يمرّ "حزب الله" بأزمة مالية قد تكون الاولى من نوعها في تاريخه بسبب تضافر معطيات جعلت من هذه الازمة إستثنائية لا يمكن تقدير نتائجها.ووفق المعطيات المتوافرة يتبيّن أن أبرز مسببات هذه الازمة هو إنقطاع الموارد المالية التي يحصل عليها الحزب تحت عنوان "الاموال الشرعية" والتي تعود الى جمهور واسع في العالم الشيعي الذي يقدم جزءا من ماله لاسباب عقائدية سبق وأن صدرت فتاوى بشأنها. وكأن بالمتبرعين يؤدون فريضة الزكاة مع غطاء كامل من المؤسسة الدينية الايرانية بأمر من المرشد الامام علي خامنئي. أما منشأ إنقطاع هذا المورد فيعود الى تصنيف هذه الهبات بـ"أموال تذهب الى دعم الارهاب" وهو تعبير يطال الحزب، كما يطال الكثير من التنظيمات التي جرى تصنيفها "منظمات إرهابية". وبفعل الرقابة المشددة على المستوى العالمي على حركة الاموال يجد المتبرعون أنفسهم تحت طائلة العقوبات الدولية التي تنطوي على تبعات ليس بمقدورهم تحمّلها.
من الشواهد القريبة على أزمة "حزب الله" المالية، المعلومات التي تقول ان دوائر الحزب المعنية لجأت الى وسطاء كي يتولوا بيع عقارات يمتلكها في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي الجنوب من أجل توفير سيولة نقدية تلبي الحاجة على مستوى إدارة مؤسسات الحزب. ونظرا للشح في السيولة إضطر الحزب الى تسريح عاملين في مؤسساته ومنها قناة "المنار" التلفزيونية. وقد سبقت هذه المعطيات معلومات إنتشرت في حينه تشير الى خفض الحزب المخصصات التي يتقاضاها المقاتلون المشاركون في الحرب السورية، كما تشير الى خفض المخصصات التي تتلقاها شهريا تنظيمات وشخصيات موالية للحزب مما أثار إرتباكا في صفوف هذه الجهات.
تقول مصادر مصرفية ان هذه الازمة مرشحة الى التصاعد بفعل تطور مرتقب الشهر المقبل مرتبط بعقوبات جديدة سيقرّها الكونغرس الاميركي وهي أقسى مما سبق من تدابير وأدت الى أزمة في لبنان قبل شهور عدة بفعل الاجراءات التي اضطرت المصارف اللبنانية لإتخاذها كي لا تتعرض هي نفسها لعقوبات تنال من أعمالها في الاسواق الاقليمية والدولية. وهنا يطرح سؤال حول كيفية تعامل لبنان مع العقوبات الاميركية الجديدة وهل ستمرّ المؤسسات اللبنانية بمرحلة من الضغوط شهدنا آثارها السلبية في ذلك الحين بفعل المواقف التي اتخذها الحزب وأعلنها شخصيا الامين العام السيد حسن نصرالله؟
رب قائل ان الادارة اللبنانية المالية الرسمية قادرة على إيجاد مخرج شبيه بما حصل سابقا. الامور مرهونة بأوقاتها، لكن مع الاخذ بالإعتبار واقع وجود إدارة أميركية متشددة لاسيما في ملفات المنطقة. وهذا ما يجعل البعض "يترحّم" على زمن الادارة الاميركية السابقة. ولنا فيما حصل أخيرا عبرة عندما تحركّت الديبلوماسية الاميركية سريعا لإنذار لبنان من مغبة عواقب المواقف التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون دعما لسلاح "حزب الله".
الحزب في عين عاصفة مالية والخوف من أن يكون لبنان في مهبها أيضا!