على وقع ألحان تصريح قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري لوكالة فارس للأنباء " أن إيران تمشي في طريق ستكون نهايتها سيطرة الإسلام على دول العالم "... والملفت هنا تعبير " سيطرة " وليس إنتشار أو إعتناق، فالسيطرة إنما تعني الفرض بالقوة والقهر وليس بالفكر والإقناع الإرادي.
وإذا كنا لم نصل بعد إلى آخر الطريق " المنشود " عند الجعفري، فهذا لا يعني أننا لم نبدأ بعد وأن اليد الإيرانية التي تسيطر على أي بقعة من بقاع هذا العالم فإن سيطرة الإسلام الإيراني سوف تترجم، وأحكامه يجب أن تطبق على الجميع وبدون أي تمييز.
إقرأ أيضًا: العونية السياسية
وواحدة من هذه الأحكام هي دفع الجزية على المسيحيين وهم صاغرون، وعلى أعتاب هذا " الحكم الشرعي " تتحطم كل الصور النمطية التي حاول حزب الله ويحاول أن يخرج نفسه وتفكيره من إطار صورة هذا الحكم المبرم، عبر بث صور مختلفة لمقاتلين له يحيّون تمثال مسيحي من هنا، أو لقائد يجالس راهبة أو راهب مسيحي من هناك،، لتبقى الحقيقة الإعتقادية الثابتة خلف كل تلك الصور هي أن على المسيحيين أن يدفعوا الجزية.
ومن يحاول من الإسلاميين أن يفلسف هذا الحكم التاريخي، لإضفاء نوع من الحداثوية عليه من دون اللجوء إلى نسفه بوصفه حكم تدبيري مرحلي، فيبرروه بكونه لا يعدو أنه نوع من أنواع الضرائب التي يفرضها الحاكم على قسم من المواطنين " المسيحيين " مقابل ما تقدمه الدولة الإسلامية لهم من حماية وأمن لأنهم ممنوعون أصلًا من المشاركة في صفوف الجيوش الإسلامية.
إقرأ أيضًا: إنهم في منبج يا سيد!
بهذه الخلفية الثقافية، انبرى إعلام حزب الله، لشن هجومه الكاسح على البطريرك بشارة الراعي بعد تصريحه الأخير لقناة سكاي نيوز وتناول موضوع سلاح الحزب ومشاركته في القتال السوري إلى جانب نظام بشار الأسد، مذكرًا البطريرك وممنيًا له ولرعيته أن حزب الله يحمي المسيحيين!! وكأنه يقول له أن بالمقابل على البطريرك أن يدفع الجزية وهو صاغر،،، وإذا كان " ولي أمر المسلمين " هو فقط من يحدد نوع وقيمة هذه الجزية.
فإن الجزية المفترضة على مسيحيي لبنان هذه الأيام هي من نوع آخر، يمكن تسميتها ب " الجزية السياسية " ، فحزب الله الذي يحمي المسيحيين بحسب إدعائه، يفرض على كبار القوم عندهم ( رئيسًا وبطركًا ) بأن تكون مواقفهم وآراءهم السياسية منسجمة تمامًا مع مواقف الحزب... وإلا.