبعت بمحاولات إقلاق الداخل اللبناني بزرع تسريبات من بعض «الغرف السوداء»، من نوع انّ لبنان مقبل على «ربيع ساخن».
الّا انّ اللافت في هذا السياق هو التفاؤل الرئاسي الذي تعكسه أجواء بعبدا، بناء على ما تتلقّاه رئاسة الجمهورية من مختلف المحافل الغربية والدولية.
وتؤكّد تِبعاً لذلك «انّ لبنان ذاهب الى مرحلة من تهدئة أكبر واستقرار أكبر. وقد تلقّت الرئاسة الاولى تأكيدات من مراجع خليجية بأنّ لبنان سيشهد زحفاً خليجياً سياحياً تجاهه، وسيشكّل الرعايا السعوديون العدد الأكبر من بينهم».
وبحسب هذه الاجواء، فإنّ التطورات الخارجية مَحلّ متابعة حثيثة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مع تشديده على دور اللبنانيين في الحفاظ على الاستقرار الداخلي وتعزيزه بقانون انتخاب جديد.
وبالتالي، انتخابات نيابية تجري على أساسه. فهذه هي الطريق الاساسي الى التحصين الداخلي، امام ايّ تطور خارجي ممكن ان يحصل، ويمكننا من إبقاء لبنان بمنأى عن تداعياته او ارتداداته».
بكركي قالت كلمتها
وفي حين ما زال كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عن سلاح «حزب الله» يتردّد في الساحة الداخلية، قالت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» إنّ «الراعي وَصّف الوضع كما هو خصوصاً حيال انقسام اللبنانيين حول مشاركة «حزب الله» في القتال في سوريا، وهو لن يتراجع عن هذا الأمر لأنّ الجميع يدرك هذا التوصيف»، معتبراً أنّ «مسألة السلاح هي شأن الدولة اللبنانية، وهي المولجة بمعالجته».
ولفتت المصادر الى أنّ «البطريرك لم يهاجم «حزب الله» بل قال الأمور كما هي، كذلك اكّد أنّ الحزب هو جزء من التركيبة اللبنانية. لذلك، فإنّ الموضوع دقيق»، مشيراً الى أنّ «الحوار مع الحزب لم ينقطع يوماً، وما يهمّنا هو إنقاذ الوضع وعدم الذهاب الى المجهول وتحمية الأجواء».
ونفت المصادر أن «يكون لكلام الراعي ارتباطات بالخارج»، مؤكدة انه «لم يأت في سياق الردّ على رئيس الجمهورية لأنّ العلاقة بين بعبدا وبكركي كالصخرة التي لا تهتزّ، ومن يراهن على توترها فقد سقط رهانه».
وامّا في موضوع قانون الإنتخاب، فأكّدت مصادر بكركي «اننا نقف خلف رئيس الجمهورية في سعيه لإنتاج قانون جديد، ونأمل ان يوفّق في مهمته»، موضحة «انّ الشق التقني هو عند النواب».
صيغة باسيل
وفي هذه الاجواء، قدّم رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، في مؤتمر صحافي، صيغة جديدة لقانون انتخابي يقوم على تقسيم المقاعد النيابية بالتساوي بين أكثري ونسبي، بحيث يتمّ التصويت وفق الاكثري على أساس 14 دائرة مختلطة على ان تنتخب كل طائفة نوّابها، ويتمّ اعتماد النسبية على اساس 5 دوائر وهي المحافظات الخمس التقليدية التاريخية، على حدّ تعبيره.
وأوضح باسيل أنه طرح هذا المشروع بعد رفض كافة الطروحات السابقة وانطلاقاً من اقتناع «التيار» بأنّ الجميع يريدون قانوناً جديداً للانتخابات يؤمِّن صحة التمثيل، وهذا الطرح يؤمّن للجميع كتلاً وازنة متنوِّعة.
