فيما يعلن اليوم رئيس «التيار الوطني الحرّ» الوزير جبران باسيل صيغته الجديدة لقانون الانتخاب منتظراً ردود الأفرقاء السياسيين عليها ليبنى على الشيء مقتضاه، يواصل مجلس الوزراء في جلسته عصر اليوم البحث في مشروع قانون الموازنة العامة للدولة بهدف بتّه تمهيداً لوضعه في صيغته النهائية وإحالته إلى المجلس النيابي. وقالت مصادر «بيت الوسط» لـ«الجمهورية» إنّ الأمل موجود في إمكان أن تكون جلسة مجلس الوزراء اليوم الأخيرة في السعي لإقرار مشروع الموازنة، إلّا أنّ الأمور مرهونة بأوقاتها.
لم يطرَأ أيّ جديد بعد على جبهة قانون الانتخاب العتيد في انتظار الصيغة التي سيطرحها باسيل اليوم، إذ في ضوئها سيتحدد مآل البحث في مصير الاستحقاق النيابي.

وفي هذا السياق قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أن «لا جديد فعلياً في المسار الانتخابي»، مشيراً إلى أنه ينتظر ما سيطرحه باسيل في هذا الشأن، ولافتاً إلى أنه لن يعطي رأياً نهائياً فيه قبل إتمام مناقشته. وأكّد أنه «إذا لم يمشِ الحال مع هذا الطرح، فهذا يلقي المسؤولية مجدّداً على الحكومة لكي تبادر هي إلى إعداد قانون جديد لإقراره».

الحريري

وإلى ذلك، قالت مصادر بيت الوسط لـ«الجمهورية» إنّ قانون الانتخاب «حاضر بقوّة في برنامج اهتمامات الرئيس سعد الحريري الذي لم يفوّت جلسة إلّا وكان قانون الانتخاب حاضراً في لقاءات جانبية على هامش البحث في الموازنة، ما يوحي بأنّ لقاءً سيضمّه اليوم مع كلّ مِن الوزيرين علي حسن خليل وباسيل للبحث في الصيغة الأخيرة المطروحة للبحث».

وأضافت أنّ البحث الجدّي عن قانون جديد أمرٌ واجب، فالمهَل لم تعُد تَسمح بالتردّد بحثاً عن هذا القانون، ومعظم القوانين التي طرِحت إلى اليوم لم تكن كاملة.

باسيل

وكان باسيل قد أعلن أمس أنّ «التيار» يضع في أولوياته أن «لا إصلاح سياسياً من دون قانون انتخابي جديد وعصري»، لافتاً إلى أنّ التيار الوطني الحر سيطلِق مبادرة جديدة في هذا المجال اليوم.

وأكّد خلال المؤتمر الوطني الثاني لـ«التيار» في مجمع «البيال» أنّه «لا يوجد قانون انتخابي لمصلحة رئيس «التيار» ولا يوجد تحالف انتخابي لمصلحة رئيس «التيار»، ولا يوجد إنماء لمصلحة رئيس «التيار» والذي يخيط بهذه المسلّة فليُخيّط بغيرها، لا أحد يبتزّنا لا بالإنماء ولا بالانتخابات... والطموح الشخصي الوحيد هو أن يكون «التيار» قوياً بمبدئه وفِكره، وأن يكون هذا العهد لمصلحة كلّ البلد».

وأكدت أوساط باسيل لـ«الجمهورية» إنّ موقفه هو «رسالة إلى الجميع من دون تخصيص، لكلّ مَن يساهم في قانون الانتخاب أو يفكّر بالتحالفات».

من جهتها، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنّ باسيل أطلعَ «القوات» على اقتراحه الجديد الذي وجدته مناسباً، وإنه في صدد طرحِه على القوى السياسية الأخرى لمعرفة موقفِها من هذا الاقتراح، وبالتالي وفق أجوبتها يُبنى على الشيء مقتضاه.

وفي سياق آخر قالت مصادر «القوات» إنّ الحريري ووزير الطاقة سيزار أبو خليل قطعا وعداً لـ«القوات» بأنه فور إقرار الموازنة سيَطرح وزير الطاقة خطةً للكهرباء، مِن أهمّ بنودها الإصلاحية إشراكُ القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء

بوصعب

وتعليقاً على كلام باسيل، قال الوزير السابق الياس بوصعب لـ«الجمهورية»: إنّ باسيل «مؤتمَن على ترسيخ مبادئ «التيار» وكلامُه غير معنيّ لا بالشخصَنة ولا بالتحالفات، لا الثنائية ولا الثلاثية ولا الرباعية، بل جاء في سياق أنّنا نعمل لإقرار قانون انتخابات على قياس الوطن ويؤمّن التمثيلَ الصحيح لجميع اللبنانيين، وليس على قياس قضاء أو شخص أو لمصلحة تحالفات انتخابية قد تكون آنيّة.

