كنت بالأمس اراقب حملات التهجم على البطرك الماروني بشارة الراعي بسبب ما صرح به عن المقاومة في احدى المقابلات التلفزيونية، وكأن الجمهور قد اتفق على العبارات نفسها ليذكّر الراعي بحرص السلاح على حماية المسيحيين وصونه للعيش المشترك، وانه لولا هذا السلاح لوصلت داعش الى جونية، ولما كان البطرك حاليا في موقعه الديني بل إما مقتولا على يد الارهاب واما قابعا في سجونه، ولكانت المسيحيات سبايا تباع في الاسواق.
واغدق القوم سيلا من عبارات المحبة للاخوة المسيحيين ولم ينسوا ان يعيدوا نشر صور المجاهدين حين كانوا يعانقون الصلبان او يركعون امام التماثيل والاصنام في الكنائس او يؤدون لها التحايا، ليظهروا للعالم بما اتقنوه من فن الدعاية والتدليس أنهم بعيدون عن التطرف يرشحون محبة وسلاماً.
ما اكذب هؤلاء الذين كانوا (من على الصفحات نفسها التي عيرت الراعي بحمايته واظهرت حبها الكاذب لباقي الطوائف) في ذكرى شهادة السيدة الزهراء"ع" يهتكون المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله ويتهمونه بنشر الفتنة واضعاف المذهب، ونظراؤهم في العراق كانوا يمنعون عرض كتبه في معرض الكتاب الذي اقيم في النجف وقبلها بأيام كانت حملات الشتم والتكفير تصدح على منابر التواصل الاجتماعي لمعظم هذا الجمهور بسبب ما اطلقه الشيخ الوحيد الخراساني حول بعض الصحابة وما عقبه من رد لمكتب السيد الخامنئي الذي تبرأ من تصريحاته.
هذه البيئة التي تدّعي كذبا حرصها على الانسان والتعايش مع الطوائف والمذاهب الأخرى حريّ بها أولا ان تحب أبناء جلدتها ممن يخالفونها الرأي لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وما نراه منهم يزيدنا يقيناً بأنّ هؤلاء لو تمكنوا من الحكم لتصاغرت أفعال داعش امام افعالهم لان الداعشية الكامنة في عقولهم وقلوبهم باتت كالبركان ينتظر الانفجار ليسحق كل من حوله.
لقد بلغت الوقاحة والكذب والجهل والعهر عند هؤلاء حدا لا يطاق، حتى إنهم باتوا في سكرتهم يعمهون وما ربك بغافل عما يعملون.