واذا كان باسيل ومن خلفه «التيار الوطني الحر» يراهن على تجاوب القوى السياسية مع هذه الصيغة، فإنّ الاجواء السياسية لم تعكس تلقفاً ايجابياً، بل حذراً منها عَبّرت عنه مصادر نيابية بقولها لـ«الجمهورية»: هذه الصيغة تحتاج الى دراسة تفصيلية عامة، ويمكن ان تسجّل حولها مجموعة ملاحظات، وأهمّها انّ هذه الصيغة تبدو مفصّلة على مقاس القوى الكبرى، وتحرم القوى الاخرى من التمثيل، فضلاً عن أنها تحوّل التصويت النسبي الى تصويت أكثري على مستوى القضاء بما يُلغي فائدة الجزء النسبي من التصويت».
ولعلّ الأساس هو التساؤلات التي توالت من مستويات سياسية مختلفة عمّا اذا كان باسيل قد ضَمن مسبقاً موافقة الأطراف على الصيغة قبل طرحها، اذ إنه طرحها بعد اصطدامه بالاعتراض عليها من أطراف أساسية، فطرحها من باب إلقاء الحجة على الآخرين؟
وماذا عن موقف الحلفاء القريبين من «التيار الوطني الحر»، هل وافقوا عليها ام انهم تحفّظوا او رفضوا؟ وهنا السؤال عن موقف «حزب الله» الذي قال بعض وزرائه إنه يدرس صيغة باسيل، الّا انّ الملاحَظ هو الدراسة التحليلية التي قدّمها اعلام الحزب، وتُفنّد الخلل الذي يعتري هذه الصيغة.
وأكثر التساؤلات وقعاً كان عمّا اذا كانت صيغة باسيل الجديدة منطبقة مع الدستور وأحكامه ولا سيما التي تؤكّد المساواة بين اللبنانيين فيما الصيغة الجديدة تقسم اللبنانيين الناخبين والمقترعين بين فريق أكثري وفريق نسبي، وبالتالي هل هذه الصيغة بمنأى عن الطعن بها أمام المجلس الدستوري؟ وماذا لو فشلت فعلاً؟
فهل سنكون أمام صيغة جديدة، وهل هناك صيغة بديلة جاهزة، أم انّ الباب سيقفل نهائياً على ايّ صيَغ جديدة؟ وما العمل في هذه الحالة خصوصاً انّ عدّاد الولاية المجلسية يتناقص يوماً بعد يوم؟
«إعتراض مقنّع»
الواضح من ردود الفعل حول صيغة باسيل انّ حظوظ القبول بها تشوبها صعوبة جدية، خصوصاً انّ مقاربة القوى السياسية لها انطوَت على «اعتراض مقنّع» عليها تغطّيه عبارة «سنحدد موقفنا بعد درسها»، علماً انّ هذه القوى قد حددت موقفها خلال اللقاء المباشر مع باسيل.
ويأتي في هذا السياق موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تؤكد أوساطه انّ موقفه من الصيغة الجديدة يتحدّد بعد دراستها، علماً انّ الوزير علي حسن خليل سجّل بعض الملاحظات عليها في اللقاء الثلاثي الذي عقد أخيراً في السراي الحكومي في حضور الرئيس سعد الحريري وباسيل ونادر الحريري.
أمّا «المستقبل»، فأكدت أوساطه لـ«الجمهورية» أنه لا يناقش الاقتراحات الانتخابية في الاعلام، بل في الغرَف المغلقة، مشيراً الى ان لا جواب ايجابياً او سلبياً بعد، علماً انه يتلقّى كل الاقتراحات الانتخابية بإيجابية ويناقشها بهدوء وبمنهجية وبنحو مفصّل ويشرح أين نقاط القوة فيها وأين نقاط الضعف.
في هذا الوقت، اكدت أوساط رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط لـ»الجمهورية» انّ تغريدته الاخيرة واضحة، وهي تعبّر عن الموقف الثابت لنا. «نعم لنسبية فيها الحد الأدنى للشراكة ولا لنسبية ترسي الطلاق والقوقعة». لا نريد أيّ نوع من التحايل.