ومصلحة «التيار» لا تكون قائمةً في قضاء واحد أو دائرة انتخابية واحدة، بل تُقاس على مساحة الوطن وإذا أخذنا في المتن الشمالي على سبيل المثال، فإنّ تحالفاتنا النيابية ستحدّد وفقَ مصلحة «التيار» وتعتمد على أيّ قانون انتخابات سيُقرّ.

واليوم التحالفات غير محسومة في المتن، وهي مفتوحة على كلّ الصعد. لدينا حلفاء تحالفنا معهم في الماضي ولا يزالون حلفاءَنا، مثل الطاشناق والحزب السوري القومي الاجتماعي، وما زال الباب مفتوحاً لهذه التحالفات مجدّداً».

وأضاف بوصعب: «كما أنّ التواصل مع دولة الرئيس ميشال المر لم ينقطع يوماً، ونحن أيضاً على تواصل مع حزب الكتائب ورئيسِه النائب سامي الجميّل منذ ما قبل الانتخابات الرئاسية، والحوار معه مستمر أخيراً من منطلق أنّنا ضد تهميش أحد له وزن تمثيلي، فورقة التفاهم مع «القوات» تؤسّس لتحالف كهذا، لكنّها لا تحصر التحالف بالثنائية، ومن هنا نؤكّد أنّ مروحة التحالفات في المتن واسعة جداً».

وعن دوافع خطوة جعجع في البترون ترشيحَ الدكتور فادي سعد، قال بوصعب: «طبعاً لدى جعجع أولوية لمصلحة «القوات» الانتخابية، ونحن أيضاً لدينا أولوية لمصلحة «التيار الوطني الحر» الانتخابية، وأؤكّد مجدداً ما قاله رئيس «التيار» من أنّنا نعمل لقانون انتخابات على قياس الوطن، ومصلحة «التيار» تأتي من هذا الاقتناع، وهي أيضاً على قياس الوطن».

«14 آذار»

وفي هذه الأجواء، تطلّ ذكرى 14 آذار هذا العام وسط تفكّكِ البنية التنظيمية لهذا الفريق بعد التطوّرات السياسية الأخيرة، وأبرزُها دعم «القوات» وتيار«المستقبل» ترشيحَ العماد ميشال عون للرئاسة، في حين يصرّ عدد من الناشطين والأحزاب التي كانت تنضوي تحت جناح هذا الفريق على الاحتفال بالذكرى، وكلٌّ على طريقته.

وفي المناسبة، يَعقد في البيت المركزي لحزب الوطنيين الأحرار في السوديكو لقاءً موسّعاً ظهر غدٍ الثلثاء، يضمّ عشرات من قادة الرأي والمثقّفين والناشطين المستقلّين وحتى الحزبيين بصفتهم الشخصية، وعلى جدول أعماله بيان سياسيّ وشؤون تنظيمية إدارية وإعلامية.

وعلمت «الجمهورية» أنّ حزب الكتائب وجّه دعوةً إلى عشرات السياسيين والناشطين في قوى ١٤ آذار لمشاركته إحياءَ المناسبة في استقبال يَشهده البيت المركزي للحزب ويتخلّله معرض للصور والأفلام من يوم ١٤ آذار. وسيتمّ بثّ وقائع من يوم ١٤ آذار على شاشة عملاقة على الجدار الخارجي للبيت المركزي من جهة ساحة الشهداء. وستكون لرئيس الكتائب النائب سامي الجميّل كلمة.

سعَيد

وفي المناسبة، قال منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد لـ»الجمهورية: «يحقّ لكلّ من ساهم في إنجاح انتفاضة الاستقلال من أحزاب وشخصيات وأفراد، أن يحتفلوا على طريقتهم بذكرى 14 آذار، إنّما تبقى ذكرى، وتبقى 14 آذار 14 آذار.

