تحت عنوان "نادين الراسي تلميذة نجيبة في مدرسة الذكورية" كتبت صحيفة "الأخبار": "في 8 آذار "يوم المرأة العالمي"، ظهرت الممثلة نادين الراسي مجدداً على شاشة mbc4، ضمن برنامج ET بالعربي. هذه المرة، نصّبت نفسها مطاوعة وحاكماً "أخلاقياً"، إذ راحت تتباهى بأنّها هي التي أوقفت كليب ميريام كلينك الأخير (فوتت الغول).
ضمن حملة "حان وقت الحساب"، التي أطلقتها الراسي على منصاتها الافتراضية، دقت ناقوس الخطر، على ما ظهر في الكليب الشهير. وحسب تصريحاتها للبرنامج، اتصلت فوراً بوزير الإعلام ملحم رياشي، لتطلب منه التحرك السريع لوقف عرض الأغنية. وبعد تحرك أجهزة الدولة برمّتها غيرةً على الأخلاق وحفاظاً على "حياء" الناس، أوقفت الأغنية المصورة، وصدر قرار قضائي بالتحذير من تداولها على الشبكة العنكبوتية تحت طائلة تغريم المخالف 50 مليون ليرة (الأخبار 6/3/2017). وقتها، مدحت الراسي رياشي على حساباتها الشخصية، واصفة إياه بـ "رجل من رجالات بلادي"، ومضيفةً: "حان وقت الحساب لكل من يشوّه الفن"، مُنهيةً هذه الملحمة، بالقول: "فكّرنا التجاهل بيوقف هالوسخ، طلعنا غلطانين ومنعتذر".
في المقابلة التلفزيونية المذكورة، لوّحت الممثلة اللبنانية بأنَّ كثراً غير كلينك، سيحاسبون وستوقف كليباتهم. بدت الراسي منفعلة، محذّرة من حالة الهبوط الفني الذي صنعته العارضة الشقراء أخيراً مع جاد خليفة (نصحته بالتفتيش عن سبب عدم شهرته، لا باستخدام الإباحية لبلوغها). هذه المرة، لم تضع الراسي ربطة العنق التي كانت ترتديها لـ «تنبذ المجتمع الذكوري» كما كانت تقول في إطلالاتها المتلفزة، التي تخللتها أيضاً مواقف لـ «نصرة المرأة، ومطالبة بحقوقها المهدورة»، من جرائم «الشرف»، إلى الحضانة، إلى تشريع الاغتصاب... لم تحتج هذه المرة إلى «الكرافات» لتظهر متحدثة باسم الذكورية. كرّست مرة أخرى، هذه المنظومة، وتكلمت باسمها، مبرهنة أنّها خادمة أمينة لها عن وعي أو غير وعي. كلنا يذكر تصريحها في كانون الثاني (يناير) الماضي للشاشة عينها، حين قالت إنّها وضعت خاتم الخطوبة «احتراماً منها لشريكها الجديد»، معلقةً على هذه الخطوة بالقول: «أشرفلي وأنضفلي يكون الشخص بحياتي يقدّرني، من أنه كون حدا مطلقة»!
هكذا، استحقرت الراسي المطلقات، وأعادت تكريس النظرة الذكورية الدونية بحق المرأة المطلقة، والأحكام «الأخلاقية» التي تلصق بها. بعد تبشيرها بالأخلاق والعفة، والتلويح بمحاسبة من «يشوّه الفن»، وبعد استحقارها للمرأة المطلقة، ماذا يبقى عند نادين الراسي لتقوله وتدّعيه؟ مَن نصبها خليفةً وحارسة للفن الأصيل؟ وهل بشريط كلينك الساذج والسطحي، نكون أمام إعلان انهيار الفن؟ لماذا لم تتحرك سابقاً الراسي وغيرها، على مضامين وصور وإيحاءات وحتى كلام تكرّس الذكورية وتستحقر المرأة، وحتى تشوه الذائقة العامة؟ لم تتحمل الراسي كليب كلينك (الوضع ما بيحمل)، بعدما أزعج أهل السلطة ظاهرياً. الراسي لا تختلف كثيراً عن باقي الممثلات في تخصيص صفحاتها الشخصية على النت، للترويج لجمالها وعمليات التجميل التي تجريها، ولباقي تفاصيل حياتها، التي تطغى على كلامها مثلاً عن مشاركاتها التمثيلية، وأدوارها في مختلف الأعمال التي تشارك فيها. لا يمكن نادين الراسي أن تنفعل وتحذّر، وتوهمنا بأنها صاحبة سلطة «أخلاقية» وفنية، وشرطة وشاية لحكام السلطة اللبنانية، فيما كلينك تتسلى على طريقتها بالشعب المفصوم أخلاقياً، والدولة المأزومة... ربما، بل الأكيد أنّ ميريام كلينك، أكثر نسوية من الراسي والأخريات. تستخدم جسدها ومنحنياته، لتكشف عورة المجتمع الذكوري اللاهث خلف الجسد الأنثوي، والمسلّع له، وفي الوقت عينه، يرتدي قناع المنظّر الأخلاقي عندما تستدعي الحاجة اجتماعياً!