النسبية على المذهبية والطائفية كيف يمكن ان تركّب؟ النسبية إمّا تكون خارج القيد الطائفي او لا تكون. وفي الحالات التي تطرح لا يكون اسمها نسبية بل أرثوذكسية، أي أرثوذكسي بالمضمون ونسبي في الشكل».
ورداً على سؤال، قالت الأوساط: «طرحنا موقفنا في زيارتنا الاخيرة للوزير باسيل. وسمعنا كلاماً جميلاً. ونحن ننتظر. في أيّ حال نحن من البداية أخذنا الموقف الوسطي بين 8 و14 آذار، همّنا الأساس هو التأكيد على مبدأ الشراكة، والمحافظة على مصالحة الجبل، ومنع أيّ توتير فيه ومنع ايّ انعكاس انتخابي على هذه المصالحة، وضمن هذه الثابتة نحن نشتغل».
في هذه الاجواء كانت لتيار «المردة» إطلالة ذات دلالة، جاءت عبر تغريدة للوزير السابق يوسف سعادة، قال فيها: «بالأمس تحدّث أحدهم بجدية وحزم بأنّه لا يريد قانوناً على قياسه وكدنا نخجل من أنفسنا لأنّنا شَككنا للحظة بنيّته».
الموازنة
في هذا الوقت، لم ينجح مجلس الوزراء في جلسته المسائية أمس، والتي امتدّت حتى ساعة متأخّرة، من إنجاز مشروع الموازنة كما كان يأمل رئيس الحكومة سعد الحريري.
وكان عدد من الوزراء قد تحدّث قبل انعقاد الجلسة عن سهرةٍ طويلة في السراي، على اعتبار أنّ هناك قراراً بإنجاز الملف. لكنّ حسابات الحقل لم تتوافق وحسابات البيدر، وتمَّ رفعُ الجلسة عند الساعة الحادية عشرة إلّا ربعاً من ليل أمس، وحُدّد يوم الجمعة المقبل موعداً لمراجعة بعض الارقام تمهيداً لرفع الموازنة الى مجلس النواب.
وفي السياق، قالت مصادر «القوات اللبنانية»، لـ«الجمهورية» إنه وأثناء النقاش في ملف الكهرباء دعا رئيس الحكومة إلى عقد جلسة خلال عشرة أيام لبت هذا الملف، فقال وزير الطاقة سيزار أبي خليل إنّ خطته بما فيها طرح «القوات» ستكون جاهزة خلال المهلة التي حدّدها الحريري، فيما أعلن الوزير محمد فنيش تأييده لطرح «القوات» في ملف الكهرباء».
تنسيق أمني
على صعيد آخر، وبعدما اكتملت هيكلية المؤسسات العسكرية والأمنية بمواقعها القيادية، كشفت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية» انّ القادة العسكريين الجدد بدأوا ورشة تشكيلات ومناقلات داخلية في المؤسسات العسكرية والامنية تمهيداً لاستئناف اللقاءات الدورية في ما بينهم للتعاون والتنسيق وتحديد الآليات الواجب اعتمادها لمواجهة ايّ طارىء.
من جهة ثانية، كشفت مراجع أمنية أنها ترصد بدقة متناهية، بالتعاون مع أجهزة أمنية اقليمية ودولية، النتائج المترتبة على العمليات العسكرية الجارية في العراق وسوريا الهادفة الى محاصرة قادة داعش والمجموعات الأخرى الإرهابية تمهيداً لرصد حركتها بعدما نجح بعضها بالدخول الى مناطق سيطرة القوى المعارضة الأخرى التي تناصبها العداء ولا سيما منطقة سيطرة الجيش السوري النظامي تمهيداً للإنتقال الى دول الجوار السوري، ومنها لبنان والأردن.
وفي سياق أمني، دمّر الجيش اللبناني آلية لإرهابيّي تنظيم «داعش» قرب تلة ام خالد في جرود رأس بعلبك، حيث قتل وجرح من كان فيها من مسلحين.
