بات في حكم المؤكد أن إيران في وضع لا تحسد عليه. وبدا واضحا الارباك الذي تعانيه القيادة الإيرانية في المنطقة وبالخصوص على الساحة السورية والتعثر الإيراني برز بشكل جلي مع وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتصويب الإدارة الأميركية الجديدة سهامها باتجاه السياسات الإيرانية في المنطقة العربية واستهدافها للمشروع الإيراني التوسعي خارج حدودها سيما وأن إيران وخلال السنوات الماضية لم تستطع اكتساب ثقة المجتمع الدولي بادعاءاتها بمحاربة الإرهاب ولم تستطع حجب أنظار العالم عن اطماعها في الدول العربية المجاورة وخصوصا في كل من العراق واليمن والبحرين ولبنان وسوريا حيث استطاعت أن تجد موطىء قدم لها في كل دولة من هذه الدول من خلال إنشاء تنظيمات وميليشيات مسلحة لأثارة القلاقل وتعكير صفو الأمن والاستقرار بما يخدم مصالحها الإستراتيجية في المنطقة.
وكانت واشنطن واضحة في الإبلاغ عن خططها ضد إيران والميليشيات التابعة لها والتي عبرت عنها السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة /نيكي هالي/ والتي افصحت عن عزم الولايات المتحدة الأميركية على استهداف النفوذ الإيراني خارج الحدود الإيرانية. إضافة إلى الضغوط التي ستمارس على النظام نفسه. وهذا ينسحب على الواقع السوري إذ أن شرط أي تسوية في سوريا هو انسحاب كافة الميليشيات المرتبطة مباشرة بفيلق القدس والحرس الثوري الإيراني
وأكدت هالي أن بلادها تدعم محادثات السلام السورية قائلة أن سوريا يمكن ألا تظل ملاذا آمنا للإرهابيين. وأن من المهم إخراج إيران والميليشيات التابعة لها من كافة الأراضي السورية.
ومن الطبيعي فإنه وعلى الرغم من الانخراط الإيراني الكلي في الأزمة السورية وما استدعى ذلك من توريط ميليشياتها وخصوصا حزب الله في وحول هذه الأزمة وما ترتب عليه من خسائر فادحة بشريا وماليا وعسكريا وسياسيا فإن تصريحات المندوبة الأميركية هالي تكشف أن واشنطن لا ترى مستقبلا للنفوذ الإيراني في سوريا.
وتصريحات هالي - وكما ترى مصادر دبلوماسية في نيويورك - أن واشنطن تريد إبلاغ المجتمع الدولي عن نهجها في هذا الشأن سعيا إلى تعميم هذه الأجواء على العواصم الغربية الحليفة لها. وبالتالي فإنها تحاول إرسال إشارات إلى روسيا حول السياسة التي ستعتمدها في مقاربتها للشأن السوري.
اقرأ أيضا: لبنان ممر إيران إلى القدس
وفي هذا السياق جاء اللقاء الذي عقد في مدينة انطاليا في تركيا الأسبوع الماضي بين رؤوساء أركان الجيوش الأميركية والروسية والتركية لتنسيق الجهود العسكرية فيما يتعلق بالشأن السوري. وهو إشارة واضحة إلى استبعاد إيران عن أي مشاركة او تنسيق معها في ما يتعلق بمستقبل الميدان السوري.
وتزامن الموقف الأميركي مع تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي زار موسكو منذ أيام وبحث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مسألة الوجود الإيراني في سوريا. ومما قاله نتنياهو /لا نريد أن يحل الإرهاب المتطرف بقيادة إيران محل إرهاب داعش والقاعدة/. معتبرا أن /الإرهاب الذي تقوده إيران اليوم يمثل خطرا ليس على إسرائيل فحسب بل على العالم برمته/.
وأفادت المعلومات الواردة من موسكو أن محادثات نتنياهو - بوتين تضمنت نقاطا تتعلق بفرض رقابة على نشاط التنظيمات التابعة لإيران في سوريا. وما يوفر لأسرائيل إمكانية الحصول على معلومات كاملة عن كل تحركات هذه التنظيمات في المناطق القريبة من حدودها الشمالية.
وجدير بالإشارة إلى أن هناك اتفاق روسي - إسرائيلي سابق يتضمن عدم الاعتراض على النشاط الجوي الإسرائيلي فوق الأراضي السورية لضمان أمن إسرائيل.
وما يزيد الارباك الإيراني في سوريا هو أيضا عدم التزام الرئيس السوري باتفاقات كان قد وقعها سابقا مع طهران. ما يعني أن إيران سوف لن تحصد سوى الخيبة من انزلاقها في المستنقع السوري