ليس عابراً قيام جهاز الأمن العام بتوقيف عدد من الأشخاص وإغلاق عدد من المؤسسات المالية في بيروت، لتورّطها بتمويل تنظيم "داعش" الإرهابي. ولما كانت هذه العملية "أمنية" أولاً، لا بدّ من التأكيد أنّ إغلاق هذه الشركات المتورّطة، لا يمسّ نهائياً بالإقتصاد اللبناني لأنّه وفق مصادر أمنية شديدة الإطلاع، فإنّ غالبية المؤسسات المتورّطة غير شرعية، أي أنّها ليس لها أيّ ارتباط مع مصرف لبنان، ولم تضع الإعتمادات المتوجبة عليها لدى المصرف المركزي.
القصة الكاملة لكشف الأمن العام عمليات "تمويل داعش" المفترضة روتها المصادر لـ"لبنان 24"، إذ لفتت إلى أنّ الأمر بدأ "بالصدفة". ففي حين كان الأمن العام يراقب هاتف أحد المنتمين لتنظيم "داعش" الذي يدعى أحمد، تمّ اعتراض اتصال وصله من دولة خارجية يقول خلاله المتصل إنّه سيحوّل مبلغ 200 ألف دولار إليه.. فبدأت المتابعة.
ضاعف الأمن العام مراقبته لأحمد، ليكتشف سريعاً هوية الشركة التي حوّلت الأموال له عبرها.. لكن اللافت أنّ كشف أولى هذه الشركات أدّى إلى تهاوي سريع لعدد آخر منها، ليصل عدد الموقوفين والمتورطين إلى 12 شخصاً أغلبهم من السوريين.
لم يكن من الأمن العام، أمام هذه المعلومات الخطيرة إلّا دهم الشركات المتورّطة بعد إذن من القضاء المختص، الأمر الذي أدّى إلى إنكشاف العملية للرأي العام والاعلام..
قبل العودة إلى المعلومات الأمنية، يبدو أنّه وبعكس ما تروج بعض وسائل الإعلام، فإنّ ما كشفه الأمن العام لا يضر بالإقتصاد اللبناني بأيّ شكل من الأشكال، خاصة أنّه كشف مجموعة شركات مالية - صيرفية غير شرعية يديرها عدد من السوريين، وتالياً إيقاف حركة أموال مهربة - غير خاضعة للمؤسسات المالية والمصرفية اللبنانية - والتي بلغت 19 مليون دولار.
تتابع المصادر سردها، مشيرةً إلى أنّ المراقبة الدقيقة للمتورّطين الذين تدحرج عددهم سريعاً أدت إلى الكشف عن مواطن سوري يصل إلى بيروت ليسحب مبالغ مالية من إحدى الشركات المالية وينقلها بسيارته إلى عرسال وهذا ما تكرر بشكل يومي.
وتضيف: "كذلك كان لافتاً أنّ عملية تحويل الأموال التي اصبح من المؤكّد أنّها صرفت ووصلت لصالح تنظيم "داعش"، حصلت بين بيروت ودمشق وغيرها من المدن السورية التي يسيطر عليها النظام، إضافة إلى المناطق الأخرى".
قد لا تكون الحركة المالية المكتشفة تهدف فقط لتمويل "داعش"، بل قد ترتبط بغايات مالية بحتة لها علاقة بتبييض الأموال، إضافة إلى بعض العمليات التي يُسعى لتمريرها خارج الأطر الشرعية، ما كان سيؤثر سلباً على النظام المصرفي والمالي اللبناني الذي يملك سمعة جيدة جداً بين الدول... من هنا لا تستبعد المصادر إستمرار تهاوي المتورطين، اشخاصاً عاديين كانوا ام معنويين، مشددةً على استمرارها في تحصين الوضع اللبناني أمنيا واقتصادياً ومالياً.