وامّا الصورة الثانية، فيتصدّرها الموضوع الامني وما طَفا على السطح في الفترة الاخيرة من محاولات توتيرية ربطاً بتطوّرات محتملة في سوريا وبالحرب العالمية الجديدة على «داعش»، وتحديداً في الرقة، والتي استتبعت بمحاولات إقلاق الداخل اللبناني بزرع تسريبات من بعض «الغرف السوداء»، من نوع انّ لبنان مقبل على «ربيع ساخن».
الّا انّ اللافت في هذا السياق هو التفاؤل الرئاسي الذي تعكسه أجواء بعبدا، بناء على ما تتلقّاه رئاسة الجمهورية من مختلف المحافل الغربية والدولية.
وتؤكّد تِبعاً لذلك «انّ لبنان ذاهب الى مرحلة من تهدئة أكبر واستقرار أكبر. وقد تلقّت الرئاسة الاولى تأكيدات من مراجع خليجية بأنّ لبنان سيشهد زحفاً خليجياً سياحياً تجاهه، وسيشكّل الرعايا السعوديون العدد الأكبر من بينهم».
وبحسب هذه الاجواء، فإنّ التطورات الخارجية مَحلّ متابعة حثيثة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مع تشديده على دور اللبنانيين في الحفاظ على الاستقرار الداخلي وتعزيزه بقانون انتخاب جديد.
وبالتالي، انتخابات نيابية تجري على أساسه. فهذه هي الطريق الاساسي الى التحصين الداخلي، امام ايّ تطور خارجي ممكن ان يحصل، ويمكننا من إبقاء لبنان بمنأى عن تداعياته او ارتداداته».
بكركي قالت كلمتها
وفي حين ما زال كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عن سلاح «حزب الله» يتردّد في الساحة الداخلية، قالت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» إنّ «الراعي وَصّف الوضع كما هو خصوصاً حيال انقسام اللبنانيين حول مشاركة «حزب الله» في القتال في سوريا، وهو لن يتراجع عن هذا الأمر لأنّ الجميع يدرك هذا التوصيف»، معتبراً أنّ «مسألة السلاح هي شأن الدولة اللبنانية، وهي المولجة بمعالجته».
ولفتت المصادر الى أنّ «البطريرك لم يهاجم «حزب الله» بل قال الأمور كما هي، كذلك اكّد أنّ الحزب هو جزء من التركيبة اللبنانية. لذلك، فإنّ الموضوع دقيق»، مشيراً الى أنّ «الحوار مع الحزب لم ينقطع يوماً، وما يهمّنا هو إنقاذ الوضع وعدم الذهاب الى المجهول وتحمية الأجواء».
ونفت المصادر أن «يكون لكلام الراعي ارتباطات بالخارج»، مؤكدة انه «لم يأت في سياق الردّ على رئيس الجمهورية لأنّ العلاقة بين بعبدا وبكركي كالصخرة التي لا تهتزّ، ومن يراهن على توترها فقد سقط رهانه».
وامّا في موضوع قانون الإنتخاب، فأكّدت مصادر بكركي «اننا نقف خلف رئيس الجمهورية في سعيه لإنتاج قانون جديد، ونأمل ان يوفّق في مهمته»، موضحة «انّ الشق التقني هو عند النواب».
صيغة باسيل
وفي هذه الاجواء، قدّم رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، في مؤتمر صحافي، صيغة جديدة لقانون انتخابي يقوم على تقسيم المقاعد النيابية بالتساوي بين أكثري ونسبي، بحيث يتمّ التصويت وفق الاكثري على أساس 14 دائرة مختلطة على ان تنتخب كل طائفة نوّابها، ويتمّ اعتماد النسبية على اساس 5 دوائر وهي المحافظات الخمس التقليدية التاريخية، على حدّ تعبيره.
وأوضح باسيل أنه طرح هذا المشروع بعد رفض كافة الطروحات السابقة وانطلاقاً من اقتناع «التيار» بأنّ الجميع يريدون قانوناً جديداً للانتخابات يؤمِّن صحة التمثيل، وهذا الطرح يؤمّن للجميع كتلاً وازنة متنوِّعة.