فلا أحد قادر على اختزالها أو تعليبها بفريق أو بحزب أو بشخص أو بأمانة، فهي ملك مليون ونصف مليون لبناني، وهي حركة تقيّة نقيّة طاهرة تتجاوز الترسيمات الحزبية والمصالح الضيّقة حتى تبقى في ضمير اللبنانيين حيّةً وباقية إلى الأبد، لأنّها ترتكز على مبدأ واحد، بأنّ وحدة اللبنانيين مسيحيين ومسلمين، تصنع المعجزات والإنجازات الوطنية.

فأن يكرّم حزب الكتائب 14 آذار فهذا أمر طبيعي، وأن يكرّم حزب الوطنيين الأحرار 14 آذار أمر طبيعي أيضاً، وإذا كرّمت «القوات» أو تيار «المستقبل» أو اليسار أو أيّ فريق 14 آذار فهذا طبيعي، إنّما 14 آذار هي فوق الجميع ولا أحد قادر على اختزالها. 14 آذار هي فكرة وعلى كلّ فريق أن يحتفل بها وفقاً لمعطياته.

حزب الكتائب له تضحيات وازنة في 14 آذار، وحزب الأحرار ساهم في انتصار انتفاضة الاستقلال، وهناك أحزاب كبرى أيضاً لها مكانتُها في 14 آذار وتيار «المستقبل» و«القوات» واليسار والمستقلون، إنّما ما أريد التشديدَ عليه هو أن لا أحد قادر على اختزال 14 آذار أو قادر على القول إنّه يتكلم باسمِها. 14 آذار هي فكرة أكبر من الجميع وستبقى تقيّة نقيّة طاهرة مُلك مليون ونصف مليون لبناني».

وأين سيكون الدكتور سعَيد في 14 آذار؟ أجاب: «سأكون مع جماهير 14 آذار الذين سيستذكرون هذا اليوم المجيد الذي أطلق حرّية لبنان واستقلاله، وعلينا أن نحافظ على هذه الفكرة، وأن نسعى دائماً إلى إعادة توحيد اللبنانيين مسلمين ومسيحيين ونَقلِهم من حيث هم موجودون اليوم، أي داخل مربّعاتهم الطائفية، إلى مساحة وطنية مشتركة».

وهل موقفُك نهائي وإرضاءً للرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع؟ أجاب سعيد: «موقفي هو عن اقتناع مطلق وكامل، وأنا لن أرضيَ أحداً إلّا ضمير 14 آذار».

ناشطو «14 آذار»

من جهته، أوضَح مصدر في الهيئة التحضيرية لاجتماع ناشطي ١٤ آذار لـ»الجمهورية»: «أن ليس حزب الوطنيين الأحرار مَن دعا إلى لقاء الثلثاء، بل هو يستضيفه بعدما تمنّى المتداعون إلى اللقاء على الحزب استضافتَه، في اعتبار أنّ البيت المركزي للأحرار شكّلَ رمزيةً لانتفاضة الأرز وثورةِ الاستقلال خلال مراحلها التحضيرية بين ١٩٩٦و٢٠٠٥، ومَن سيشارك من حزب الأحرار وبقية الأحزاب والتجمّعات والحركات سيشارك بصفته الشخصية كمقتنع بثوابت ١٤ آذار».

وحرصَ المصدر على التأكيد أنّ اللقاء الموسّع وما سينبثق عنه من إطار تنظيميّ «ليس موجّهاً ضد أحد من مكوّنات ١٤ آذار التاريخية، إنّما هو لقاء يضمّ مناضلين لا يزالون مقتنعين بأولوية القرار ١٥٥٩ والقرار ١٧٠١ وضبط الحدود وحصرية السلاح بيدِ الدولة وحلّ كلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ومواجهة وصاية سلاح «حزب الله» على مؤسسات الدولة ورفض استبدال الدستور بموازين القوى وحقّ شهدائنا الأحياء والأموات بمعرفة من قتَلهم ومحاسبتِه».

قائد الجيش في بكركي

وبرزت أمس مشاركة قائد الجيش العماد جوزيف عون في قداس الأحد في بكركي، برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي رحّب «بدفعة التعيينات العسكرية والأمنية الناجحة»، لافتاً إلى أنّ «الجميع يأمل في استكمال الباقي من التعيينات، بحيث تصبح الدولة اللبنانية عندنا دولة المؤسسات، فتضع حداً للفساد وتفرض هيبة القانون، وتضبط الفلتان في الدوائر والمؤسسات، وتحاسب المحميّين وحماتهم بتطبيق نظام الثواب والعقاب».