نظم آلاف المعلمين الإيرانيين تظاهرات احتجاجية أمام مدارسهم احتجاجا على سوء الأوضاع المعيشية وتدني رواتبهم وتردي النظام التعليمي في البلاد والحكم بالسجن على نقيب المعلمين إسماعيل عبدي.
وكانت محكمة في طهران حكمت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بالسجن لمدة 6 سنوات على رئيس الهيئة الإدارية لنقابة المعلمين في إيران إسماعيل عبدي بتهمتي "تنظيم تجمعات غير قانونية" و"تهديد الأمن القومي" بسبب مشاركته في تنظيم تجمعات احتجاجية للمطالبة بحقوق المعلمين والتربويين وإقامة تجمعات مهنية للمعلمين في أيار/مايو عام 2015.
وعمت التظاهرات عددا من المحافظات الإيرانية بالإضافة إلى وقفات احتجاجية أمام المدارس في إيران.
ونظم معلمون متقاعدون وقفة احتجاجية أمام مبنى البرلمان الإيراني احتجاجا على المناخ الأمني في القطاع التعليمي وللمطالبة بالإفراج عن زملائهم المسجونين بحجة تهديدهم للأمن القومي.
ورفع المعلمون المتظاهرون لافتات كتب عليها: "المعلمون المتقاعدون يطالبون برفع الأجور والتأمين" و"أطلقوا سراح إسماعيل عبدي" و"مدرس في السجن".
وكانت مواقع إيرانية كشفت عام 2015 عن إحصائيات تشير لوجود أكثر من 15 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر.
أستاذ العلوم السياسية والمختص بالشأن الإيراني الدكتور نبيل العتوم قال إن هذه المظاهر الاحتجاجية نتيجة حتمية للسياسة الإيرانية "الخرقاء" في الإقليم والتي رفعت مؤشرات الفقر والبطالة وحالات الطلاق والعنوسة ومشكلات عديدة في المجتمع الإيراني.
وقال العتوم لـ"عربي21" إن التدخلات العسكرية التي أقدمت عليها إيران في المنطقة استنزفت قدراتها الاقتصادية بالنظر إلى الـ 23 مليار دولار التي ضختها من أجل التدخل في سوريا وتمويل جماعات مرتبطة بها في اليمن وغيرها من المناطق لتخوض حربا بالوكالة عنها.
وأوضح أن الآونة الأخيرة شهدت العديد من التظاهرات في عدد من القطاعات بإيران سواء على الجانب المطلبي أو السياسي لكن أكثر الفئات تظاهرا هي الفئات العمالية.
وأشار إلى أن التضييق على الحريات النقابية والعمالية علاوة على الحريات السياسية تفاقم في الآونة الأخيرة بالتزامن مع الضغط الدولي حاليا بعد تغير الإدارة الأمريكية ومخاوف التيار المحافظ من أي تحرك لتيار الإصلاحيين واتهامه بمحاولة إسقاط النظام.
ولفت إلى وجود عاملين يلعبان دورا في الاحتجاجات الأول غياب رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام علي أكبر هاشمي رفسنجاني والتركة السياسية الثقيلة التي تركها خلال محاولاته إحداث تغيير في منصب مرشد الثورة وإيجاد بديل لعلي خامنئي وهو الأمر الذي لقي ترحيبا لدى كثير من الإيرانيين.
ورأى أن التيار الإصلاحي في إيران يعاني من أزمة كبيرة بعد وفاة رفسنجاني وضياع ابتكار حلول عملية لإصلاح النظام في إيران علاوة على فشل الرئيس روحاني من الوفاء بوعوده بفك الإقامة الجبرية عن قادة الإصلاحيين أمثال مهدي كروبي ومير موسوي وغيرهم .
اما العامل الثاني فقال العتوم إنه يرجع لتغير الإدارة الأمريكية وضغط الرئيس دونالد ترامب على إيران لتعديل الاتفاق النووي وهو الأمر الذي يستغله المحافظون ويتهمون أصحاب المطالب بأنهم جزء من "الفتنة" التي تتعامل مع الغرب من أجل إسقاط النظام.
ولفت إلى أن التيار المحافظ يستغل الاحتجاجات للحديث عن خطة مبيتة للاطاحة بالنظام ويقوم بالترويج من خلال وسائل الإعلام المقربة منه إلى أن التيار الإصلاحي يتعامل مع الغرب ضد إيران وبالتالي يخلق النظام مبررا لمزيد من التضييق على الإصلاحيين وتقوية موقفه بتقديم مرشح محافظ ربما يكون الوجه الانسب لمقارعة سياسية مع العالم.
وأشار العتوم إلى أن إحدى الفرضيات لتزايد الاحتجاج تتحدث عن رغبة النظام بحشر الرئيس حسن روحاني ومجمل التيار الإصلاحي في الزاوية باعتبار أنه فشل في تحقيق وعوده بتحسين الاقتصاد وتخفيض مستوى البطالة وتحسين رواتب الموظفين.
لكن على الرغم من ذلك يقول العتوم إن وتيرة الاحتجاجات في إيران تدلل على مؤشرات خطيرة بخصوص الوضع الداخلي نظرا لتزايدها بين الحين والآخر وظهور احتجاجات شبه يومية في منطقة الأحواز ذات الغالبية العربية وهو ما لا يرغب به النظام الإيراني.
وتوقع أن تنبئ المرحلة المقبلة بتطورات أكثر خطورة داخل إيران مع تصاعد الأزمات الاقتصادية واذا ما صدقت النوايا الأمريكية ربما تتجه إلى مزيد من العقوبات وحشرها في الزاوية لجعلها تنكفئ للخلف وتتراجع عن بعض التدخلات في الإقليم.
ويلقي التدخل العسكري الكبير الذي تقوم به طهران في سوريا عدد من دول المنطقة بظلاله على الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطن الإيراني.
وكشفت إحصائيات إيرانية عن أن عدد العاطلين عن العمل في إيران بلغ 10 ملايين شخص في حينه بالإضافة إلى وجود 15 ألف أسرة مشردة في شوارع طهران تلتحف الصناديق الورقية.
وكانت صحيفة "شهروند" الإيرانية نشرت صورا صادمة لإيرانيين يعيشون في المقابر جنوب العاصمة طهران الأمر الذي أحدث ضجة لدى الرأي العام الإيراني.
وقام مسؤولون إيرانيون في ناحية شهريار جنوب العاصمة كما تظهر الصور التي نشرتها الصحيفة نهاية العام الماضي بطرد المشردين من المقبرة دون توفير مأوى لهم.
وقال موقع "آمد نيوز" الإصلاحي في حينه أن عددا من نشطاء الجميعات الخيرية الإيرانية توجهوا للمقبرة من أجل مساعدة المشردين إلا أنهم لم يجدوا أي واحد منهم.
وقال أحد النشطاء إنه التقى بواحد من سكان المقابر بعد هروبه من الاعتقال وأخبره بأن عناصر الناحية اقتادوا بقية سكان المقبرة وهم حوالي 300 شخص بينهم نساء وأطفال إلى خارج المقبرة ويعتقد أنهم تركوهم في شوارع المدينة وأقفلوا أبواب المقبرة.