واذا كان باسيل ومن خلفه «التيار الوطني الحر» يراهن على تجاوب القوى السياسية مع هذه الصيغة، فإنّ الاجواء السياسية لم تعكس تلقفاً ايجابياً، بل حذراً منها عَبّرت عنه مصادر نيابية بقولها لـ«الجمهورية»: هذه الصيغة تحتاج الى دراسة تفصيلية عامة، ويمكن ان تسجّل حولها مجموعة ملاحظات، وأهمّها انّ هذه الصيغة تبدو مفصّلة على مقاس القوى الكبرى، وتحرم القوى الاخرى من التمثيل، فضلاً عن أنها تحوّل التصويت النسبي الى تصويت أكثري على مستوى القضاء بما يُلغي فائدة الجزء النسبي من التصويت».
ولعلّ الأساس هو التساؤلات التي توالت من مستويات سياسية مختلفة عمّا اذا كان باسيل قد ضَمن مسبقاً موافقة الأطراف على الصيغة قبل طرحها، اذ إنه طرحها بعد اصطدامه بالاعتراض عليها من أطراف أساسية، فطرحها من باب إلقاء الحجة على الآخرين؟
وماذا عن موقف الحلفاء القريبين من «التيار الوطني الحر»، هل وافقوا عليها ام انهم تحفّظوا او رفضوا؟ وهنا السؤال عن موقف «حزب الله» الذي قال بعض وزرائه إنه يدرس صيغة باسيل، الّا انّ الملاحَظ هو الدراسة التحليلية التي قدّمها اعلام الحزب، وتُفنّد الخلل الذي يعتري هذه الصيغة.
وأكثر التساؤلات وقعاً كان عمّا اذا كانت صيغة باسيل الجديدة منطبقة مع الدستور وأحكامه ولا سيما التي تؤكّد المساواة بين اللبنانيين فيما الصيغة الجديدة تقسم اللبنانيين الناخبين والمقترعين بين فريق أكثري وفريق نسبي، وبالتالي هل هذه الصيغة بمنأى عن الطعن بها أمام المجلس الدستوري؟ وماذا لو فشلت فعلاً؟
فهل سنكون أمام صيغة جديدة، وهل هناك صيغة بديلة جاهزة، أم انّ الباب سيقفل نهائياً على ايّ صيَغ جديدة؟ وما العمل في هذه الحالة خصوصاً انّ عدّاد الولاية المجلسية يتناقص يوماً بعد يوم؟
«إعتراض مقنّع»
الواضح من ردود الفعل حول صيغة باسيل انّ حظوظ القبول بها تشوبها صعوبة جدية، خصوصاً انّ مقاربة القوى السياسية لها انطوَت على «اعتراض مقنّع» عليها تغطّيه عبارة «سنحدد موقفنا بعد درسها»، علماً انّ هذه القوى قد حددت موقفها خلال اللقاء المباشر مع باسيل.
ويأتي في هذا السياق موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تؤكد أوساطه انّ موقفه من الصيغة الجديدة يتحدّد بعد دراستها، علماً انّ الوزير علي حسن خليل سجّل بعض الملاحظات عليها في اللقاء الثلاثي الذي عقد أخيراً في السراي الحكومي في حضور الرئيس سعد الحريري وباسيل ونادر الحريري.
أمّا «المستقبل»، فأكدت أوساطه لـ«الجمهورية» أنه لا يناقش الاقتراحات الانتخابية في الاعلام، بل في الغرَف المغلقة، مشيراً الى ان لا جواب ايجابياً او سلبياً بعد، علماً انه يتلقّى كل الاقتراحات الانتخابية بإيجابية ويناقشها بهدوء وبمنهجية وبنحو مفصّل ويشرح أين نقاط القوة فيها وأين نقاط الضعف.
في هذا الوقت، اكدت أوساط رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط لـ»الجمهورية» انّ تغريدته الاخيرة واضحة، وهي تعبّر عن الموقف الثابت لنا. «نعم لنسبية فيها الحد الأدنى للشراكة ولا لنسبية ترسي الطلاق والقوقعة». لا نريد أيّ نوع من التحايل.
