غداة صدور التعيينات العسكرية والأمنية والقضائية واجراء عمليتي التسليم والتسلم في قيادتي الجيش وقوى الأمن الداخلي، جاء صدور التقرير الدوري الاول للأمم المتحدة عن تنفيذ القرار 1701 خلال ولاية الامين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وعهد الرئيس العماد ميشال عون في آن واحد ليضفي بعداً استثنائياً على مضامين هذا التقرير وإن يكن الكثير منها لم يختلف عن سياقاتها السابقة. ذلك ان التقرير الذي كانت الأوساط الداخلية ترصده بدقة في ظل الموقف المثير للجدل للرئيس عون قبل أسابيع عن سلاح المقاومة، بدا ايحائياً ومرناً لجهة تشجيع الرئيس عون على الاضطلاع بدوره في موضوع الاستراتيجية الدفاعية والتذكير بالتزامات لبنان، لكنه اتسم في المقابل بنبرة متشددة حيال "حزب الله".
وأفاد مراسل "النهار" في نيويورك علي بردى ان الأمين العام للأمم المتحدة ندّد في التقرير الدوري عن تنفيذ القرار ١٧٠١، بالتصريحات الأخيرة التي أدلى بها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ضد اسرائيل، رافضاً تبريرات "الردع" التي "تزيد خطر التوتر (و)يمكن أن تؤدي الى تجدد الحرب". وشجع رئيس الجمهورية على العودة الى الحوار الوطني توصلاً الى استراتيجية دفاعية تنزع بموجبها أسلحة "حزب الله" وغيره من الجماعات المسلحة.
وأورد التقرير الدوري الذي يتألف من ٩١ فقرة في ١٧ صفحة والذي تعده المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ تقويماً شاملاً لتنفيذ قرار مجلس الأمن ١٧٠١، وهو الأول لغوتيريس منذ تولى مهماته في الأول من كانون الثاني الماضي.
وقد رحب غوتيريس بـ"التقدم المؤسسي والسياسي" الذي أحرز خلال الأشهر الأخيرة، معتبراً أن هذا "يمثل فرصة لمواصلة تعزيز سلطة الدولة اللبنانية وتوسيعها"، مضيفاً في خلاصات تقريره أن "احتفاظ حزب الله وغيره من الجماعات بالأسلحة يقوض سلطة الدولة ويتعارض مع واجبات البلاد في ظل القرارين ١٥٥٩ و١٧٠١". وندد بـ"التهديد الذي اطلقه الأمين العام لحزب الله نصر الله ضد اسرائيل في ١٦ شباط، والذي لا يمكن تبريره بغاية الردع المعلنة"، لافتاً الى أن "التهديدات الخطابية باستخدام القوة من أي من الطرفين تزعزع الهدوء والإستقرار النسبيين السائدين بينهما". وطالب كل الأطراف بـ"الإمتناع عن تهديدات كهذه، لأنها تزيد خطر التوتر أو إساءة الحساب، مما يمكن أن يؤدي الى تجدد الحرب".
وقال إنه بناء على البيان الوزاري في ٢٨ كانون الأول ٢٠١٦ "من المهم أن يبرهن لبنان باستمرار عن التزامه الأصيل للقرار ١٧٠١ وغيره من القرارات ذات الصلة"، ومنها امتثاله لـ"نزع أسلحة كل الجماعات المسلحة".
وشجع الأمين العام غوتيريس الرئيس عون على "إعادة عقد الحوار الوطني لتوجيه اعداد استراتيجية دفاع وطني تتعامل مع الإحتفاظ بالأسلحة خارج سيطرة الدولة وعناصر أخرى ذات صلة من القرار ١٧٠١"، مشدداً على أنه "من المهم أيضاً تنفيذ المقررات السابقة للحوار الوطني، وتحديداً تلك المتعلقة بنزع سلاح الجماعات غير اللبنانية وتفكيك القواعد العسكرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة وفتح الإنتفاضة".
وتحدث التقرير عن "الإنتهاكات الخطيرة" بين الحين والآخر على طول الخط الأزرق، وأشاد بعمل الآلية الثلاثية بين القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان "اليونيفيل" والقوات المسلحة اللبنانية والجيش الإسرائيلي، مؤكداً أن "أي انتهاك متعمد للخط الأزرق، وخصوصاً من عاملين في قوات مسلحة، أمر مرفوض". وعبر عن "قلق جدي من الإنتهاكات الجوية شبه اليومية للقوة الجوية الإسرائيلية للأجواء اللبنانية". كما أبدى قلقاً من استمرار احتلال شمال الغجر ومنطقة محاذية لها، وطالب اسرائيل بوقف انتهاكاتها. وخلص الى أنه "من الحاسم لاستقرار لبنان وأمنه أن تبقى البلاد ملتزمة سياسة النأي بالنفس، بما يتفق مع التزامها بيان بعبدا". ودعا القيادات اللبنانية الى المضي في اجراء الإنتخابات النيابية في مواعيدها، مرحباً بالتزامهم، بمن فيهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء سعد الحريري، تقديم "كوتا نسائية" لتمثيل المرأة بصورة عادلة في مجلس النواب.
ومن المقرر ان يبدأ الرئيس عون زيارته الرسمية الاولى للفاتيكان في 15 آذار الجاري للقاء البابا فرنسيس في اليوم التالي، كما يلتقي عدداً من كبار المسؤولين في الفاتيكان.
السلسلة
الى ذلك، أنجزت اللجان النيابية المشتركة ليل أمس درس مشروع سلسلة الرتب والرواتب الذي ينتظر ان يدرجه الرئيس بري على جدول أعمال الجلسة التشريعية التي تقرر عقدها الاربعاء 15 آذار. لكن اقرار اللجان المشروع جاء وسط تصاعد اعتراضات كان من أبرز ترجماتها انسحاب وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة من الجلسة احتجاجاً على "عدم انصاف المعلمين"، فيما يستمر الاضراب المفتوح لاساتذة التعليم الثانوي الرسمي رفضاً لزيادة الدرجات الثلاث التي تقررت لهم. وأقرت اللجان أبرز الإصلاحات، وأهمها تلك المرتبطة بدوام العمل، بحيث بات الدوام ينتهي الساعة الخامسة بدل الساعة الثانية، على أن يكون السبت يوم عطلة. أما على صعيد الدرجات، فثبتت اللجان ما اتفقت عليه أول من أمس، بحيث أعطت الاساتذة المعينين قبل 2010 ست درجات، وبعد 2010 ثلاث درجات، بمن فيهم اساتذة التعليم الثانوي والاداريون.
وعلمت "النهار" ان أبرز الواردات التي أقرتها اللجان تتناول رفع الضريبة على القيمة المضافة من 10 في المئة الى 11 في المئة، ووضعت ضريبة على المشروبات الروحية والتبغ والتنباك، وأقرت زيادة من 2 في المئة الى 5 في المئة على المصارف والشركات المغفلة. أما ما اعتبر انجازاً ضريبياً من شأنه ان يمول السلسلة في معظم بنودها، فكان اعتماد اللجان تعديلات قانون الاملاك البحرية كما وضعتها لجنة الادارة والعدل والتي قدر مردودها بما بين 900 مليون ومليار دولار. ورفضت كتلة حزب الكتائب كل الضرائب الملحوظة، مؤكدة انها ستصوت على اعطاء السلسلة وايجاد مصادر تمويل أخرى لها.