{ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }
{ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ }
{ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ }
وقد روي عن النبي ص أنه قال { جئتكم بالشريعة السمحاء }
وقد روي عن الإمام علي ع أنه قال { الحمد لله الذي شرع الإسلام فسهل شرائعه }
على ضؤ هذه النصوص هل نستطيع القول بأن الشريعة نفسها قد منحت المسلم نوعا من أنواع التفويض أو النيابة أو التوكيل لكي يتجاوز ظاهر بعض النصوص الدينية وحرفيتها من دون الخروج عن مقاصدها وغاياتها؟ وذلك لتحرير الإنسان المسلم من مخاطر الحرج وشدائد العسر الذي يسببه واقع الإنسانية في الحياة المتطور إلى حد بات الجمود على ظاهر النص يهدد حقوق الإنسان ومصالحه الحيوية إن لم يتجاوز ظاهر النص وحرفيته؟ وإن تجاوز ظاهر النص لن يجري ذلك إلا بالتناغم والتكامل مع روح العدل وقلبه الذي هو قدس الأقداس بنظر المرسل والرسل والرسالات وعلى سبيل المثال لا الحصر هل بمقدور المسلمين اليوم أن يعيشوا أو يتعايشوا بعضهم مع بعض أو بينهم وبين الشعوب الأخرى في ظل مفاهيم عقائدية وفتاوى فقهية تتناسل من بنية فقهية وعقائدية تصنف البشر إلى مؤمن وملحد إلى مسلم وكافر وإلى مؤمن وفاسق وإلى كافر كتابي وكافر غير كتابي وإلى مسلم شيعي ومسلم سني وإلى شيعي هاشمي وشيعي غير هاشمي وتقسم العالم إلى فسطاطين أو دارين إلى دار الإسلام ودار الكفر ؟ مع ما يترتب على هذا التصنيف وهذا التقسيم من حقوق مالية ومعنوية عظيمة ? في ظل ذلك هل يمكن أن تستقيم الحياة الإنسانية وتعتدل ؟ أو هل يمكن للمسلم ان يبني بهذه البنية العقائدية والفقهية دولة العدل التي من أبرز علاماتها ومبادئها المساواة في الحقوق والواجبات في ظل قوانينها ؟!
أو يمكن القول بأن الشريعة نفسها قد منحت المسلم نوعا من أنواع التفويض أو التوكيل لكي يتجاوز بعض ظواهر النصوص الدينية كلما تطور واقع المجتمعات الإنسانية لصالح العدل أو العدالة صونا لحقوق الإنسان ومصالحه مهما كان دينه ومذهبه وفلسفته وجنسه؟
لأن ظواهر النصوص الدينية جاءت محمولة بمفاهيم وفتاوى بصورة حادة وقاسية منذ 14 قرنا ردا على مجتمعات غير مسلمة كانت محمولة بثقافة وعقلية وسياسة حادة ووحشية إزاء عقيدة المسلمين وحقوقهم ومصالحهم وعلى سبيل المثال لا الحصر إذا تجاوز المسلم أحكام الرق والإستعباد في الحرب والسلم المحمولة بظواهر النصوص الدينية تجاوبا مع مواثيق حقوق الإنسان التي دعت إليها الأمم المتحدة الدولية فهل هذا التجاوز للنصوص الدينية بهذا الجانب يجعلنا تحت غضب الله والرسول والعقل والعدل؟
هل يمكن القول كما قال السيد الشهيد محمد باقر الصدر رض بأن الواقع المتطور بصورة دائمة هو جزء من مدلول النص الديني فكلما تطور الواقع يجب أن يتطور تفسير النص الديني ونتجاوز ظاهر النص ضمن الحفاظ على مقصده وإن العدل دائما هو أبرز مقصد للنص الديني.
وهل يمكن القول بأن حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة لا تتعارض هذه القاعدة مع الإعتقاد بأن بعض ما جاء به محمد ص وبعض ما أنزله الله تعالى مرتبط ارتباطا واضحا كما قال الشهيد الصدر رض بأسباب اجتماعية وسياسية واقتصادية وأمنية متحركة متطورة متغيرة وبناء على ذلك يجب ان تتغير بعض المفاهيم وبعض الفتاوى وذلك لصالح مفهوم العدالة والعدل وحقوق الإنسان؟
وعلى سبيل المثال كأن يقوم اليوم المسلمون بسن قانون يمنعون فيه الرجل من تعدد الزوجات أو قانون يفرضون فيه تحديد النسل إلى أجل معين محدد؟
أو قانون يمنعون فيه الصيد البري والبحري إلى أجل معين محدد ؟ بعبارة أخرى هل يمكن القول بأن الشريعة بمعزل عن العبادات هي ليست جامدة ثابتة ليست قضاء لا يرد ولا يبدل وإنما هي نص إلهي صامت والعقل نص الهي ناطق وكلاهما يهدفان إلى تعزيز حقوق الإنسان وصيانة مصالحه ويتكاملان في إطار تأسيس العدالة الإجتماعية وحماية البيئة وإعمار الأرض بكل أنواع التنمية وألوان الإزدهار والرفاهية.