بعيد اغتيال الرئيس رفيق الحريري بدا الزعيم وليد جنبلاط وريث الحريرية السياسية بما حملت من علاقات إقليمية ودولية زادته قوّة ووفرت له قيادة فريق 14 آذار الذي تكون من ملل ونحلل متعددة تمكنت في جرأتها من فرض واقعها على لبنان فدفعته باتجاه اللبننة في السياسة المصادرة من قبل النظام السوري.
خاض جنبلاط مالم يستطع خوضه في مرحلة قتل والده كمال جنبلاط وذهب بعيداً في تحدي النظام السوري ورفض قوّة السلاح باسم المقاومة وأيقن أن يوم الحساب آت ولم يعد هناك ما يفرض عليه الصمت فحدث بصوت عال وأعلن من هو القاتل ومن هو القتيل من زعيم الجبل الى زعيم بيروت ومع ولادة الربيع العربي وقيام الثورة في سورية زاد جنبلاط من وتيرة الخلاف مع النظام وحلفائه وكان يعتمد على صديقه فيلتمن في استشراف المرحلة القادمة على منطقة آيلة الى التغيير في بناها السلطوية.
كان الجميع ينتظر ما يلتقطه آنتيل أو رادار جنبلاط لمعرفة نتائج ما يجري في لبنان والمنطقة وخاصة في سورية وكان هناك نوعاً من التسليم لريادته في جبهة 14 آذار رغم وجود جهابذة من المسيحيين الضالعين في السياسة منذ النشأة وفي الثقافة والمعرفة ولم يعكس شخصاً من الأشخاص المسؤولين في فريق الأكثرية النيابية موقفاً مخالفاً لمواقف جنبلاط الى أن أدخلهم في نفق اتصالات المقاومة وفرض عليهم الهروب الى الملاجىء في 7 أيار بعد أن طوق الحزب ومن معه من حلفاء سورية بيوت قيادات 14 آذار في بيروت فتم سجن جنبلاط في كليمنصو والحريري في بيت الوسط وكاد أن يُدك الجبل لولا ظروف أنهت حالات الحصار وأجواء الحرب ودفعت بوليد جنبلاط الى أن يغير موجة آنتليه وراداره ليلتقط موجة المقاومة من جديد بعد أن خذلته موجات فيلتمن الكاذبة ولم يسقط النظام السوري ولن يتم تقيد المقاومة وبات محور إيران هو الفاعل في سياسات لبنان والمنطقة.
إقرأ أيضًا: من يقرع طناجر الحروب ؟
حاول التقرب من بشار الأسد جاثياً لكان الثورة أعادت له الأمل في التخلص من نظام الإستبداد وقرر أن يهادن المقاومة ويلبي مصالحها في الداخل وأن يعلن حرباً في المواقف على رفاقه في 14 آذار وخاصة على القوات والكتائب وأن يُحايد في الاستحقاقات الدستورية لصالح التوافق بين الأقطاب ومن ضمن حساباته الخاصة.
هكذا خسر جنبلاط فريق 14آذار والعلاقات القوية مع الولايات المتحدة الأمريكية ومرّ بعلاقات فاترة مع المملكة العربية السعودية سرعان ما حافظ عليها كونها الخيار الأنسب بالنسبة له بعد أن فقد الجميع في لحظة " تخلي " ولم يربح فريق 8 آذار بعد أن فقد هذا الفريق ثقته الكاملة بتقلبات جنبلاط السريعة في سياسة المحاور.
في حكومة ميقاتي وازن جنبلاط وربح في الشكل رضا حزب الله وخسر في المضمون تيار المستقبل وشخص الرئيس سعد الحريري وبعد فشل شل إرادة تيار المستقبل في السياسة عاد الجميع لاختبار تحالفات جديدة من بوابة الاستحقاق الرئاسي وماشى الحريري جنبلاط في إختيار فرنجية إمتثالاً لأنتيل وليد ولكن تبين أن الرادار دون ذبذبات خارجية فاندفع الحريري باتجاه عون ليلاقي القوات وحزب الله في تفاهم أخرج جنبلاط من الحلبة وجعله بعيداً عن الدور الطليعي الذي لعبه جنبلاط منذ وراثته للقائد كمال جنبلاط.
إقرأ أيضًا: إسرائيل تبول على نفسها
وصل جنبلاط الى مرحلة الصفر فهو غير قادر على فرض قانون إنتخابي يعطيه ما هو له تاريخياً بفعل دوره الريادي في المصير السياسي وهو يرتجي حلاً لمشكلته بعد أن كان يُرتجى لأيجاد حلول للآخرين وبات أسير نزاعات طائفته المختلفة على الوراثة وعلى الدور بعد أن وهن وأصبح مشلولاً ينتظر من يعطيه ما يسدُ به أزمته السياسية والطائفية.
حتى اللحظة يبدو أن أنتيل جنبلاط معطلاً ولم يعد يعمل أو يلتقط موجات الولايات المتحدة ولا المملكة ولا إيران وروسيا بوارد التعاطي مع رادار جنبلاط لأن المرحلة مرحلة إنتماء صرف لمشروع غير قابل لتقلبات جنبلاط وهو يعول على العاملين فيه من موقع الدفاع عنه حتى الموت.