تحاول مرجعيات لبنانية تفعيل خطاب النأي بالنفس، وإطلاق رسائل بهذا الصدد إلى المجتمعين العربي والدولي في محاولة لعدم تحميل كل لبنان المسؤولية عن ممارسات حزب الله وتدخلاته. ويبرز مناخ لبناني يميل إلى وضع حدود واضحة بين حزب الله والدولة اللبنانية ونفي مسؤولية لبنان الرسمية عن تصرفات حزب الله، وذلك على الرغم من أن حزب الله جزء أساسي من مكونات الدولة اللبنانية.
الاختلال الكبير في موازين القوى سمح بنشوء معادلة لبنانية تقوم في هذه الفترة على تغليب الشأن الداخلي في انتظار تطورات الوضع في الميادين الملتهبة المحيطة بلبنان
وكانت مواقف البطرك الماروني بشارة الراعي لافتة في هذا الصدد فقد أدلى مؤخرا بتصريحات قال فيها إن حزب الله دخل الحرب السورية "دون أي اعتبارٍ لقرار الدولة اللبنانية بالنأي بالنفس"، كما اعتبر أن هذا الأمر "أحرج اللبنانيين وقسمهم بين مؤيّد لتدخّله ورافض له".
الراعي شدد على أن "أن هذا الموضوع بات جزءا من الحياة اللبنانية والأوضاع العامة ويحتاج درجات من الحلول. والدولة اللبنانية تتخذ دائما موقف النأي بالنفس، أي أنه لا يوجد قرار من الدولة اللبنانية بأن يحارب حزب الله هنا أو هناك". وتلفت بعض المعلومات إلى أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله سيستبق موعد انعقاد القمة العربية المقرر في الفترة الواقعة بين 24 و27 مارس الجاري بخطاب سيلقيه يوم السبت الواقع في 18 مارس.
وترجح مصادر مطلعة أن يحرص نصرالله في خطابه على تغطية مواقف الرئيس عون في القمة العربية، وعلى عدم إحراجه بإطلاق مواقف معادية للسعودية ولدول الخليج عموما.
وكانت سلسلة المواقف التي صدرت عن حزب الله مباشرة على لسان أمينه العام أو عبر حلفائه وأبرزهم رئيس الجمهورية قد عبرت عن سياق مناقض تماما لمنطق النأي بالنفس، ولكن على الرغم من ذلك يراد تسويق هذا الخطاب في القمة العربية وكأن شيئا لم يكن. وتلفت بعض المصادر إلى أن الموقف العربي عموما، والخليجي خصوصا، لم يعد يبالي بأي موقف يمكن أن يصدر من لبنان، لأن لبنان خرج من دائرة الاهتمام الخليجية، وباتت هناك نظرة عامة تنظر إليه بوصفه جزءا من المنظومة الإيرانية في المنطقة.
لا تتوقع هذه المصادر أن تصدر مواقف تصعيدية تجاه لبنان بشكل مباشر، بل تتوقع أن يواجه خطاب رئيس الجمهورية في القمة والذي سيعيد التأكيد كما هو متوقع على خطاب النأي بالنفس، بمواقف انتقادية حادة ولكن دون أن تتبلور في إطار تصعيد إضافي مع لبنان.
وتشير تحليلات إلى أن الوضع مع دول الخليج قد وصل أساسا إلى ذروة التصعيد، وأن هناك قطيعة شبه متحققة مع لبنان؛ لذلك فإن أي تصعيد جديد لن يضيف شيئا إلى واقع العلاقات الخليجية اللبنانية المتأزم. وتتوقع هذه التحليلات أن اللامبالاة ستحكم تعامل الدول الخليجية مع أي موقف يصدر عن لبنان.