النسبية على المذهبية والطائفية كيف يمكن ان تركّب؟ النسبية إمّا تكون خارج القيد الطائفي او لا تكون. وفي الحالات التي تطرح لا يكون اسمها نسبية بل أرثوذكسية، أي أرثوذكسي بالمضمون ونسبي في الشكل».
ورداً على سؤال، قالت الأوساط: «طرحنا موقفنا في زيارتنا الاخيرة للوزير باسيل. وسمعنا كلاماً جميلاً. ونحن ننتظر. في أيّ حال نحن من البداية أخذنا الموقف الوسطي بين 8 و14 آذار، همّنا الأساس هو التأكيد على مبدأ الشراكة، والمحافظة على مصالحة الجبل، ومنع أيّ توتير فيه ومنع ايّ انعكاس انتخابي على هذه المصالحة، وضمن هذه الثابتة نحن نشتغل».
في هذه الاجواء كانت لتيار «المردة» إطلالة ذات دلالة، جاءت عبر تغريدة للوزير السابق يوسف سعادة، قال فيها: «بالأمس تحدّث أحدهم بجدية وحزم بأنّه لا يريد قانوناً على قياسه وكدنا نخجل من أنفسنا لأنّنا شَككنا للحظة بنيّته».
الموازنة
في هذا الوقت، لم ينجح مجلس الوزراء في جلسته المسائية أمس، والتي امتدّت حتى ساعة متأخّرة، من إنجاز مشروع الموازنة كما كان يأمل رئيس الحكومة سعد الحريري.
وكان عدد من الوزراء قد تحدّث قبل انعقاد الجلسة عن سهرةٍ طويلة في السراي، على اعتبار أنّ هناك قراراً بإنجاز الملف. لكنّ حسابات الحقل لم تتوافق وحسابات البيدر، وتمَّ رفعُ الجلسة عند الساعة الحادية عشرة إلّا ربعاً من ليل أمس، وحُدّد يوم الجمعة المقبل موعداً لمراجعة بعض الارقام تمهيداً لرفع الموازنة الى مجلس النواب.
وفي السياق، قالت مصادر «القوات اللبنانية»، لـ«الجمهورية» إنه وأثناء النقاش في ملف الكهرباء دعا رئيس الحكومة إلى عقد جلسة خلال عشرة أيام لبت هذا الملف، فقال وزير الطاقة سيزار أبي خليل إنّ خطته بما فيها طرح «القوات» ستكون جاهزة خلال المهلة التي حدّدها الحريري، فيما أعلن الوزير محمد فنيش تأييده لطرح «القوات» في ملف الكهرباء».
تنسيق أمني
على صعيد آخر، وبعدما اكتملت هيكلية المؤسسات العسكرية والأمنية بمواقعها القيادية، كشفت مصادر واسعة الإطلاع لـ«الجمهورية» انّ القادة العسكريين الجدد بدأوا ورشة تشكيلات ومناقلات داخلية في المؤسسات العسكرية والامنية تمهيداً لاستئناف اللقاءات الدورية في ما بينهم للتعاون والتنسيق وتحديد الآليات الواجب اعتمادها لمواجهة ايّ طارىء.
من جهة ثانية، كشفت مراجع أمنية أنها ترصد بدقة متناهية، بالتعاون مع أجهزة أمنية اقليمية ودولية، النتائج المترتبة على العمليات العسكرية الجارية في العراق وسوريا الهادفة الى محاصرة قادة داعش والمجموعات الأخرى الإرهابية تمهيداً لرصد حركتها بعدما نجح بعضها بالدخول الى مناطق سيطرة القوى المعارضة الأخرى التي تناصبها العداء ولا سيما منطقة سيطرة الجيش السوري النظامي تمهيداً للإنتقال الى دول الجوار السوري، ومنها لبنان والأردن.
وفي سياق أمني، دمّر الجيش اللبناني آلية لإرهابيّي تنظيم «داعش» قرب تلة ام خالد في جرود رأس بعلبك، حيث قتل وجرح من كان فيها من مسلحين.