مشروعان بارزان يتصدران الاهتمام اللبناني هذا الاسبوع، أولهما مشروع جديد لقانون الانتخاب يعرضه رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل بعد ظهر اليوم أمام الرأي العام بعدما طرحه على القوى السياسية الاسبوع الماضي. ويلحظ المشروع، استناداً الى معلومات لـ"النهار"، انتخاب نصف المقاعد النيابية بالنسبية على لبنان دائرة واحدة، والنصف الآخر بالأكثرية على دوائر متوسطة. ولم تكتمل بعد مواقف القوى السياسية من هذا المشروع على رغم أنها جميعها تبلغته تفصيلاً، لكن يبدو من المعطيات المتوافرة ان "تيار المستقبل" وحده حتى الان يبدو موافقاً أو يميل الى الموافقة على المشروع. أما الثنائي الشيعي فلا يزال يدرس المشروع ولم يبلغ موقفه منه بعد، و"القوات اللبنانية" لم تقل كلمتها فيه ولا مؤشرات مؤكدة لموافقتها عليه، بينما لا يبدو الحزب التقدمي الاشتراكي مرتاحاً الى المشروع ويرجح انه يرفضه بدليل شن محطة "أو تي في" هجوماً على موقف النائب وليد جنبلاط أمس من غير ان تسميه.
واستشفّ زوار الرئيس نبيه بري منه عدم موافقته على المشروع بدليل رفضه التعليق عليه واكتفائه بالقول "إن المشروع لا يزال قيد المتابعة ولن نعطي فيه رأينا النهائي قبل الانتهاء من مناقشته".
وتأكد ذلك في معرض رده على سؤال ماذا اذا لم تنجح هذه المحاولة، اذ قال: "كما قلت سابقاً المطلوب ان يتحمل مجلس الوزراء المسؤوليات الملقاة على عاتقه والمطلوب منه مناقشة مشروع قانون جديد واقراره، وخصوصاً انه رفع شعار حكومة انتخابات. وهذا الواجب يجب ان يتصدر أولى أولويات الحكومة".
واذا استمرت المواقف على حالها، فإن دائرة المراوحة تكون دخلت المحظور، ذلك ان المهلة الاضافية الى 21 آذار والتي أفاد منها الرئيس ميشال عون في عدم توقيعه دعوة الهيئات الناخبة تكون قد شارفت نهايتها، تاركة وراءها ازمة دستورية وسياسية في الوقت عينه.
وعلى صعيد الموازنة، والأبرز منها سلسلة الرتب والرواتب، يتوقع أن يقرّها مجلس الوزراء مبدئياً في جلسة تعقد مساء اليوم، ويصر الرئيس سعد الحريري على انجازها مهما طالت الجلسة، على ان يصادق عليها مجلس النواب الاربعاء في الجلسة العامة التي دعا اليها الرئيس بري. وتبقى سلسلة الرتب والرواتب الى حين اقرارها الاربعاء مساحة تجاذب واسعة بين المطالبين بها يدعمهم عدد كبير من النواب الذين يرون فيها حقاً متأخراً لسنوات، والهيئات الاقتصادية مدعومة بفريق سياسي لا يجرؤ على التصريح علناً، والتي تتخوف من ركود اقتصادي اضافي تسببه الضرائب الجديدة والزيادات في الرواتب والاجور.
وفي هذا الاطار، تعكف النقابات على دراسة سلة الضرائب المعتمدة والتي وعدت بانها لن تشمل العمال والطبقات الاقل قدرة مالياً، وسجلت ملاحظات منها:
- تضمن مشروع القانون زيادات في رسم الطابع المالي، منها على فواتير خدمات الهاتف الخليوي والهاتف الأرضي والانترنت. وطرحت أسئلة عن نوع الخدمة التي توفرها الدولة في هذا القطاع وجودتها مقارنة بسعرها الأغلى من دول عدة.
- أقرت اللجان زيادة على فوائد حسابات الادخار من ٥ الى ٧ في المئة، والسؤال انه من المفترض عدم خضوعها لأية ضريبة،لانها تتكون من مداخيل خضعت سابقاً لضرائب نوعية أخرى.
- اضافة الى ضرائب أخرى على انتقال الإرث العقاري وغيره وهي كلها تطاول الفقراء قبل غيرهم.
في المقابل، تتخوف مصادر رقابية من الزيادات الضريبية غير المدروسة، والخطوات الاصلاحية التي تشبه الدعسة الناقصة، والتي ستنتج سلسلة تزيد المداخيل الرقمية للموظفين، كما تحدث زيادة مصطنعة في واردات الدولة، وتضعف القدرة الشرائية لكل المواطنين موظفين وغير موظفين، وتزيد ركود الاقتصاد وتقود الى سلسلة جديدة في وقت غير بعيد، وسط دوامة لن تتوقف إلّا بضبط الانفاق وتحسين الجباية والقضاء على الهدر والفساد. ولن يتحقق كل ذلك من دون مؤسسات رقابية تضم أكفياء ونظفاء، يدينون بالولاء للوطن دون سواه، تراقب، تحاسب بالنظر الى المخالفات، وليس الى مرجعية مرتكبيها، تفرج عن كل الملفات النائمة في أدراجها، وتخضع في عملها لمعايير الجودة وتقويم الاداء، قبل سواها من ادارات الدولة.
وسألت عن العبرة في وقف التوظيف لمدة سنتين في كل الادارات مع معرفة من يتخذه بالشواغر الحادة في ملاكات المؤسسات الرقابية؟ لماذا لم تستثن هذه المؤسسات من ذلك؟ الا اذا كان المقصود ترهيلها وإضعاف دورها لشلها بدل الغائها؟ ولماذا لا تطلق يد مؤسسات الرقابة لتوزيع الفائض في ادارات على ادارات أخرى، وصرف من لا يعمل.
وكان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي استقبل القائد الجديد للجيش العماد جوزف عون أمل في "وضع موازنة تستخرج وارداتها من مال الخزينة المهدور والمسلوب، لا من فرض ضرائب ورسوم إضافية على الشعب المرهق اقتصادياً ومعيشياً، وإقرار سلسلة رتب ورواتب عادلة ومنصفة للمعلمين والمدرسة والأهل. وتبقى المعضلة الأساس الأزمة الاقتصادية والجمود، الأمر الذي يستدعي نهضة اقتصادية، من دونها تظل المعضلات الأخرى عالقة".